الثقافي
دار الساقي اللبنانية تعيد حكايات "جبل الموت" لرفوف المكتبة
للروائي الجزائري عبد الوهاب عيساوي
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 25 ماي 2016
صدر حديثا عن دار الساقي اللبنانية رواية ” سييرا دي مويرتي- جبل الموت ” للروائي الجزائري عبد الوهاب عيساوي، الذي حاز بفضلها الكاتب على جائزة آسيا جبار للرواية 2015، وذكر عنه الروائي الكبير واسيني اﻷعرج “سعدت بميلاد روائي مميز خارج ضجيج طواحين الهواء “.
مانويل وبابلو وكورسكي، ثلاثة رجال جمعتهم المحنة. فبعد انتصار الجنرال فرانكوفي الحرب الأهلية الإسبانية، يتمّ “شحنهم” مع بعض الأسرى الأمميين من معتقل “فارني دارياج” في “سييرا دي مويرتي”إلى معتقل “عين الأسرار” في “الجلفة” بالجزائر.مثَّلت الحرب الأهلية الإسبانية بداية للجنون الذي غيّر وجه العالم، فكانت أشبه بـ “بروفا” استعرضت فيها تلك الثيران الهائجة قدرتها على الدمار. حرب أورثت إسبانيا فصل الفرانكوية المعتم.
مثلت الجارة الشمالية، فرنسا، ملجأً للثوار الإسبانيين الفارّين من ديكتاتورية فرانكوبعد حرب أهلية طاحنة. وفي زمن حكومة فيشي، القريبة من فرانكو، أُرسِل عدد من أولئك المعارضين إلى المعتقل الأشدّ قسوة، “عين الأسرار” (1941 – 1945)، وكان من معتقليه روجيه غارودي، والشاعر الإسباني ماكس أوب، في ولاية الجلفة في الجزائر المستعمرة وقتها.
من هنا انطلق الروائي الشاب، عبد الوهاب عيساوي في روايته “سييرا دي مويرتي” (جبال الموت)، حيث يقتحم ما أسقطته ذاكرة تلك الحرب. في الفصل الأول، يستعيد الروائي جرح الحرب والهزيمة، من خلال بطله الشيوعي مانويل، ومحنة العبور ما بين أحلام متباينة للحرية. فمن حلم تحرير إسبانيا من نير الرجعية والتطرّف في معركة “سييرا دي مويرتي”، إلى حلم مغاير، حلم التحرّر الشخصي من المعتقل الفرنسي. حلم تقاسمه مانويل وصديقه المقرّب بابلومع معتقلين من جنسيات وأعراق عديدة، وتجسّد روائياً ما شكّلته الرغبة بقطع المسافة بين المعتقل والقرية المجاورة (الجلفة) من تطلّعات مختلفة. هنا تظهر شخصية أساسية هي كورسكي البولندي واليهودي المتديّن، في مقابل مانويل الشيوعي، وأسئلته التي صارت أكثر إلحاحاً بعد جنون الحرب.
ورغم أن هذا المعتقل لم يشهد عمليات تعذيب أوقتل بحسب الرواية، إلا أن هؤلاء “النزلاء” عانوا الأمرّين جرّاء الأعمال الشاقة التي فُرضت عليهم من أجل مصالح ضيقة لمدير المعتقل. وكانت الخيام التي تأوي المعتقلين لا تحمي إطلاقاً من القرّ الذي اشتهرت به المنطقة. يقتفي الروائي في الفصل الثاني من الرواية أثر مانويل وكورسكي اللذين سُمِح لهما بالتجوّل في المدينة بناء على اتفاق مع مدير المعتقل. ورغم أن الشخصيّتين تقفان على طرفي النقيض، إلا أن سؤال المنفى يتسرّب إليهما شيئاً فشيئاً جراء العلاقة التي انعقدت بينهما وبين هذه القرية الجنوبية الهادئة.
تتسارع أحداث الرواية بعد إنزال الحلفاء في ميناء الجزائر، فيُحرّر جزء من المعتقلين فقط، منهم كورسكي، ويبقى آخرون مثل مانويل. وتتعقد الأمور داخل المعتقل وتصل ذروتها عندما يطلب الضابط غرافال من الحرّاس العرب إطلاق النار على “هؤلاء الثوار المزمنين”، فيرفض قائدهم الصباحي أحمد تنفيذ الأوامر مدفوعاً بوازع أخلاقي وديني.