الثقافي

الروايات الأكثر مبيعًا في العالم.. خلطة سحرية من الحظ والإبداع

فيما تبقى في عالمنا العربي محل جدل ونقاش من قبل النقاد والناشرين

 
  • الأعرج: القراء قد يختارون النص الأقل أهمية عند الكاتب !!

 

الكتاب الذي أخذ عنوان «هاري بوتر وحجر الفيلسوف»، نجح نجاحًا كبيرًا ومُبهرًا، وبيعت ملايين النسخ حول العالم، وفي البداية لم يتحمس الناشرون كثيرًا لهذا الكتاب، والناشر الوحيد الذي قبل نشره رفض أن يكتب اسم “رولينج ” كما أرادته السيدة الإنجليزية جوان رولينج، التي جاءت إليه وحيدة تحمل طفلتها الأولى من زيجة فاشلة في أرض المكسيك البعيدة، وأوراق مخطوطة لحكاية تروي عن طفل يتيم يدعى “هاري بوتر“، اكتشف انه ساحر ليدخل عالم من المغامرات العجيبة لمحاربة قوى الشر، لكن الناشر ظل على إصراره، واشترط لكي ينشر حكاية الساحر الصغير “هاري”، أن يستخدم الحروف الأولى فقط من اسمها، لأنه اعتقد أن القراء سينفرون من قراءة كتاب أطفال، كتبته امرأة.

لكن الكتاب الذي أخذ عنوان «هاري بوتر وحجر الفيلسوف»، نجح نجاحًا كبيرًا ومُبهرًا، وبيعت ملايين النسخ حول العالم لتتوالى مغامرات “هاري بوتر”، وتصل إلى سبعة أجزاء شهيرة يعشقها الكبار قبل الصغار، ولتتحول السيدة “ج . ك . رولينج” من كاتبة مغمورة كتبت عن الصبي “هاري” الذي تجلى لها أثناء رحلة في القطار من مانشستر إلى لندن، إلى روائية وكاتبة سيناريو ومنتجَة أفلام بريطانيّة، حاصلة على وسام الشرف البريطاني، ولقب ديم، وتحصد ُمن تأليفها سلسلة روايات “هاري بوتر” ملايين الدولارات، والعديد من الجوائِز، وتبيع أكثر من450 مليون نسخة.

كما تمّ إدراج سلسلة “هاري بوتر”، ضمن قائمة أكثر الكُتب مبيعًا في التاريخ، وبُنيَت عليها سلسلة من الأفلام، التي بدورها صارت ضمن قائمة أعلى الأفلام دخلاً في العالم.

حكاية النجاح الساحق لسلسلة روايات “هاري بوتر”، والتي يعرض حاليًا الجزء الثامن منها بإقبال جماهيري منقطع النظير، على أحد مسارح العاصمة البريطانية لندن، يجعل الحديث مرة أخرى عن الروايات الأكثر حظًا ومبيعًا في العالم بوجه عام، وعالمنا العربي بوجه خاص، محل جدل ونقاش من قبل العديد من النقاد المتابعين للسوق العربي والذائقة الروائية عند القراء، والبحث والتأمل وراء نفاذ آلاف النسخ فور صدور رواية ما، يراها النقاد لا تحمل الكثير من الأفكار الإنسانية الكبرى، أو اكتشاف مناطق جمالية مجهولة في لغة السرد، في حين تتواجد نسخ رواية هامة أو ديوان شعر جديد على أرفف المكتبات ومنافذ التوزيع لأشهر طويلة، يستجدي القراء، ولكن لا يجد من يشتريه.

الأسباب عديدة ومتشعبة، يدخل فيها الكثير من الحظ وبساطة الأفكار واللغة التي تطرحها تلك الروايات الأكثر مبيعًا على القراء، في محاولة لإبداع لغة لا يتم فيها استعراض العضلات الفكرية أو قضايا الوجود الكبرى.

ففي البداية، يربط الناقد الكبير محمد قطب، أرقام التوزيع المرتفعة لروايات بعينها، دون غيرها، بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يمر بها المجتمع، وان هذه الظاهرة تظهر وتختفي على شكل موجات من الاهتمام الجماهيري، بدليل النجاح الرهيب لكتب مثل “عزازيل” و”عمارة يعقوبيان” و”هيبتا” وفيلم “اللمبي”، وظاهرة أحمد عدوية في السبعينيات، وعدم حديث النقاد حاليًا عن رواية “عمارة يعقوبيان” على سبيل المثال.

وأضاف قطب: “النقاد يلعبون دورًا مؤثرًا في صناعة تلك الظاهرة، من أجل أهواء شخصية، أو السباحة مع التيار النقدي السائد”.

ظاهرة الكتب الأكثر مبيعًا تراها الناقدة الدكتورة عزة بدر، منتشرة في العالم كله، وليس في واقعنا الأدبي العربي فقط، مشيرة إلى أن الكثير من الكتب الأكثر مبيعًا في الغرب، ومنها “حلم القرية الحمراء”، و”الأمير الصغير” ، و”الخيمائي”، و”الجمال الأسود وسيد الخواتم” معظمها تحمل أفكارًا بسيطة للإنسانية، ومنها ما هو مكتوب لتسلية القارئ، لذلك علينا مواجهة تلك الظاهرة عن طريق تفعيل دور المؤسسات الحكومية ودور النشر الرسمية، في إعادة الاعتبار لتوزيع الكتاب ذي القيمة الفكرية العالية، والذي يمثل رغيف العيش في الأهمية.

في دراسته الهامة بعنوان “أين تقرير الـdna للروايات الأكثر مبيعًا في مصر“، يجد الروائي والناقد المصري الكبير فؤاد قنديل، أن عبارة «روايات ما يطلبه الجمهور»، أو عبارة «الكتب الأكثر مبيعًا» دالة على ظاهرة بشكل أو بآخر، فليس من المبالغة القول إن كلَّ الأمور التي تصب في بحيرة هذه الظاهرة لا تجري على نحو علمي دقيق، خاصة أنها بلا تقاليد، ومن ثم، وكما قال قنديل، فيما نشره على موقع «الثقافة الجديدة» المصري الرسمي، فالمولود مشكوك فيه، ويتعين إجراء تحليلات في مختبرات موثوق بها، للتأكّد من نسبه عبر فحص الـ”دي إن إيه”.

تبدو رؤية قنديل، صحيحة إلى حد كبير، فحتى المبدعين شأن القراء لديهم آهواؤهم ورغباتهم فيما يقرأون، فحينما سُئل الروائي الجزائري الهام “واسيني الأعرج”، عن أحب رواياته إلى قلبه، أجاب: “القراء يفضلون «طوق الياسمين» و«أنثى السراب» وتأتي بعدهما «سيدة المقام»، أما بالنسبة لي فرواية «طوق الياسمين»، تعني لي الشيء الكثير على الصعيد الذاتي، و«أنثى السراب» استمرار لجنونها، لكن سيرتي أقلب فيها ذاتي بشكل معلن وفيها أشياء تهمني جدًا”.

 

مريم. ع/ الوكالات

من نفس القسم الثقافي