الوطن
الجزائر وفرنسا يتفقان حول بناء مرحلة جديدة
تحضير ملف حول مختلف عناصر التعاون قبل زيارة هولاند
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 17 جولية 2012
قررت كل من الجزائر وفرنسا الذهاب نحو استكمال الاتفاقيات ذات الأولوية في مجال التعاون الثنائي في أسرع الآجال وتقديم إسهام أكثر وضوحا لعلاقاتهما السياسية والاقتصادية وذات البعد البشري وكذلك للتعاون العسكري والأمني، وهذا بعيدا عن الاعتبارات التاريخية التي اتفقا على معالجتها بطريقة تتجه نحو الانتقال إلى مرحلة جديدة لتعزيز العلاقات بين البلدين. في حين بدا الاختلاف واضحا حول معالجة الأزمة المالية التي فضلت الجزائر أن تكون عن طريق الحوار والحل السياسي، في حين رجحت فرنسا الخيار العسكري كحل للأزمة المالية والقضاء على الإرهاب بالمنطقة.
وقال وزير الخارجية مراد مدلسي خلال ندوة صحفية نشطها مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس بإقامة الميثاق بالعاصمة أن الجزائر وفرنسا قررتا مواصلة العمل الذي تم مباشرته في الأشهر الأخيرة من أجل استكمال بعض الاتفاقات الأولوية كقطاعات صناعة السيارات والصناعة الصيدلانية ومواد البناء والبتروكيمياء مع تقديم إسهام أكثر في هذا المجال. وفيما يتعلق بالبعد البشري سجل البلدان تحسنا على مستوى تنقل الأشخاص من خلال تحسن شروط الحصول على التأشيرة، ودعا مدلسي إلى بذل المزيد من الجهود في هذا المجال، كما أعلن رسميا عن الانتهاء من مسألة التفكيك الجمركي الذي يربط الجزائر بالاتحاد الأوروبي.
تحضير ملف حول محاور التعاون وزيارة هولاند ستكون قبل انتهاء 2012
ومن جهته أعرب وزير الشؤون الخارجية الفرنسي السيد لوران فابيوس عن وجود إرادة لدى كل من الجزائر وفرنسا في الانتقال إلى مرحلة جديدة في العلاقات وإعطاء دفع جديد وشراكة مميزة بين البلدان ولا تكون جوفاء، بل تنم عن إرادات ملموسة تحذو الطرفين الجزائري والفرنسي، مؤكدا اعتقاد البلدين بتوفر الشروط اللازمة لتجسيد المرحلة الجديدة. وأكد فابيوس إتمام الاتفاق حول المواضيع التي تم التطرق لها كالأرشيف والاقتصاد والأمن والدفاع وتنقل الأشخاص، وأعلن فابيوس عن زيارة مرتقبة لوزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس سيتم التطرق من خلالها إلى المجال الإداري، وتم الاتفاق على تحضير ملف يختصر مختلف عناصر التعاون بين البلدين خلال الفترة الممتدة من سنة 2012 إلى 2016 على أن يكون جاهزا قبل نهاية شهر أكتوبر لتكون زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للجزائر قبل انتهاء سنة 2012.
مسألة الذاكرة انطلاقة لبناء مرحلة جديدة
مسألة الذاكرة كانت حاضرة خلال الندوة الصحفية التي تطرقا لها الجانبان، ولكن ليس من أجل التذكير بجرائم أو الحديث عن اعتذار بل لبناء مرحلة جديدة، وفي هذا السياق قال وزير الخارجية مراد مدلسي إن مسألة الذاكرة تعتبر حاضرة ليس في أذهان المسؤولين فحسب بل حتى في أذهان المواطنين ولا يمكن نسيانها، وأن الرسائل التي تبادلها رئيسا البلدين بمناسبة خمسينية الاستقلال والعيد الوطني لفرنسا تدل على أن مسألة الذاكرة تبقى راسخة في الأذهان، وأضاف مدلسي أن نسيان الذاكرة لا يمكن لأحد أن يقرره، إلا أن هناك إيمان أن ثمة روح أخذت تتبلور وستسمح بمعالجة مسألة الذاكرة بطريقة أكثر ذكاء، وذهب فابيوس في نفس الاتجاه بقوله إنه يتعين على البلدين الاستلهام من هذه الذاكرة لتعزيز العلاقات بين البلدبن، ومعالجة الماضي بتبصر دون إخفاء أي شيء، وأعرب فابيوس عن رغبة بلاده العمل مع الجزائر بشكل ملموس قائلا "كانت لنا محن قاسية وماض مشترك وحاضر يقربنا اليوم ومستقبل يجب أن نشيده معا".
اختلاف وجهات النظر حول الأزمة المالية
ففي حين دعا الممثلان الدبلوماسيان لكل من فرنسا والجزائر إلى ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة التي تعرفها مالي مند أشهر وضرورة تعزيز القاعدة المؤسساتية لهذا البلد، إلا أن مدلسي وفابيوس أفصحا خلال الندوة الصحفية، التي جمعتهما على الاختلاف في وجهات النظر بخصوص معالجة مسألة انتشار الجماعات الإرهابية بشمال مالي، ففي حين رأى مدلسي أن الحل العسكري لا يعتبر حاليا الحل الأمثل مفضلا الحل السياسي والحوار، إلا أن فابيوس اعتبر انتشار جماعات مسلحة بالمنطقة تهديدا بالنسبة للسكان المحليين والمنطقة والعالم بأسره، ورافع فابيوس لصالح التدخل العسكري بمنطقة شمال مالي قائلا إنه لابد من معاملة الإرهابيين وفقا لما يستحقوه، في حين اكتفى مدلسي بالقول إن الجزائر لا تستثني أي احتمالات لإيجاد حلول بالمنطقة مجددا تأكيد الجزائر على الحفاظ على الوحدة الترابية المالية.
القنصل الجزائري وأربعة معاونيه لازال مصيرهم مجهولا
أكد وزير الخارجية مراد مدلسي أنه لم يتم إطلاق سراح سوى ثلاثة دبلوماسيين جزائريين من بين الدبلوماسيين السبعة، الذين تم اختطافهم في الخامس من شهر أفريل الماضي بمدينة غاو بشمال مالي من طرف مجموعة إرهابية مسلحة، فيما لم يقدم أي تفاصيل أخرى عن مصير الدبلوماسيين الأربعة الذين لم يتم إطلاق سراحهم بعد، بما في ذلك القنصل الجزائري بمالي وذلك لأسباب تتعلق بأمنهم.
نسيمة ورقلي