الثقافي

أرزقي فراد: آيت منڤلات أحد نوابغ الشعر الأمازيغي الحديث

قال بأنه من حقنا أن نعتبره قمة مضافة إلى جبال جرجرة الشاهقة

 قال المؤرخ محمد آرزقي فراد:"إذا كان المصريون يتطلعون  إلى بروز "هرم جديد" يضاف إلى مجد مصر -على غرار الأديب نجيب محفوظ، فمن حقنا أن نعتبر لونيس آيت منڤلات "قمة" مضافة إلى جبال  جرجرة  الشاهقة، وليس من باب المبالغة إن عُدّ ضمن نوابغ الشعر الأمازيغي الحديث."

وأضاف فراد، في قراءة لمسار الفنان أن :" أغاني لونيس  تميزت بالتنوع وسايرت مراحل عمره، فبدأ بالأغنية العاطفية والاجتماعية، ثم تلتها الأغنية السياسية الملتزمة، وفي الأخير توج مساره بأغنية الحكمة ذات المدلول الفلسفي، إنه سفير الأغنية القبائلية الأمازيغية إلى  الإنسانية."

وحول بداية المسار الفني لآيت منڤلات، قال الكاتب إن:" لونيس  سكنته الأغنية منذ طفولته المبكرة حين جلب عمه مبارك أيت منڤلات أول مذياع إلى مسقط رأسه، أما احتكاكه بآلة القيثارة فقد كان بمحض الصدفة إثر جلب أخوه هذه الآلة إلى المنزل وهو لا يعرف العزف فأخذ لونيس يداعبها إلى أن تعلم العزف بطريقة عصامية."

وأفاد الكاتب أن :"الشعر بالنسبة لآيت منڤلات، كان يؤدي وظيفة الدعوة للمبادئ والقيم وجعله لونيس وسيلة لممارسة وظيفة النقد في المجتمع قصد تحريك الأوضاع نحو حياة أفضل."

وعن التوجه الرومانسي في فن منڤلات، قال فراد :"يحمل الشاعر الفنان لونيس آيت منڤلات في نفسه شيئا من الرومانسية المتميزة بطغيان العاطفة وحب الطبيعة بمسحة تشاؤمية كما جاء  شعره متقاطعا  مع العديد من الشعراء الكبار في العالم كعمر الخيام، والمتنبي، وجبران خليل جبران، وأبي القاسم الشابي، بل وحتى مع "الشيخ الأكبر" الصوفي محي الدين بن عربي  في قوله: تحيا إذا قتلت، حين قال الفنان لونيس آيت منڤلات: قد يكون السيف القاتل هو محيينا."

وأردف المؤرخ أن :"آيت منڤلات من أبرز  من خدموا الموروث اللغوي الأمازيغي، فلقد شكلت المسألة الأمازيغية أهم الهواجس التي شغلت لونيس آيت منڤلات وأدرك أهمية تدوين الثقافة الأمازيغية، لصيانتها من الاندثار حيث قال:  حافظوا على لغتكم  المنقولة عبر الأجيال شفهيا، الآن صارت مكتوبة وتدركها أجيال الخلف".

وعن البعد الفلسفي لفن لونيس، قال آرزقي فراد :" لقد انفرد الشاعر الفنان لونيس آيت منڤلات بميزة إضفاء المسحة الفلسفية بعمق على الأغنية الأمازيغية من خلال إعمال النظر في ماضي الإنسان والغوص في أسرار الحياة  وأجرى شاعرنا أفكاره الفلسفية على لســـان "أمغار" (الشيخ المسن) المحنك، وعلى لسان المجنون أحيانا أخرى كما هو باد في أغنية: "سَرَّحْ إوَمَانْ أذلْحُونْ" (دع الماء ينساب) و تحمل فلسفته بصمات الفلسفة الفارسية المتأثرة بالفلسفة الهندية البادية في كتابات ابن المقفع  والشاعر عمر الخيام، كما تحمل بصمات الصوفية من خلال حكم الشيخ مُحَندْ وَلْحُسين، وفيها أيضا بصمة "الفلسفة الوجودية" من خلال إشارته إلى ضرورة تلافي تعكير صفو الحياة الجميلة بهاجس الموت، الذي لا يعني الموتى وفق هذه الفلسفة."

وأما عن بعدها الروحي، فأردف المؤرخ فراد قائلا :" كانت منطقة آث منڤلات (عين الحمام حاليا) التي ينتمي إليها شاعرنا مهدا للثقافة الإسلامية والتصوف، فقد أنجبت علماء كثيرين ذاعت شهرتهم في المغرب والمشرق، فمن الطبيعي أن تحمل بعض أغاني لونيس آيت منڤلات "مسحة روحية" والعجيب أن هذه البصمة قد برزت بوضوح في بداية مساره، وهذه نماذج منها:  أغنية " وَكْلَغْ رَبِّي" (أوكلتُ أمري لله) جاء فيها: إليك أتوجه ربّي/  لإنقاذي من هاجس الخوف/  فأنت المنقذ.."

وخلص، محمد آرزقي فراد ، إلى أنه:"رغم سمو مكانة الحكيم لونيس آيت منڤلات بين أهله، إلا أنه نأى بنجوميته عن الغرور، فهو يتحلى بالتواضع والإيثار والكرم، ويقيم بين أهله في قريتة "إغيل بواماس" بأعالي جبال جرجرة  واضعا تجربته الفنية في خدمة الشباب والصالح العام.

فريدة. س

 

من نفس القسم الثقافي