الثقافي

اليونيسكو تخلد ذكرى الشيخ العلاوي في مئوية طريقته

اعتبرته مجدد الإسلام للقرن العشرين




خلدت منظمة اليونيسكو يوميّ 28 و29 سبتمبر المنقضي بباريس، ذكرى الشيخ أحمد بن مصطفى العلاوي، بمناسبة مرور 100 سنة على تأسيس الطريقة الصوفية العلاوية التي تحمل اسمه، وذلك سنة 1914، وتحيي المنظمة الدولية ذات الذكرى تحت شعار "مدرسة من أجل التسامح والتعايش بين الأديان".
وفي بيان لمنظمة اليونيسكو، جاء أن "الطريقة الصوفية للعلاويين تم تأسيسها على يد الشيخ أحمد العلاوي الذي جعل دعم الحوار بين الشرائع أولى أولوياته"، وتعد هذه الطريقة، التي هي فرع من فروع الشاذلية، إحدى أهم الطرق الصوفية في القرن العشرين، وقد عرفت توسعا كبيرا نظرا لنظرتها العالمية، فالـ "طريقة العلاوية ترشد إلى خدمة الإنسانية والبحث عن سبل التناغم وبعث الجمال في العالم"، حسب ذات البيان.
وشرحا لمبادئ الطريقة العلاوية دائما، تشير اليونيسكو إلى أن "الطريقة تقبل وتدمج كل ما بوسعه جلب رفاهة مادية للفرد، ولكن دائما في علاقة قربة مع البعد الداخلي في توازن بين الدنيوي والمقدس، مركزة على الأخوة المحبة لكل الإنسانية، داعية إلى عدم التخلي عن المنطقي على حساب الروحي، وعدم الارتماء في التدين الجاف".

عطاء شامل لكل الإنسانية

و"عن طريق ذات النص الذي يعتبر عرفانا رغم تأخره ـ تضيف المنظمة الدولية ـ إلا أنه يحظى هذه السنة بفضل الوجود على شكل ذكرى شيخ صوفي عظيم، فاليونيسكو تعتبر إنجازات الشيخ العلاوي الظاهرية والباطنية عطاء يشمل كل الإنسانية، وقد أن الأوان لإنصاف ذلك الذي يجب أن نعترف بكونه مجدد الإسلام في القرن العشرين، الإسلام الحقيقي، الموحد، الحي، الدين الأبدي، دين المحمديين الصحابة والأتباع، فالشيخ العلاوي كان بالفعل صوفيا وقد بلغ من التصوف مبلغا لم يدركه في ذلك القرن أي صوفي غيره، ما يدفعنا إلى اعتباره خير وريث للرسالة الإسلامية المحمدية الكاملة".

عمل راق ومعتبر

يعتبر الشيخ أحمد العلاوي ـ الذي ولد سنة 1869 وتوفي في 1934 ـ واحدا من أكبر الشخصيات الإسلامية زيادة عن كونه قطب زمانه كما يؤكده أهل الاختصاص من الطرق، وقد "ترك الشيخ عملا راقيا معتبرا يشع بالنور والحكمة والمحبة، فهذا العمل المدون هو منبع لا ينضب من العلوم خاصة في شرح مراتب التصوف والأحوال الروحية المعترضة للصوفي في سيره إلى الله، فقد ترك الشيخ مؤلفات تتحدث عن التصوف بمختلف درجاته، وكتب عن القضاء الشرعي، الفلسفة، الشعر، العلوم والفلك، كما راسل مختلف العلماء، الحكماء والرجال السياسيين كالأمير عبد الكريم الخطابي الذي كان واحدا من مريديه، بغرض ضمان مختلف حقوق ومصالح المسلمين في الجزائر والخارج، وهو صاحب فكرة المستشفى الفرنسي الإسلامي ومسجد باريس الذي شيده بنفسه سنة 1926، كما مارس الصحافة وكان واحدا من أعلامها، حيث كان واحدا من محرري مجلتي "البلاغ الجزائري" و"لسان الدين" اللتين طبعتا بمطبعته الخاصة والموزعة بعدة بلدان".
وتتميز مؤلفات الشيخ بتوضيح المعارف النظرية للتصوف وأعلامه البارزين، كتعليقه على حكم "سيدي أبو مدين الغوث"، وتعليقه الروحي حول المعاني الألفية لكتاب المرشد المعين لابن عاشر في الفقه المالكي، كما ألف العلاوي في العقيدة والعبادات في سبيل جعلها تعالم لمريديه كـ "مبادئ التأييد"، "أعذب المناهل في الأجوبة والرسائل"، "الأبحاث العلاوية في الفلسفة الإسلامية"، "الأجوبة العشرة المشهور بمظهر البينات في التمهيد بالمقدمات"، "البحر المسجور في تفسير القرآن بمحض النور" و"القول المعروف في الرد على من أنكر التصوّف".
كما ترك الولي الصالح ـ كما يعتبره أتباعه وغيرهم من أهل التصوف ـ تفسيرا جزئيا لسورة البقرة ومؤلفين للدفاع عن التصوف ضد منكريه، كما يعد مؤلفه "مفتاح الشهود" أرضية جمعت بين وجهات النظر التقليدية والحديثة بخصوص الفلك والكونيات، وأما ديوانه الشعري الروحي المحمل بحكمه الربانية ومناجاته العرفانية، فيستقي منه أتباعه ومريدوه لإحياء جلسات السماع الصوفي والمديح المساعدة على تزكية النفس وترقية الروح والتأمل في الخلق". من جهة أخرى، حرر الشيخ العلاوي عدة مقالات نشرت بعدة مجلات كما له رسائل ذات مواضع متنوعة، من بينها أجوبته على الغرب، كما أن هناك العديد ممن ألفوا كتبا حول الشيخ العلاوي ومن بينهم مارتن لينغس "صوفي عظيم من القرن العشرين"، جوهان كارتينيي "الشيخ العلاوي: شهادات ووثائق"، بارك أوغسطين "صوفي عصري"، الشيخ بن عليوة، غزالة بوغانم "الطريقة العلاوية في الجزائر ومكانتها الدينية والاجتماعية".
فريدة. س


من نفس القسم الثقافي