الثقافي
شوقي الزين يكتب عن "الإزاحة والاحتمال؛ صفائح نقدية في الفلسفة الغربية"
على الرفّ
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 07 أوت 2015
النقد والتأويل يعبران عن خصوصية الفكر الألماني في طابعه الأنطولوجي- الجمالي- التاريخي (النقد عند كانط، فلسفة الجمال عند شبلنغ-أنطولوجيا التاريخ عند هيغل... ) في مقابل الحفريات والتفكيك اللذان يدلان على الفكر الفرنسي في منحاه الابستمولوجي- المنهجي- النسبوي. هذه المناهج الحديثة المعاصرة لا تزال ثمرة جهود معرفية معمقة باعتبارها مواضيع للدراسة وإشكاليات للطرح النظري.
ليس بين هذه المناهج تعارض ما دامت حفريات ميشال فوكو استفادت من النقد الكانطي (امانويل كانط) لمجاوزة سباته الأنثروبولوجي واطاره الشمولي والضروري.
إرتدت الحفريات إلى صياغة إشكالية أو أشكلة تنصب على قضايا الواقع وحيثيات اللحظة الراهنة، بناءً على تاريخية الخطاب وعملية تشكيله للفكر واللغة والممارسة العملية في فترة معينة. تفكيك جاك دريدا هو أيضاً تأويل إشتقاقي يتجاوز جوّانية المعنى إلى برانية المبنى ويعتبر الدلالة مجرد وميض متلألئ على سطح ما تدل عليه. فليس بين النقد/التأويل والحفريات/التفكيك من تعارض، كما أنه ليس بينهما تطابق، وإنما مجرد احتكاك منهجي وتقاطع استراتيجي.
فهل بين النقد والتأويل إتصال أم إنفصال؟ ثم كيف استطاعت الحفريات أن تحتوي النقد لتتجاوز خطاب الكلية والشمول الذي يتكلم عبره، وأن يتبنّى التفكيك صرامة التأويل ليتجاوز امتلاءه المعنوي؟ الحديث عن هذه المناهج المعرفية، والذي هو محور هذا الكتاب، هو حديث عن وظيفة الفكر الغربي وبنيته. بنيته في التفكير والتعبير والتدبير، ووظيفته في النقد والمساءلة والمجاوزة.
بنيته في حاضره ولحظته الراهنة، ووظيفته في فحص أصوله وجذوره. حفريات النسق الذي يتكلم "به" و"عبره" الآن وجنيالوجيا النسيج المفهومي الذي شكله لحظة انفتاحه على الوجود (فجر اللوغوس: الفعل، وأفول الحيتوس: الأسطورة) ووظفه بأساليب مختلفة وقت مغادرته للحقل الميتافيزيقي.
سوف يلحظ القارىء، ومن خلال هذه القراءة النقدية، بأن هذه الصفائح النقدية تختلف في اختيار الآليات النظرية والحوافز العملية، ولكنها تتفق حول ضرورة عاجلة: السؤال، المساءلة، الفحص، القراءة، الخ... هذه الدوافع النقدية تميز المناهج أو القراءات في مختلف مذاهبها ومشاربها.
الوكالات