دولي
قصة 18 حكومة فلسطينية: سلطة تنفيذية بلا دولة
دخل اشتية الحكومة الحالية من عباءة فتح
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 11 ماي 2019
وسط الكثير من الأزمات والضغوط بدأ محمد اشتية عمله رئيساً للحكومة الفلسطينية الثامنة عشرة، ليكون رئيس الوزراء السابع منذ تأسيس السلطة الفلسطينية في العام 1994، في منصب شهد تاريخاً طويلاً من الخصام و"الحرد" والتنازع على الصلاحيات والإقالة، بسبب ضغوط داخلية أو أزمات اقتصادية عصفت بالسلطة. ولم يحدث أن غادر رئيس حكومة بشكل سلس وهادئ من دون أزمات. وربما يختصر استعراض إخفاق الحكومات الفلسطينية الـ17 الماضية، وتلك الحالية، الأزمة الأصلية التي أرساها مسار اتفاقيات أوسلو، أي أن السلطة، وذراعها التنفيذية، أصبحت مطلباً لذاته، ذلك أن لا دولة أصلاً لهذه السلطة ولحكومتها.
خريطة الحكومات السابقة تشير إلى أن حركة فتح، التي لها الكلمة الأولى في تشكيل الحكومات، كانت أيضاً صاحبة القول الفصل في إنهائها. كما تشير خريطة الحكومات المتعاقبة إلى أن النظام الديمقراطي النيابي الفلسطيني تم تعطيله بشكل كامل. وفي أولى مهام سفره للخارج، شارك اشتية بمؤتمر المانحين في بروكسل، الذي عقد في 30 إبريل/نيسان الماضي، وحاول تجنيد دعم اقتصادي للسلطة الفلسطينية التي تعاني من أزمة مالية خانقة. وفي أولى جلسات عمل الحكومة الجديدة قبل أيام، وصل وأعضاء من حكومته سيراً على الأقدام إلى مقر الحكومة، في رسائل للشارع أنه قريب من الناس ولن يكون مثل سلفه.
لكن هذه الرسائل ليست غريبة أو كافية لتحصين نفسه من مصير أسلافه. فرئيس الوزراء الأسبق سلام فياض وصل إلى أبعد خربة وقرية في الضفة الغربية، وقطف الزيتون ودشن آبار مياه في مناطق نائية، ووصل إلى أراضٍ فلسطينية لم تطأها قدما الرئيس محمود عباس. ومع ذلك تمت إقالته بعد تنازع على الصلاحيات مع عباس، ورفض فتحاوي معلن له، وأزمة اقتصادية أعقبتها احتجاجات شعبية، تم فيها إحراق صوره في الشارع.
ويعتبر اشتية رئيس الوزراء الرابع الذي يخرج من عباءة حركة فتح بعد الرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي تولى رئاسة خمس حكومات منذ تأسيس السلطة، بين 1994 و2003، والذي رضخ لضغوط أميركية وإسرائيلية بتحجيم دوره بسبب انتفاضة الأقصى، فاختار أمين سر اللجنة التنفيذية حينها محمود عباس رئيساً للوزراء في إبريل/نيسان 2003. لكن التنازع الكبير على الصلاحيات بين الرجلين، أدى إلى استقالة الأخير بعد أقل من ستة أشهر، ليختار عرفات أحمد قريع، عضو مركزية "فتح" في ذلك الوقت، ليترأس الحكومات الفلسطينية السابعة والثامنة والتاسعة حتى مارس/آذار 2006.
ذات السيناريو الفتحاوي، تكرر مع رئيس الوزراء السابق رامي الحمد لله، إذ قام المجلس الثوري لحركة فتح بإرسال توصية موقعة باسم عشرات الأعضاء إلى عباس، بضرورة إقالة حكومة الحمد لله. ورغم أن الحركة لم تر في الحمد لله خطراً أو تهديداً حقيقياً للاستحواذ على السلطة، بدليل انقسام آراء مركزية "فتح" بين مؤيد للإقالة ورافض لها، فإن الاستياء الشعبي المتزايد من سياسته، وكان آخر تعبيراته تظاهرات الضمان الاجتماعي التي شارك فيها الآلاف، جعل "فتح" تتخوف أن يرتد عليها هذا الغضب.