الثقافي

مونودراما" ميرا " يمثل الجزائر في مهرجان الفجيرة الدولي للفنون

أخرجه بوسهلة وقدمته سعاد جناتي





عرضت مسرحية "ميرا" للمخرج والمؤلف هشام بوسهلة، وتمثيل الفنانة سعاد جناتي، ضمن فعاليات مهرجان الفجيرة الدولي للفنون، حيث نقل العرض الفني ذكرياته ما بين المحكية الجزائرية والفصحى، ويبدأ العرض بمشهد لميرا وهي تجرّ عربتها الصغيرة التي تتجوّل بها وتعرض عليها الدمى، وهي تنادي على المارة ليشتروا منها، وقد بدت في مظهر طفولي في ملابسها وتعبيراتها الحركية.
و"ميرا" هي فتاة  يتيمة الوالدين ذات 28 عاما، تربّت على يد إحدى قريباتها، امتلكت من البراءة ونقاء السريرة ما جعلها تمتهن بيع الدمى للأطفال وتنجح في ذلك، حيث سمحت لها شخصيتها بسهولة التقرب منهم، لتجد نفسها في ظل تداعيات المتغيرات السياسية التي اجتاحت عددا من الأقطار العربية، وتقحم كغيرها في استبداد وقهر مختلف أنواع السلطات من ديكتاتورية ومتطرفة، لتتعرض خلالها للانتهاكات الجسدية والنفسية، بسبب قصاصة ورق صغيرة غير مفهومة كتبها لها أحد الأطفال أسيء تفسيرها لما احتوت عليه من لغة طفولة غير مفهومة، ما جعلها تبدوا كأنها شيفرات ورموز تحمل بصمات جهة مناوئة ومنها عبارات "الغابة احترقت، المدينة تحطّمت، ما بقي سوق ولا متسوّقون."
حملت "ميرا" صندوقا كبيرا تبيع فيه دمى للأطفال، وصندوقا صغيرا على ظهرها اتخذته كمقعد للجلوس، وما إن تضع الصندوق الكبير على يمين الخشبة أقرب إلى المنتصف حتى تبدأ في المناداة لبيع دمى مختلفة الأشكال، فيما يصاحب المشهد الذي تسقط عليه إضاءة علوية عمودية وسفلية أفقية، مؤثرات بإيقاع موسيقي سريع.
وجاء النص المنطوق الذي جمع بين المحكية الجزائرية والفصحى، سهلا وسلسا وواضحا، كما حمل العديد من الحوارات الداخلية للشخصية، التي عمدت فيها عبر الشخصيات إسقاطات سياسية واجتماعية، فيما حمل العرض مؤشرات تشي بانتهاك البراءة في ظلّ ظروف الاستبداد مهما اختلفت أشكاله، رغم سن الفتاة اليتيمة التي ما تزال تحتفظ ببراءة الأطفال.
أما الأداء التمثيلي فقد كان للفنانة سعاد متمكنا ومتماسكا، إذ أدت فيه أكثر من شخصية، بالإضافة إلى الشخصية الرئيسة "الطفل ميمو، الجدة، العم العجاجبي، المحقق رجل السلطة، المتطرف، والضفدع والدجاجة والخنزير"، وكان العمل ناجحا خصوصا من خلال الأداء الصوتي والحركي، فيما استطاعت أن تحتفظ بسمات مشتركة من إيحاءاتها الآدائية التي جمعت بين السلطة المدنية المستبدة وسلطة المتطرّف، خصوصا لوحات التحقيق والتعذيب، وهو ما جاء وفقا للرؤية الإخراجية للمخرج بوسهلة التي اعتمدت على أسلوبية التبسيط في الطرح مع الاتقان أو ما يسمى السهل الممتنع.
ووفّق المخرج في توظيف السينوغرافيا بمضامين تكاملت مع العرض، من مؤثرات صوتية وتعتيم وإضاءة متحركة ومتغيرة، ساد فيها اللونان الأحمر والأبيض، ولاسيما أعمدة الإضاءة العمودية بوصفها قضبانا وبقع الإضاءة الدائرية بمدلولاتها، وملابس وعناصر الديكور والدمى التي حملت هويات قومية وإكسسوارات، ومنها زي العروس ومنفضة الغبار التي استخدمت كذلك بوصفها سكينا للذبح أو عكازا للجدة أو عصا رجل الأمن، وقطعة القماش الحمراء التي تخرج من بين ساقي الفتاة بوصفها دماء نتيجة الانتهاك الجسدي أو عباءة للجدة التي يذبحها المتطرفون

مريم. ع.

من نفس القسم الثقافي