الثقافي

واسيني الأعرج: الشهادات الجامعية لا تنتج نقادا !!

حذر من جعل الحاجز الإيديولوجي وسيلة للإقصاء

 

 

 رأى الكاتب الجزائري واسيني الأعرج أن يكون المرء ناقدا أو باحثا، يعني اتساع الرؤية الثقافية والحضارية وعدم الارتكان إلى المعارف التقليدية المتواضعة والمكتسبة، مشيرا على أنه لا يكفي أن يكون الانسان مثقفا محترفا، ومالكا لمخزون معرفي كيفما كانت قيمته وكثافته، كما لا يكفي أيضا أن يكون أستاذا جامعيا لامتلاك صفة الناقد أو الباحث، وحذر المتحدث في سياق تطرقه لموضوع النقد من مغبة جعل الحاجز الإيديولوجي وسيلة للإقصاء الأدبي.

الروائي واسيني الأعرج وفي مقال تحليلي له نشره بصحيفة القدس العربي قال إن "الجامعة شهادة يرتقي إليها كل ناجح في الدكتوراه أو في غيرها من الشهادات المؤهلة، ويمكن أن يكون بموجبها أستاذا جامعيا مرموقا ومحبوبا وناجحا أيضا، بالمعنى التعليمي والتربوي، لكن ليس شرطا أن يكون ناقدا ممارسا أو باحثا، فالجامعات الفرنسية بعددها الكبير وقيمتها العالمية، وبجيوش جامعييها، والمدارس الكبرى والمرجعية كالمدرسة العليا للأساتذة ومدرسة الكوليج دو فرانس، لم تنجب إلا أسماء معدودة نقدية وفاعلة، من أمثال ماسينيون، رولان بارت، جيرار جنيت، فيليب هامون، جمال الدين بن الشيخ، وغيرهم من الباحثين، بينما ظل الباقون في مواقعهم كمدرسين لهم قيمتهم التربوية".

وشدد المتحدث في سياق متصل على أنه "يجب ألا يكون الحاجز الإيديولوجي وسيلة إقصائية، فالفن عموما، والكتابة تحديدا ليست قسرا على مجموعة بشرية دون غيرها، فعلى القومي أن يفترض، أن بإمكان الشيوعي الموهوب، أو الليبرالي المبدع أن يكتب نصا مميزا ومتينا، ويجب أن يفترض اليساري، أن بإمكان القومي المميز أو الإسلامي الموهوب أن يكتب رواية تتخطى الكثير من الحواجز والمعوقات، وتكشف عن عمق المأساة الإنسانية".

وأردف الأعرج يقول: "نحتاج أحيانا إلى أن نعود إلى ألف باء الأشياء وإلى بعض الأفكار العادية بل وبعض المسلمات، لندرك أن الكثير من الممارسات النقدية تفتقر إلى هذه المسلمات البدئية، إذ لم يكن سارتر بوجوديته وأفكاره الفلسفية العالية، شخصا عاديا وهو يكتب عن ماهية الأدب ومفهوم الالتزام ويدخل في سجالية قاسية مع كامي وبعض مجايليه، أو حتى و هو يرفض جائزة نوبل، في عز الغطرسة البورجوازية أو الكولونيالية التي كانت تعيد تشكيل العالم وفق مصالحها، وليست أحداث باريس في 1968 إلا تجليا لذلك".

هذا وخلص، الكاتب في الأخير إلى القول أن "الناقد الباحث الذي نستشهد به اليوم كنموذج، منخرط في الحياة بقوة وحاضر فيها، يعيشها ويكتب عنها، ويقف أحيانا عند بوابات الجامعات والمعاهد العليا متضامنا مع الحركات الثقافية والاجتماعية والفكرية والنسوية والاستلاب ومشكلات الهوية والكولونيالية الجديدة وغيرها، تأتي كتاباته في المحصلة، مفعمة بالحياة والدينامية الثقافية والاجتماعية".

 

من نفس القسم الثقافي