دولي
غزّة تتزيّن بصور الشهداء والمدن في مليونية العودة: هذه الأرض لنا
الاحتلال يحتجز جثامين 11 شهيداً منذ انطلاق "مسيرات العودة"
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 30 مارس 2019
• عباس: الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية آتية
• الخارجية الإيرانية عن "يوم الأرض": نقطة تحوّل بالنضال الفلسطيني
• الجامعة العربية تجدد الدعوة لحماية دولية للشعب الفلسطيني
تزيّنت مخيمات العودة الخمسة، على الحدود الشرقية لقطاع غزة مع الأراضي المحتلة، بالأعلام الفلسطينية، وصور شهداء مسيرات العودة وكسر الحصار، وأسماء وصور المُدن الفلسطينية التي طُرد منها أصحابها غصباً عنهم، في مليونية الأرض والعودة وكسر الحصار، إحياءً لذكرى يوم الأرض، والذي يصادف الثلاثين من مارس/آذار، واشتعلت الحدود الشرقية لقطاع غزة بالأغاني والأناشيد الوطنية الثورية التي ألهبت حماسة المشاركين، وعنونت اليافطة المركزية للمظاهرات بشعار "مليونية الأرض والعودة وكسر الحصار".
شاركت الحشود في المليونية التي دعت إليها الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار بمناسبة ذكرى يوم الأرض، وتصادف مرور عام على انطلاق مسيرات العودة، والتي طالب من خلالها الفلسطينيون بحقهم التاريخي في أراضيهم التي هُجروا منها قسراً عام 1948 على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي، ولم يمنع خبر استشهاد المواطن الفلسطيني محمد سعد (20 عاما)، على الحدود الشرقية، في ساعات الصباح الأولى، إثر إصابته بشظايا في الرأس من قبل قوات الاحتلال، الجماهير الفلسطينية، من التوافد والزحف نحو السياج الفاصل، إذ شكلت مليونية الأرض والعودة ذروة مسيرات العودة وكسر الحصار، وعكست رغبة الفلسطينيين الحقيقية في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية، وكسر الحصار عن غزة، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم وقرى آبائهم وأجدادهم.
• أجيال تتحدى الاحتلال حتى تحرير الأرض
وأظهرت المشاركة الواسعة في تظاهرات المليونية، مدى التفاف الجماهير الفلسطينية حول خيار العودة وإنهاء الاحتلال، على الرغم من مواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلي استخدامها القوة في مواجهة المتظاهرين العُزل، كذلك الضخ الإعلامي المكثف الذي شنته الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي ومنسق أنشطة حكومة الاحتلال، ضد المليونية.
في الخطوط الأمامية للمسيرات، بدا الوضع ساخناً، على الرغم من الأمطار وبرودة الأجواء، إذ شهدت نشاطاً واضحاً للمجموعات الشبابية. وعمل متظاهرون فلسطينيون على إعادة رمي قنابل الغاز إلى مطلقيها، في محاولة للضغط على قوات الاحتلال الإسرائيلي، لوقف اعتداءاتها المتواصلة ضد المدنيين العُزل.وقوبلت الجماهير الفلسطينية الغاضبة، والتي هتفت بصوت عالٍ ضد الاحتلال، والمطالبة بالعودة وكسر الحصار، باستخدام القوة من قبل الجنود الإسرائيليين المدججين بمختلف أنواع الأسلحة، ما ألهب الأجواء، حيث أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي الرصاص الحيّ والمطاطي باتجاه المتظاهرين، إلى جانب استهدافهم برشقات متتالية من قنابل غاز الأعصاب السام، والغاز المسيل للدموع، عبر البنادق والراجمات، إلا أن ذلك لم يمنع الجموع من مواصلة الهتاف وعمليات الكر والفر، والتقدم نحو خطوط التماس.
ولم تفرّق قوات الاحتلال الإسرائيلي بين الأطفال والنساء والطواقم الطبية والصحافية والمتظاهرين العُزل، على الرغم من عدم تشكيلهم أي خطر أو تهديد على الجنود المتمركزين على طول الشريط الحدودي. وتعدّت قنابل الغاز مناطق التماس، ووصلت إلى مخيمات العودة، والتي تبعد نحو 700 متر عن السياج الحدودي.
وبدت مليونية الأرض والعودة، والتي أتم فيها الفلسطينيون عاماً من جُمَع الغضب والفعاليات الاحتجاجية البرية والبحرية، مختلفة عن المظاهرات السابقة، حيث الحشد اللافت، والإصرار الفلسطيني على مواصلة الأنشطة، سعياً لتحقيق الأهداف، على الرغم من التهديدات الإسرائيلية المتواصلة على المستويات السياسية كافة، والتعزيزات الإسرائيلية المتواصلة على طول الشريط الحدودي، ولسان حالهم يقول "لن ترهبنا كل تلك الممارسات، ولن نتخلى عن حقنا أبداً".
• الاحتلال يحتجز جثامين 11 شهيداً منذ انطلاق "مسيرات العودة"
"نفسي رمزي يرتاح ونرتاح من بعدو"، بهذه العبارة اختصرت العشرينية الفلسطينية ريم محمد النجار حسرتها وانتظارها بمعية أسرتها، على أحرّ من الجمر، الأخبار المتعلقة بمصير جثمان شقيقها رمزي الذي قتله جنود الاحتلال الإسرائيلي بالرصاص، قرب الحدود مع مخيم العودة، شرق خانيونس جنوب قطاع غزة.
واستشهد الشاب الفلسطيني رمزي (29 عاماً) بعد إصابته بطلق ناري متفجّر في منطقة الرأس، قبل عشرة أشهر، خلال إحدى التظاهرات القريبة من الحدود، في أعقاب استشهاد المسعفة المتطوعة رزان النجار، ومنذ ذلك الوقت تحتجز سلطات الاحتلال الإسرائيلي جثمانه وجثامين آخرين.وبصوت حزين، تعبّر شقيقته ريم عن أملها في استعادة جثمانه، لتحظى بلقاء يشفي حزنها الذي يتواصل منذ عشرة أشهر. تجلس ريم، التي تقطن في بلدة خزاعة، بجوار ما تبقّى من مقتنيات شقيقها رمزي، صور وملابس ومكان نومه، وتقول لـ"العربي الجديد": "شقيقي رمزي كان عمود البيت، وهو الذي كان يصرف علينا، ويجلب المال لإطعام أشقائي التسعة".
وتبيّن أنّ حالة الحزن ما زالت تخيّم على منزل عائلتها، بسبب عدم تمكّنهم من استلام جثمانه وتشييعه، وتقول: "في الحي الذي نسكنه شاهدنا جنازات عدة، ولكنني لم ألمس جسد رمزي حتى الآن، في إشارة إلى شوقها لوداعه وإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه".
وتنتظر والدة الشهيد، الجثمان المُحتجز، على أحر من الجمر، من أجل أن تُقبّل نجلها قبلة الوداع الأخيرة.وقالت والدة الشهيد، لـ"العربي الجديد": "لا نعرف مصيره، وكل ما نعرفه أنه أُطلقت النار عليه، وتم سحبه من قبل جنود الاحتلال، وبعد أيام أخبرونا باستشهاده، وحُرمنا من وداعه".وتطالب شقيقته، الجهات الحقوقية والصليب الأحمر، بتكثيف جهودهم من أجل إعادة جثمانه، لأنه انتهاك لحقوق الإنسان ولكل المعايير الدولية.
• عباس: الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية آتية
إلى ذلك أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، السبت، أن فلسطين لن تكون إلا للفلسطينيين، وأن الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية آتية لا محالة.وأضاف في تصريحات له بمناسبة ذكرى يوم الأرض، أن "المعاناة التي عاناها الشعب الفلسطيني على مدار 100 عام والتضحيات الجسام التي قدمها هذا الشعب العظيم لن تذهب هدرا".
وقال الرئيس عباس، إن "ذكرى يوم الأرض الخالد، مناسبة لنجدد العهد لشعبنا على التمسك بالثوابت والحفاظ على المقدرات. وبأننا بصمود شعبنا قادرون على إفشال المؤامرات كافة التي تحاك ضده".وحيّا عباس بهذه المناسبة دماء شهداء يوم الأرض وكافة شهداء الشعب الفلسطيني والأمة العربية وأحرار العالم، الذين استشهدوا من أجل فلسطين، وكذلك الجرحى والأسرى، مجددا التأكيد أن "لا تنازل عن حرية الأسرى البواسل"، ومتمنيا الشفاء العاجل للجرحى الأبطال.
من جانبه، قال رئيس الوزراء المكلّف بتشكيل الحكومة الفلسطينية القادمة، محمد اشتية، إن "استراتيجية حكومته ستقوم على تعزيز صمود الشعب الفلسطيني والدفاع عن أراضيه وموارده والتصدي للتوسّع الاستعماري الاستيطاني".وشدّد اشتية في تصريح صحافي صدر عنه السبت، بمناسبة إحياء ذكرى يوم الأرض، على أن سعي حكومة الاحتلال للسيطرة على أوسع منطقة جغرافية بأقل عدد ممكن من السكان الفلسطينيين، سيقابله تمسك فلسطيني أكبر بالأرض وتوفير كافة المقومات لتعزيز صمود المواطنين فوق أرضهم والتصدي للهجمة الاستيطانية المستمرة.
وأشار اشتية إلى أن عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية الإسرائيلية في نهاية عام 2017 في الضفة الغربية وصل إلى 435 موقعا منها 150 مستعمرة و116 بؤرة استيطانية.وأضاف: "إسرائيل تقوم بشكل مكثف وممنهج بتهويد مدينة القدس وقامت مؤخرا بإصدار أوامر ترحيل لـ12 تجمعا بدويا شرقي القدس، وترخيص آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة".
• الخارجية الإيرانية عن "يوم الأرض": نقطة تحوّل بالنضال الفلسطيني
في حين قالت الخارجية الإيرانية، في بيان، السبت، بمناسبة "يوم الأرض"، إن هذا اليوم "نقطة تحول في تاريخ وثقافة نضال ومقاومة الفلسطينيين، ولعب دورا هاما في إحياء المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني منذ العام 1976".
وبحسب وكالة "تسنيم" الإيرانية، لفت بيان الخارجية الإيرانية إلى أن "الشعب الفلسطيني المظلوم روى بالدماء الطاهرة لكثير من أبنائه شجرة المقاومة العظيمة، فتحول يوم الأرض إلى جزء لا يتجزأ من حياته السياسية والنضالية المستمرة ضد العنف والتمييز العرقي، ومصادرة الأرض وتدمير القرى والتشريد".وأضاف البيان أن "إجراءات الرئيس الأميركي (دونالد ترامب) خلال العام الأخير، منها الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل السفارة الأميركية إليها، وآخرها المتمثل في الاعتراف بالجولان المحتل كجزء من الكيان الصهيوني المزيف واللامشروع، وبذل الجهود في سبيل تنفيذ ما يسمى بصفقة القرن، تؤكد هذه الحقيقة أن مقاومة الفلسطينيين وصمودهم ضد هذا الكيان هما المسيرة الصحيحة، وأن يوم الأرض أحد رموزها".
وختمت الخارجية الإيرانية بيانها بالتأكيد على أن "استقرار السلام الدائم والعادل في عموم المنطقة يتوقف على مواصلة المقاومة حتى إنهاء احتلال فلسطين بالكامل، وعودة جميع اللاجئين إلى أرضهم، وتأسيس النظام الفلسطيني المستقبلي على أساس نتائج استفتاء يشارك فيه جميع سكان الأرض الأصليين وتشكيل الدولة الفلسطينية الموحدة وعاصمتها القدس".
• الجامعة العربية تجدد الدعوة لحماية دولية للشعب الفلسطيني
أما جامعة الدول العربية، فقد دعت المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته والتحرك لاتخاذ خطوات جادة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، والعمل على تأمين حماية دولية للشعب الفلسطيني في وطنه، وتمكينه من ممارسة تطلعاته وحقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال بدولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وإلزام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، والعمل من أجل التوصل لحل شاملٍ عادلٍ قائم على دولتين، وفق القوانين والقرارات الدولية، ووفق مبادرة السلام العربية.
وطالبت الجامعة العربية في بيانها الصادر عن "قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة"، بمناسبة الذكرى 43 ليوم الأرض للشعب الفلسطيني والذي يوافق الثلاثين من مارس/ آذار من كل عام، الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، بالضغط على إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) لوقف سياساتها وانتهاكاتها بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
وأكد البيان، على دعم الجامعة العربية الكامل لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، داعية كافة المؤسسات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي، وجميع الأحرار في العالم إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم تجاه الشعب الفلسطيني، والعمل الفوري على وقف الجرائم اليومية المتواصلة التي ترتكبها إسرائيل ضده.
وقالت الجامعة العربية في بيانها، إن استذكارنا لهذا اليوم هو استذكار لتضحيات الشعب الفلسطيني، ووفاء لشهدائه الأبرار ولدمائهم الزكية التي روت أرجاء الأرض الفلسطينية دفاعا عن الوطن وهويته ومقدساته وكرامته، وللجرحى والأسرى الذين دافعوا عن حقوقه المشروعة وهويته الراسخة، ودعما لصمود الشعب الفلسطيني المرابط على أرضه وفوق تراب وطنه أمام آلة القمع والتدمير الإسرائيلية، ومساندة لأبناء الشعب الفلسطيني في الداخل عام 1948 للتصدي للسياسات القمعية والقوانين العنصرية، وكافة أشكال التمييز الذي يتعرضون له منذ قيام إسرائيل وحتى اللحظة، وخاصة "قانون القومية" العنصري الذي يمثل دعوة صريحة ومباشرة لممارسة سياسة التطهير العرقي والتهجير القسري، ويؤسس لنظام الفصل العنصري "الابارتهايد".
وأضاف البيان، أن ذكرى "يوم الأرض" التي تمخضت عن ذلك الحدث الكبير تأتي في ظل ظروف عصيبة وبالغة التعقيد تشهدها الأراضي الفلسطينية، وجميع الأراضي العربية المحتلة التي تواجه سياسات عنف وتطهير عرقي وتهويد للأرض والمقدسات، وتدنيس للمسجد الأقصى المبارك وهدم المنازل في كافة المدن والقرى الفلسطينية والعربية المحتلة وخاصة مدينة القدس، والنقب الفلسطيني والجولان العربي السوري المحتل، وفرض سياسات الأمر الواقع وإعادة رسم خارطة جديدة على أساس من الغطرسة والقوة.
• شهيد وعشرات الإصابات برصاص الاحتلال في "مليونية الأرض والعودة"
وتزامنا والذكرى استشهد فلسطيني وأصيب العشرات، السبت، بعد قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي "مليونية الأرض والعودة"، على الحدود الشرقية لقطاع غزة، وقالت مصادر طبية إن الشاب أدهم نضال صقر عمارة (17 عاما)، استشهد من جراء إصابة مباشرة في الوجه شرق غزة. وذكرت المصادر ذاتها أن نحو 50 فلسطينيا أصيبوا برصاص الاحتلال، حالة بعضهم خطرة.وأبعد عناصر من الأمن بالزيّ المدني المتظاهرين عن السياج الحدودي الفاصل، في ظل التفاهمات المبرمة بين الفصائل الفلسطينية والوفد الأمني المصري. ورغم ذلك، أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي الغاز بكثافة على المتظاهرين.واستخدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي الرصاص الحيّ أيضاً في تفريق المتظاهرين، لكنه بحدّة أقل من ذلك المستخدم في أوقات سابقة.
ونشرت وزارة الداخلية والأمن الوطني ثمانية آلاف عنصر من كافة الأجهزة الأمنية والشرطية والخدماتية في محافظات قطاع غزة، في إطار مساندتها لإحياء فعاليات "مليونية الأرض والعودة"، وفق ما أعلن الناطق باسمها إياد البزم.ورغم الطمأنات بشأن عدم تعرض الاحتلال للمتظاهرين، نشرت وزارة الصحّة والهيئات المحلية نقاطاً طبّية في نقاط التماسّ الخمس، إضافة إلى عشرات سيارات الإسعاف. وفي مجمع الشفاء الطبّي الأكبر في مدينة غزة، نُصبت خيام لاستقبال حالات الطوارئ.
وقبيل المسيرات، اتهمت الهيئة الوطنية الاحتلال الإسرائيلي باختراق الصفحة الرسمية للمسيرات على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وإرسال رسائل تحريضية لمنع مشاركة الفلسطينيين في التظاهرات.