الثقافي

باحثون: السلطات العثمانية كانت تنقل إلى الخارج المصابين بالطاعون لغياب مرافق صحية في الجزائر

في محاضرة حول "الصحة والديموغرافيا في الجزائر من الفترة العثمانية إلى أوائل الاحتلال الفرنسي"



 
كانت السلطات العثمانية خلال الفترة الممتدة من القرن الـ 16 إلى القرن الـ 18 تنقل إلى الخارج المصابين بالطاعون للحجر الصحي حسبما أشارت له الدكتورة فلة موساوي القشاعي أستاذة بكلية العلوم الاجتماعية في الجزائر العاصمة، في محاضرة لها أمس أول، وقالت فيها " كانت هذه المرافق للحجر الصحي المنتشرة عبر جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط تستقبل طاقم السفن والركاب والبضائع القادمة من الموانئ أين كان منتشر الطاعون، وكان المسئولون الأتراك والمواطنون الأثرياء أيضا يقيمون بهذه المرافق"، كما أبرزت هذه الأستاذة الجامعية في محاضرتها حول "الصحة والديموغرافيا في الجزائر من الفترة العثمانية إلى اوائل الاحتلال الفرنسي (1515-1871)" التي نظمتها وحدة البحث في العلوم الاجتماعية والصحة لجامعة وهران.
 وأبرزت الدكتورة فلة موساوي القشاعي الفوارق التي كانت قائمة آنذاك في المجتمع، وأوضحت أن مسئولي الجزائر والباشوات والأغوات وغيرهم من كبار الشخصيات كان لديهم أطبائهم من الفرنسيين والإيطاليين والاسبان، وكان السكان الأصليين يتكفلون على قدر المستطاع بأنفسهم بوسائل تقليدية وبالنباتات أو زيارات الأضرحة والحمامات. وكان الأكثر استسلاما يتوقعون حتما الموت المحقق والحتمي " كما ذكرت المتدخلة مشيرة إلى أن الطاعون قد نقلته طواقم السفن أو عن طريق البضائع القادمة من مختلف الموانئ والحجاج العائدين من البقاع المقدسة، وبالإضافة إلى هذا المرض تميزت هذه القرون الثلاثة بظهور أمراض أخرى مثل الجدري والجذام والتيفوئيد والأمراض الناجمة عن المجاعة. وقد خلفت هذه الأمراض مئات الآلاف من القتلى.
 ووفقا للأرشيف التي راجعتها هذه الجامعية سجلت آخر حالة من الطاعون في عام 1889. ثم ظهر مرض لا يقل خطورة عن الأخر هو الكوليرا، وقالت الدكتورة موساوي القشاعي أن الجنود الفرنسيين هم الذين نقلوا هذا المرض الذي انتشر أولا في شمال البلاد قبل أن يصل إلى الجنوب مع تحرك القوات الفرنسية في المنطقة، ولحماية السكان الأوروبيين المستقرين في الجزائر من هذه الأمراض فتحت الإدارة الفرنسية مستشفيين عسكريين في الجزائر العاصمة ووهران. وتم منع الجزائريين من دخول هذين المرفقين وأتاح المستعمر لهم "مكاتب خيرية " للحصول على العلاج، ومع سرعة انتشار الكوليرا فقط بدأت السلطات الاستعمارية الحديث عن التلقيح والإستراتيجية الصحية كما قالت الدكتورة القشاعي التي أشارت إلى تحفظ الجزائريين الذين رفضوا تلقي العلاج أو التلقيح مستندة في هذا السياق إلى الأرشيف الفرنسي.
 وحتى ولو تحسنت الوضعية الصحية قليلا بعد ذلك استمرت معاناة السكان الجزائريون إلى غاية القرن الـ 20 جراء الأوبئة وأمراض مدمرة. ويبقى " عام التيفيس " فترة تركت أثرا لدى الجزائريين حيث أن هذا التعبير بقي مغروسا في الذاكرة الجماعية.
ق. ث/ وأج


من نفس القسم الثقافي