الوطن

صيغة السكن الترقوي العمومي.. فاشلة

احتجاجات أسبوعية للمكتتبين.. ومسؤولو وزارة السكن يقدمون ضمانات ويتخلون عنها

•    المكتتبون دفعوا 150 مليون سنتيم لسكنات لم يروها بعد؟!
•    جمعية حماية المستهلك: صيغة السكن الترقوي العمومي تحمل الكثير من الثغرات والتجاوزات

تنقضي مع نهاية الشهر الحالي المهلة التي حددتها وزارة السكن ومؤسسة الترقية العقارية لمكتتبي الترقوي العمومي من أجل تسديد قيمة الشطر الثاني، في الوقت الذي لم يتمكن المئات من المكتتبين من جمع قيمة هذا الشطر والمقدرة بـ 100 مليون سنتيم بسبب ضيق المهلة، وهو ما جعل المكتتبين ينتفضون ضد وزارة السكن ومؤسسة الترقية العقارية ويتبنون خيار الاحتجاج بسبب التضارب في تصريحات المسؤولين عن هذه الصيغة السكنية الذين قدموا من قبل ضمانات لمكتتبي أل بي بي ليتضح في الأخير أنها كانت مجرد تصريحات إعلامية.
يعرف ملف السكن الترقوي العمومي هذه الأيام الكثير من الأخذ والرد بسبب التناقض في تصريحات المسؤولين عن هذا الملف، فعند أطلاق هذه الصيغة أكد وزير السكن والعمران عبد المجيد تبون أنها ستكون موجهة لأصحاب الدخل المرتفع، لكن في نفس الوقت تتضمن على جزء من دعم الدولة وهو الأمر الذي تغير بعد دفع المكتتبين قيمة الشطر الأول، لتتحول العملية إلى عملية ربحية تجارية لا علاقة لدعم الدولة بها وترتفع قيمة الشطر الثاني من 50 إلى 100 مليون سنتيم، وهو الأمر الذي رفضه المكتتبون، واعتبره مسؤولو مؤسسة الترقية العقارية أمرا عاديا بالنظر إلى أن أغلب المكتتبين "لا باس بيهم" كما أكد الوزير بلسانه. هذا التناقض في التصريحات خلق موجة من الاستياء لدى المكتتبين الذين قرروا الاحتجاج خاصة عندما تم إقرار فوائد ربوية على قروضهم البنكية الموجهة لتمويل مشاريع السكن هذه، ما يجعل سكناتهم من المنظور الديني حراما وربا. لكن رغم هذا ترفض وزارة السكن والعمران وكذا مؤسسة الترقية العقارية فتح أي سبل للحوار مع هؤلاء المكتتبين، معتبرة أن الـ 400 مكتتب الذين نظموا اعتصاما نهاية الأسبوع الفارط أمام مقر مؤسسة الترقية العقارية لا يمثلون كل المكتتبين وليس لهم السلطة كجهة رسمية للحديث باسم المكتتبين، وهو ما جعل جمعية حماية المستهلك تدخل على الخط وتقرر الحديث باسم هؤلاء المكتتبين باعتبارهم أصبحوا مستهلكين لما دفعوا قيمة الشطر الأول من السكنات.

•    جمعية حماية المستهلك: صيغة السكن الترقوي العمومي تحمل الكثير من الثغرات والتجاوزات
وفي هذا الصدد أكد رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي في تصريحات لـ"الرائد" أنهم وبصفتهم جهة رسمية معتمدة راسلوا وزارة السكن والعمران والمدنية رسميا منذ مدة وبصفة استعجالية من أجل فتح باب الحوار مع هؤلاء المكتتبين ومعرفة انشغالاتهم، إلا أن الوزارة لم ترد على طلبهم الذي اتخذ صفة الاستعجالية، وهنا تساءل زبدي لماذا هذه اللامبالاة والتجاهل؟ مضيفا أن جمعية حماية المستهلك اتخذت هذه الخطوة بعد وصف وزير السكن للجنة التمثيلية للمكتتبين باللاشرعية، وهو ما جعل "الأبوس" تأسس كطرف تمثيلي قانوني وشرعي للمكتتبين لا لشيء إلا لمنحهم الإطار القانوني لذلك، وبرفض الوزير الرد على رسالة الجمعية يكون بذلك قد هضم حقا معترفا به حتى في الأمم المتحدة وهو حق الاستماع إلى آراء المستهلك. من جهة أخرى اعتبر زبدي أن صيغة السكن الترقوي العمومي تعرف العديد من الخروقات والثغرات منتقدا تغير تصريحات المسؤولين منذ بداية إطلاق الصيغة إلى الآن، وهو ما قال إنه يؤثر سلبا على ميزانية المعنيين، في حين سيضطر آخرون إلى التخلي عن ملفهم. كما انتقد زبدي القرار القاضي برفع أسعار المتر المربع من الشقق، ليفوق السعر الإجمالي المليار سنتيم، إضافة إلى رفع الشطر الثاني من 50 إلى 100 مليون سنتيم.
وقال زبدي أن مهلة تسديد هذا الشطر تقارب على الانتهاء في حين أن هناك المئات من المكتتبين لم يتمكنوا لحد الآن من جمع هذا المبلغ، مطالبا وزارة السكن بفتح أبواب الحوار والعودة إلى اللجنة التي تم تنصيبها بين الوزارة وممثلي المكتتبين من أجل الوقوف على التجاوزات التي تعرفها هذه الصيغة وتلبية انشغالات هؤلاء المكتتبين باعتبارهم أنهم سيدفعون أكثر من ثمن هذه السكنات، كما طالب زبدي وزارة السكن بالتدخل من أجل إلغاء الفوائد البنكية التي فرضت على مكتتبي هذه الصيغة وتعويضها بطريقة أخرى تجنب المكتتبين الوقوع في الربا.

•    المكتتبون دفعوا 150 مليون سنتيم من مبلغ مليار سنتيم قيمة لسكنات لم يروها بعد؟!
من جهته اعتبر أحد ممثلي مكتتبي السكن الترقوي العمومي في اتصال هاتفي مع "الرائد" رفع أسعار المتر المربع من الشقق، ليفوق السعر الإجمالي المليار سنتيم، إضافة إلى رفع الشطر الثاني من 50 إلى 100 مليون سنتيم وهو أمر غير مقبول وغير عادل "، منتقدا تغير تصريحات المسؤولين وعدم التزامهم بالوعود التي قطعوها مع إطلاق هذه الصيغة، وتساءل محدثنا " كيف لنا أن ندفع مبلغ 150 مليون سنتيم من قيمة السكن المقدرة بحوالي مليار سنتيم قبل أن نعرف حتى أين سنسكن؟"، مشيرا بما أن الوزير أكد أن العملية عملية تجارية، فعليه أن يلتزم بكل شروط العملية التجارية، منها أين يدفع الزبون قيمة سلعة تكون جاهزة ويعرفها" مضيفا كيف سيكون مصيرنا أن تنقلنا إلى السكنات التي من المفروض أن نستفيد منها، وتأكد لنا أن قيمتها أقل مما يقوله الوزير، لأن كل المواد المستعملة محلية وليست ذات نوعية رفيعة، كما أن قيمة العقار في المناطق التي تنجز فيها ليست غالية". من جهة أخرى قال الممثل عن المكتتبين أنهم رفعوا خلال الاحتجاج الأخير الذي نظموه أمام مؤسسة الترقية العقارية أرضية مطالب جاء على رأسها تخفيض السعر الحالي للمتر المربع مع مراعاة الأسعار حسب إمكانيات المكتتبين المادية، وكذلك ظروف العيش الغالية، وهذا حسب كل ولاية، وذلك باتباع طريقة البيع بالكراء على غرار سكنات عدل وإعادة النّظر في آجال تسديد الشّطر الثّاني إلى 06 أشهر عوض شهر واحد للسّماح للمكتتبين بجمع هذا المبلغ المعتبر وغير المنتظر بتاتا، بالإضافة إلى مراجعة كيفية دفع المستحقّات باجتناب القرض الرّبوي وتعويضها بإحدى الآليات الرّسمية الجائزة شرعا مع مراعات إمكانيات المكتتبين حالة بحالة وضرورة وضع حلول حالة بحالة للمحولين إجباريا من صيغة البيع بالإيجار إلى صيغة الترقوي العمومي، وكذا أصحاب الأعمار المتقدمة وخصوصا الفئة التي قلّ دخلها عن الحد الأدنى للاكتتاب، وكذا تغيير معايير التوجيه حسب رغبة المكتتبين، مع الأخذ بعين الاعتبار مكان السّكن والعمل، وخلق آلية ناجعة للتّواصل بين المكتتبين والجهات المسؤولة عن المشروع، عوض التّصريحات غير الرسمية والتي سببت تضاربا في المعلومة


س. زموش

من نفس القسم الوطن