الوطن

حالة استنفار لتجنيد المُتعاطفين لسد فراغ التقويميين

تحسبا لشبح انتكاسة انتخابية في الأفق لدى الأرندي

 

في بادرة لم يسبقه فيها سوى حزب العمال عام 2002، قررت قيادة الأرندي فتح قوائمها الانتخابية للمتعاطفين مع حزب التجمع الذي يقوده أحمد أويحيى وذلك سعيا لسد الفراغ الذي يتركه التقويميون الذين قرروا هم بدورهم الدخول في الانتخابات المحلية القادمة منضوين تحت غطاء القوائم المستقلة.

وهي خطوة من شأنها إضعاف حظوظ التجمع الوطني الديمقراطي الذي يعتبر بحساب عدد مقاعده البرلمانية القوة السياسية الثانية في البلاد، أما بحساب مقاعده على مستوى المجالس المحلية المنتخبة يأتي ثالثا بعد جبهة التحرير والجبهة الوطنية الجزائرية. ويراهن تقويميو الأرندي على سحب البساط من قيادة الحزب بتحويل الوعاء الانتخابي من خلال استمالة القواعد في 14 ولاية على الأقل وهي الولايات التي عرف فيها مسؤولو المكاتب المحلية للتجمع ضربات "سيف الحجاج" وأبعدتهم في ضوء نتائج تشريعيات 10 ماي الفارط. هذا بالإضافة إلى ثماني ولايات عرفت ولازالت تشهد انعكاسات نفس الاستحقاق الذي ألقت معركة القوائم بظلالها عليها حين ثائرة المبعدين ورفضوا تحويلها إلى "محميات" لصالح إطارات من الصف الأول احتكرت كل المواقع بتزكية الأمين العام نفسه. 

وما زاد طين الحزب بلة تلك الخرجات التي رددها المسؤول الأول للتجمع الوطني الديمقراطي في ظل تسويق "عذر أقبح من ذنب" على وقع احتجاجات واستقالات جماعية في عدة ولايات على غرار البيض وبشار وقسنطينة ومعسكر مضمونها: "الليماعجبوش الحال يروح يترشح خارج التجمع". نطق قرأه المَقصيون بمثابة حكم وموقف صريح لـ"خصخصة الحزب" وتأميم هياكله.

وكانت "قوائم الاحتكار" نقطة انعطاف حاسمة في حياة الحزب إذ أصبحت عنوانا لتحول بوصلة الكثير من كوادر الحزب والتي لجأت للترشح في قوائم مستقلة أو تحت عناوين أخرى لأحزاب حديثة العهد بالفعل الانتخابي ضمن كوكبة الأحزاب الـ21 المعتمدة عشية الاستحقاق الأخير. 

وقد فتحت هذه الخطوة باب الانصراف على مصراعيه باتجاه ساحة التقويمية، التي وجدت في مواقف القيادة الحالية للحزب "تصرفات ستالينية" يهيمن عليها ثلة من أعضاء المكتب الوطني لم يتغيروا منذ تأسيس الحزب الذي تحول، حسب أحد التقويميين، إلى مرتع للزبائنية، المحاباة، الوصولية وحسابات ضيقة أبعدته عن الفعل السياسي الجاد والتسيير الديمقراطي للتجمع. 

وجاءت نتائج حصاد التجمع في التشريعيات الأخيرة )68 مقعدا أي بزيادة خمسة مقاعد عن العهدة المنتهية فقط ( لتدق ناقوس الإنذار على مستوى القيادة التي استشعرت الخطر القادم رأت فيه بوادر انتكاسة انتخابية في الأفق. ودق خلالها التقويميون عدة ضربات في مواقع هامة من قلاع التجمع الوطني الديمقراطي الذي بات قاب قوسين من التفكك والضعف وانكسار شوكته. 

هزال تحاول إطارات قيادية سابقة الاستثمار فيه ولملمته من أجل إعادة تجميع كل الغاضبين أو المغضوب عليهم حوله تحت لواء حركة إعادة تقويم الحزب تقودها الأمينة العامة والمبعدة لاتحاد النساء الجزائريات نورية حفصي والسيناتور السابق عن ولاية باتنة بن حصير ورئيس المجلس الشعبي لبلدية الجزائر الوسطى طيب زيتوني ووزراء سابقون وقياديون آخرون لعدة منظمات جماهيرية كان لهم باع في أوساط التجمع من خلال ما يعرف عنهم من قدرة على التعبئة والتوعية والخطاب. 

وتجري الحركة التي اختارت البويرة موطئ قدم للقاءاتها الوطنية ومنطلق تحركاتها، حيث تلتقي أواخر هذا الأسبوع لتقييم عملية الاستقطاب والخروج بقرارات تأطير عملية تحضير القوائم الانتخابية وتنصيب اللجنة المختصة بذلك. 

مقابل ذلك أعلنت القيادة الحزبية عن فتح أبواب الترشح لمن أراد من متعاطفي التجمع الوطني الديمقراطي خلافا لما تنُص عليه مواثيق الحزب من كفاءة، وخبرة وأقدمية كمعايير لتبوء مكانة في قوائم الحزب. جاء ذلك في اجتماع لمكتب ولاية الجزائر انعقد السبت الماضي حول تقييم تقدم عملية الانخراط والترشيحات على مستوى العاصمة. اجتماع تزامن واجتماعات المكاتب الولائية الأخرى حضره إلى جانب الأمين الولائي صديق شيهاب الناطق باسم التجمع ورئيس الكتلة البرلمانية لثلاث عهدات ميلود شرفي الذي أعلن القرار الذي توصلت إليه القيادة باستدراج مزيد من المنخرطين عن طريق باب الترشح المفتوح الذي ظل موصدا في وجه مناضلي القواعد التي صنعت مجد الحزب في حقبات سالفة. 

فهل يفلح أويحيى من تخطي عقبة التقويميين ورأب الصدع الذي تسببوا فيه بانشقاقهم عن صفوف الحزب وتخطيهم أميالا على طريق المعارضة باستقدامه المتعاطفين بدل المناضلين؟ وهل تنجح التقويمية من تخطي عقبة الإدارة التي تترصد كل شاردة وواردة خارج سلطة الأحزاب المهيمنة إلا وأقصتها؟ هذا ما ستبينه الأيام القادمة الكفيلة بتمحيص فعالية المعارضة داخل التجمع، والتي تنادي برأس الأمين العام من خلال دعوتها لمؤتمر استثنائي من أجل تصفية كل الحسابات.

طارق مروان 

 

من نفس القسم الوطن