الوطن
شباب يمضي رمضان في النوم نهارا واللعب واللهو ليلا
تجنبا للجوع والعطش، وتفاديا للمناظر غير اللائقة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 24 جولية 2012
يرتبط شهر رمضان في ذهن الكثير ارتباطا وثيقا بالسهر ليلا والنوم نهارا ويضيعون الوقت في الخمول والكسل دون مبالاة، وفي نظرهم هذا السلوك المثالي لتجنب الجوع والعطش، وتفاديا لرؤية المناظر غير اللائقة أو المفطرة، على حد تعبيرهم.
استطلاع: نسيمة ب.
أكد العديد من الشباب في جولة استطلاعية لـ "الرائد" أن النوم طيلة النهار لا علاقة له بثقل هذا الشهر أو أنهم لا يتحملون ساعات من الجوع وإنما أرجعوها إلى السلوك العام في الشارع الجزائري الذي لا يتركك تصوم بأتم معنى الكلمة نظرا للباس الفتيات الفاضح ولكلام الناس الذين يجبرونك على المشاجرة.
النوم حتى آذان المغرب والسهر حتى الفجر
قال محمد، 25 سنة، يعمل عون أمن في إحدى الشركات في هذا الصدد "إنه يفضل أخذ عطلته السنوية في شهر رمضان ليقضي غالبية الوقت نائما، تجنبا للإرهاق من جهة وكل ما يخدش الحياء مشيرا إلى لباس الفتيات الفاضح.
"حكيم" شاب في الثلاثين من عمره، وافق محمد رأيه، وأبدى استغرابه من لا حياء الفتيات اللواتي لا يفرقنا بين رمضان وباقي الأشهر الأخرى لا سيما في نوعية اللباس منهكين بذلك حرمة هذا الشهر، وشدد في سياق الحديث على غياب دور الآباء في ردعهن. ومن جهة أخرى لم يخف "حسان" تكاسله في شهر رمضان قائلا: "أنا نقولك الحق رمضان يغلبني وما يخلي فيا والو، خاصة مع غياب التدخين والقهوة ولتجنب النرفزة وحرقة الأعصاب أفضل النوم حتى الآذان".
أما "رابح" فقد أكد لـ "الرائد" أن "النوم لساعات طويلة من أفضل الطرق لأغلبية الشباب الذين لا يستطيعون التحكم لا في أعصابهم ولا في جوعهم وعطشهم، لا سيما ونحن نشهد أياما حارة تتعدى فيها درجة الحرارة معدلها الفصلي وما شجعني على النوم والسباحة في عالم آخر تحت الوسادة هي وجود المكيف الهوائي في غرفتي الذي لا يشعرني بحرارة الطقس ويتركني أنام في انتعاش"، متسائلا في سياق حديثه عن سبب خروجه من البيت صباحا وهو بطال لا عمل له ويترك النوم الذي يساعده، على حد تعبيره، في قضاء ليل في السهر مع أصدقائه، والأمر سيان بالنسبة لـ "عبد الرحمان" الذي قال إنه لا يزاول أي مهنة أو نشاط، مؤكدا أن النوم خلال شهر رمضان أمر ضروري بالنسبة له باعتباره تزامن مع العطلة، وبما أنه طالب سيكون ملجؤه النوم طيلة النهار في البيت، خاصة بسبب الحرارة المرتفعة التي لا تسمح حتى بالخروج إلى الشارع. وفي هذا الصدد يؤكد لنا ''عبد الجليل'' شاب بطال بأنه يعتبر النوم لفترة طويلة الطريقة الوحيدة بالنسبة له حتى لا يشعر بثقل وطول الوقت، حيث أنه معتاد على السهر لساعات متأخرة من الليل، ولذلك فليس أمامه ما يفعله في النهار إلا النوم، كما يضيف أنه لم يشهد من قبل في حياته شهر رمضان حار مثل هذه السنة لأنه كان صغيرا في السنوات الماضية، لذلك يتساءل عن كيفية تحمله للعطش. وهو الشأن نفسه بالنسبة لـ''سمير'' الذي يفضّل أن ينام هو أيضا طيلة اليوم خلال شهر رمضان لهذا العام، حيث يمكنه أن يستمتع ببرودة المكيف الهوائي بدل التعرض لحرارة الشمس اللافحة التي تزيد من عطشه وتجعله يتعب كثيرا. أما ''أسامة'' فباعتباره طالبا جامعيا وهو في عطلة الصيف فليس لديه ما يقضي به الوقت سوى الاسترخاء، ولا يستيقظ إلا عند منتصف النهار ثم يذهب للتسوق وبعدها يعود إلى البيت وينام مرة أخرى إلى غاية العصر، وهو برنامجه لشهر رمضان هذه السنة، حيث أبدى لنا ''أسامة'' تخوفه مما سيسببه هذا الجو الحار من إرهاق على الصائمين خاصة في الأيام الأولى.
ويقول "عمار": "أقضي معظم النهار في نوم عميق لا أستيقظ إلا في مواعيد الفطور والسهر طبيعي في رمضان"
ويضيف "أحمد ": "السهر طبيعي في رمضان لكن لحد المعقول الذي يمكِّن الإنسان من تأدية واجبه تجاه دينه وأحرص على السهر في العشر الأواخر من رمضان على أن يكون السهر للتهجد بعيداً عن اللعب ولا شيء يؤدي إلى تجريج الصيام.. والنهار دائماً في العمل الذي أحرص على أن أعود منه باكرًا لأخذ قسط من الراحة لكن لا أقضي نهاري في النوم مثل بعض الموظفين الذين يغوصون في نوم عميق داخل مكاتبهم بعيداً عن أعين مرؤوسيهم وبعضهم ينام داخل المسجد".
وفي هذا الشأن يقول ''سفيان''، موظف بإحدى الشركات، بأنه معتاد كل سنة أن يضبط عطلته السنوية مع حلول شهر رمضان لأنه يتعب كثيرا ولأنه إنسان مدخن، فإن الصيام يؤثر فيه كثيرا ويجعله يفقد أعصابه بسرعة، ولهذا فإنه يفضل أن يبقى في البيت وينام بعض الوقت حتى لا يتشاجر مع الناس.
يقول "عثمان": "إن رمضان شهر كريم والجميع يحبه ويقضي الليل في السهر ولعب الدومينو رغم أن النعاس يكون سيد الموقف حتى يتيسر لنا الأكل والشرب طوال الليل حتى لا نحس بالجوع والعطش في النهار، إلا أننا نحافظ على صلواتنا في مواعيدها وخصوصاً صلاة التراويح".
حتى الفتيات طالهن الإدمان على النوم
وتوضح "إيمان" أنها تسهر مع الأفلام والمسلسلات حتى تستيقظ باكرًا وتقول: "أنا أشاهد التلفاز بإدمان في الشهر الكريم، لكن هذا لا يجعلني أضيع وقت الصلاة خصوصاً الظهر والعصر وأحرص على صلاة التراويح.. وتتفق معها "سارة" في الرأي قائلة: "التلفاز وسيلة لمضيعة الوقت واعتبره ترفيها لا أكثر، وأحرص على النظافة في وقت متأخر من الليل حتى أستطيع أن انعم بالنوم طول اليوم".
أما بالنسبة للسيدة ''نادية'' فهي أيضا من النساء اللواتي يحصلن على عطلة في شهر رمضان الكريم، فعلى حد قولها فإن المسافة بين مقر عملها ومنزلها بعيدة، الأمر الذي يجعلها تعاني من التنقل يوميا، وبناء على ذلك تقرر كل سنة أن يتزامن تاريخ عطلتها مع هذا الشهر الكريم حتى يمكنها التفرغ لعائلتها أكثر وتلبية متطلبات أولادها الصغار.
النوم لا ينافي الصيام، لكن حذار من التفريط
يؤكد الشيخ ابن باز أن علماء الدين أجمعوا على أن الصائم إذا استيقظ في النهار - ولو لحظة واحدة - فإن صيامه صحيح، فإن لم يستيقظ واستغرق جميع النهار في النوم فجماهير العلماء أكدت أن صومه صحيح لأن النوم لا ينافي الصيام، فإنه لا يزيل الإحساس كليا بل متى نُبه انتبه.
إذا كان الأمر كما ذكر فالصيام صحيح ولكن استمرار الصائم غالب النهار نائماً تفريط منه، لا سيما وشهر رمضان عظيم ينبغي أن يستفيد منه المسلم فيما ينفعه من كثرة قراءة القرآن وطلب الرزق وتعلم العلم.
"لا حرج في النوم نهاراً وليلاً إذا لم يترتب عليه إضاعة شيء من الواجبات ولا ارتكاب شيء من المحرمات، والمشروع للمسلم سواء كان صائماً أو غيره عدم السهر بالليل، والمبادرة إلى النوم بعدما يسّر الله له من قيام الليل، ثم القيام إلى السحور إن كان في رمضان، لأن السحور سنّة مؤكدّة وهو أكلة السحر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "تسحروا فإن في السحور بركة"، متفق على صحته.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر"، رواه مسلم في صحيحه.
والخلاصة أن للجميع من الرجال والنساء والصوام وغيرهم هي تقوى الله جل وعلا في جميع الأحوال، والمحافظة على أداء الواجبات في أوقاتها على الوجه الذي شرعه الله، والحذر كلّ الحذر من التشاغل عن ذلك بنوم أو غيره من المباحات أو غيرها، وإذا كان التشاغل عن ذلك بشيء من المعاصي صار الإثم أكبر والجريمة أعظم.