الثقافي

إصدار جديد للكاتب الصحفي محمد زتيلي

على الرفّ

 

صدر مؤخرا عن دار النشر «المؤلفات للنشر والتوزيع» بحمام الضلعة بولاية المسيلة، مؤلَّف جديد للكاتب الصحفي محمد زتيلي بعنوان «في الثقافة والديمقراطية مساهمات في تحرير الفكر والثقافة» يتضمن 248 صفحة.  

وقّع محمد زتيلي الذي يشغل حاليا منصب مدير المسرح الجهوي لقسنطينة، مؤخرا مؤلفه الجديد بالمكتبة الرئيسة لولاية ميلة، بمبادرة من مديرية الثقافة وبحضور مثقفين، يتطرق الكتاب في جزئه الأول لقضايا نظرية، فيما يشمل الثاني محاورات ولقاءات مع عدد من رموز النخب وأقطاب الفكر والإبداع الأدبي من الجزائر خاصة، وآخرين من بعض الدول العربية حول مسائل عديدة مرتبطة بالثقافة والديمقراطية وحرية التعبير وإشكاليات الهوية والتراث والحداثة. 

ومن بين الكتّاب والمثقفين الذين حاورهم محمد زتيلي قبل سنة 1989 عقب أحداث 5 أكتوبر 1988، نجد مرزاق علواش وواسيني لعرج وعبد الله الركيبي والطاهر وطار وزينب الأعوج وعبد العزيز غرمول وغيرهم. 

لا يُعد هذا الكتاب عملا أكاديميا لنيل شهادة جامعية، كما قال المؤلف في محاضرة ألقاها بالمناسبة بميلة، وإنما اعتبره «وثيقة « تحمل خلاصة ما كتبته «شريحة من المثقفين والنخب الفكرية» قبل مرحلة التعددية السياسية، تناولت قضايا ومسائل هامة ومعقدة بكثير أو قليل من «الجرأة»، التي «قد نفتقدها اليوم في عصر التعددية والانفتاح السياسي والإعلامي». 

في تعليق له حول كتابه الجديد اعتبر محمد زتيلي أن «المثقف الحقيقي هو الذي يعبّر عن آرائه بحرية، عندما لا يكون الطريق معبَّدا لذلك»؛ بمعني أنه مستعد لتحمّل تبعات ما يعبّر عنه بكل مسؤولية ومهما كانت الظروف، حسب تعبيره. 

وأضاف هذا الكاتب الذي بدأ النشر مطلع سبعينيات القرن الماضي، أن المثقف يمارس عادة السياسة من خلال فن الكتابة التي يوثقها، من خلال مقالات أو كتب أو استجوابات، فيما يمكن للسياسي أن يعبّر عن مواقف شفوية قد يغيّرها بعد فترة من ذلك. 

ومنذ البداية يؤكد محمد زتيلي في مقدمة كتابه، أنه لا يخامره التردد مطلقا في كون «النخبة الثقافية في الجزائر لعبت من خلال من يمثلها من مثقفين وفنانين وكتّاب وباحثين، دورها؛ إذ لم يُدخلوا رؤوسهم تحت أجنحتهم، بل عبّروا عن آرائهم قبل نشوب الحرائق، وكذلك أثناء ألسنة النار المستعرة». 

ويردّ الكاتب على ما وُجّه ويوجَّه من انتقادات لهذه النخب التي تتهمها بالتقصير في أداء واجبها، وبالسلبية تجاه الأحداث التي عاشتها البلاد. 

ورغم أن الكاتب تعامل مع محترفي الحرف العربي في هذا المؤلف؛ كونه واحدا منهم، إلا أنه اعتبر أن «المثقفين في الجزائر هم تلك الفئة الاجتماعية التي كتبت باللغتين العربية والفرنسية، كما عبّرت بلغات أخرى في الجزائر الشاسعة المتنوعة متعددة الثقافات والتعابير الشفوية والمدوّنة، ومختلف الموروثات الشفوية واليدوية والحركات التعبيرية والتراث متعدد التنوع». 

من بين المحاور التي تناولها الكتاب، على سبيل المثال لا الحصر، في جزئه الأول، حديث عن التجربة الديمقراطية الفتية بعيدا عن الضجيج والحوار الغائب في علاقة الإعلام بالمجتمع المدني والمعارضة السياسية بين ردود الأفعال والبحث عن مشروع مجتمع، وخريف الصحافة المستقلة في الجزائر، وسقوط المثقف العضوي، وميلاد مثقف الذاكرة، والعودة إلى التراث وبناء العقل العربي ومحاور أخرى. 

  أما الجزء الثاني من هذا الكتاب فقد اشتمل على محاورات قيّمة جدا مع رموز وأقطاب ثقافية، ومنهم الراحل الطاهر وطار، الذي كان يعتبر أن الأزمة في الجزائر «ثقافية» بالأساس، أو الروائي واسيني لعرج، الذي يؤكد أن «التعامل مع موضوع الثورة تم من موقع الذكرى والحنين»، أو عبد العزيز غرمول الذي يرى أن «المثقف الحقيقي خطاب قائم بذاته». 

ودعا محمد زتيلي في كتابة السلطات والمجتمع إلى احترام النخب المثقفة؛ لأنها «صانعة الأجيال»، داعيا إلى تمكينها من وسائل النشر، وتوفير المنابر الثقافية والإعلامية لها حتى تمارس دورها التاريخي بكل مسؤولية وحرية. 

للتذكير، فإن للأستاذ محمد زتيلي العديد من الأعمال الأدبية والمؤلفات، منها رواية «الأكواخ تحترق» (1977)، وديوان شعري « فصول الحب والتحول» (1982) وقصة للأطفال «الضفدعة والمطر» (1984)، و«فواصل في الحركة الأدبية والفكرية الجزائرية» (1984)، و«عودة حمار الحكيم»، ونصوص ساخرة  ورواية «عصافير النهر الكبير»، إلى جانب أربع مجموعات شعرية ومساهمات عدة.

ف. س

 

من نفس القسم الثقافي