الثقافي

أحمد طيباوي: مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت ساحة حقيقية لطرح الغث والسمين من الأفكار والآراء

أكد على أن الرواية العربية لم يعد لها حضور أدبي كبير

 

قال الكاتب الجزائري أحمد طيباوي، أن الرواية العربية ليس لها حضور إلا في محيطها، ورواجها محدود جداً خارج إطارها العربي، وربما يكون من المناسب البحث عن الأسباب بدلاً من إنكار الحالة الذي لا يفيد أحداً، وأشار المتحدث، في حوار نشره موقع «رأي اليوم» إلى ما يغريه في كتابة الرواية، وإذا ما كانت له دوافع خاصة، حيث قال: الكتابة الإبداعية لا تنطلق إلا من دوافع خاصة، أو هذا ما أفترضه دائماً، لكني لا أسأل نفسي في كل مرة وأبحث فيها عن دوافع الكتابة لدي، في البداية.. أتى الأمر هكذا، دون قرار مسبق، بتلقائية، ثم استمر.

وأضاف أحمد طيباوي يقول إن" الكتابة شكل تعبيري مثل الرسم والموسيقى والنحت وغير ذلك، وتحتاج إلى وعي كبير بالذات، وإلى قدرات أخرى بطبيعة الحال، ثم تكون هى نفسها أداة تعبيرية عن ذلك الوعي وسبيلاً لتطويره "، مشيرا إلى أن أيُّ نتاج للكتابة بحثاً عن ذات يُفترض أنها موجودة على نحو ما. والرواية عندي تدوين لحياة البشر، للألم وللخذلان، وللفرح المقبور منذ أزمنة بعيدة، ورثاء لحب مغتال، الرواية سجل إنساني لحياتنا الفاقدة لوجهة ترضينا، ومحاولة لإعادة رسم المعالم المطموسة، وهي مع ذلك كله استشراف وتطلع لما هو آت.

وحول مبررات قوله بأننا «نعيش مرحلة ما قبل الرواية، وما نكتبه وما يُقرأ عربياً في وقتنا الحاضر، هو مجرد مخاضات لحمل كاذب»، قال: أعتقد أن هناك من لا يشاركني هذا الرأي، وقد أبدى البعض اعتراضه لما أبديته، لكني ما زلت أعتقد أن هذا هو الحال مع الأسف الشديد.

ورأى أحمد طيباوي أن الرواية العربية ليس لها حضور إلا في محيطها، ورواجها محدود جداً خارج إطارها العربي. ربما يكون من المناسب البحث عن الأسباب بدلاً من إنكار الحالة الذي لا يفيد أحداً، وأضاف: أزمة الترجمة، غالبا ما يذكر هذا كسبب، ولكن ما بال النماذج التي تُترجم يرفض ناشرون غربيون إصدارها؟ ثم لماذا لا نكاد نجد صدى لما يُترجم ويصدر في الغرب.

ورأى أن مشكلة الترجمة ونقل النصوص وجيهة، لكن ينبغي على المهتمين الذهاب إلى أعمق من ذلك، أعني النصوص التي نكتبها، شخصياتنا، أساليبنا، الأفكار، هناك تكمن مشكلة النصوص الروائية العربية، وقد أجرؤ على القول إننا لم نتمثل الرواية بعد.

وعن رأيه فيمن يقول بأن الأدب يخدم الساسة والسلطة في الجزائر، قال طيباوي: كان الأدب مرتبطاً بالسياسة دائماً، وبالدين، وبقضايا المجتمع، لكني أبداً لا أوافق الرأي أن الروائيين في الجزائر - وأتحدث هنا عن الروائيين الشباب بدرجة أولى - يكتبون نصوصاً تخدم السلطة، هذا حكم غير منصف لهم.

ورأى طيباوي أن النصوص الروائية الجديدة تصور الجزائري مغلوباً على قدره، وتناوئ السلطة في تصورها للمجتمع وللدولة، وإن كان هذا التصور في رأيي غير موجود. في مرحلة ما بعد الاستقلال، ظهر روائيون توافقت ميولهم، وبالتالي نصوصهم، مع توجهات لدى أجنحة قوية في نظام الحكم، مضيفا أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت ساحة حقيقية لطرح الغث والسمين من الأفكار والآراء، وكلٌّ ينطلق من خلفيته ومستواه وما يتطلع إليه، وتحدث الخلافات وربما الصراع بين المثقفين.

وحول شخصيات رواياته ومن أين يستكشفها، قال «طيباوي» تستهويني الشخصيات غير النمطية، والباحثة عن ذاتها. شخصيات رواياتي تعاني الاغتراب وتفتقد للمعالم التي قد تقودها لوجهة لا تعلمها، لكنها تجتهد في البحث عنها، وهى مأزومة بضميرها الحي أكثر مما يتطلبه واقعها، أو بضميرها الميت جراء قسوة ذلك الواقع، فهى ونتيجة لذلك تعاني حالة فصام، ازدواجية، تحلل، أو عزلة .. بعض ذلك أو كله.

أما عن نظرته إلى الأنثى؟ والقول بأن الكاتبات أكثر صدقاً من الكتاب في التعبير عن قضايا الأنثى؟، فقال إذا كنت تقصد أن مقاربة «الأنثى» لذاتها إبداعياً تكون أكثر صدقاً وعمقاً من مقاربة «الرجل» لها، فلا أظن أن ذلك هو الحال دائماً، وأشار لقد حاولت في روايتي «موت ناعم» أن أتقمص حالات نفسية لدى البطلة غاية في التعقيد، باعتبارها تحمل هم كونها امرأة في مجتمع شرقي وكذا مثقفة تخوض في الشأن العام لبلدها.

وأضاف أحمد طيباوي: وقد يحكم القارئ على مدى نجاحي في ذلك، لكني أحسب أن النص نجح بشكل لافت في القول أن بإمكان الرجل أن يقارب الأنثى ويتقمصها عندما يكتب. وهو ما اعتبره صحيحاً أيضاً في باكورة أعمالي الروائية «المقام العالي».

وأوضح يقول" حيث كانت البطلة امرأة مطحونة في عشرية الموت العبثي والدم والبارود، في جزائر أواخر القرن الماضي. إن التقاطعات بين الرجل والمرأة كثيرة، وهمومهما الحياتية متقاربة، ولا أجد صعوبة استثنائية عند التعبير عن قضايا المرأة التي هي في صلب اهتمامات المثقفين والمثقفات.

أما عن رأيه في أهم المنابع والروافد الفكرية والجمالية والفلسفية التي ترتكز إليها الرواية الجزائرية اليوم، فرأى «طيباوي» أن الرواية الجزائرية اليوم تخلصت من الإيديولوجية، كما كان الحال في السبعينات وما قبلها.

وقال أحمد طيباوي: إن هذا الجيل من الروائيين الجزائريين لا يكتب لينصر معسكراً أو تياراً دون آخر، أظن أن له نزعة إنسانية، وأضحت نصوصه ومواقفه أكثر التصاقاً بهموم الإنسان، هو يأخذ من كل الروافد ويتعلم من كل التيارات شيئا مما أنتجته، لكن التزامه ليس لأي منها، وهذا ما يجعله ينتج نصوصاً خارج المقاييس القديمة، نصوصاً جديرة بانتباه خاص، ويمكن قراءتها من أكثر من زاوية، لأنها متعددة المشارب والوجوه، وتوظف ما هو فكري وجمالي وفلسفي، لكن دونما أن تبقى أسيرة لأي اتجاه أو مدرسة دون أخرى.

أحمد طيباوي، أستاذ بجامعة سطيف، صدرت له روايته الأولى «موت ناعم» وفازت بالمركز الثالثة لجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي لعام 2014، وله رواية «المقام العالي» ورواية «مذكرات من وطن آخر».

مريم. ع

من نفس القسم الثقافي