الثقافي

أنا مناضل للثقافة وقضايا المرأة

دعا لإعادة النظر في الكتابة بالفرنسية، أمين الزاوي:

 

أشار الروائي أمين الزاوي إلى كونه أديب متحرر من مشكل اللغة، حيث أوضح بأنه ككاتب يتكلم بالأمازيغية، ويكتب بالغتين العربية والفرنسية، ووضع المتحدث نفسه في خانة الكاتب المدافع عن الثقافة وعن قضايا المرأة، داعيا إلى إعادة النظر في الكتابة بالفرنسية. 

قال أمين الزاوي "أنا أديب متحرر من مشكل اللغة، فأنا أتكلم الأمازيغية وأكتب بالعربية والفرنسية، ونظرتي لهذه الأخيرة تختلف عن نظرة كاتب ياسين، فهو ينتمي لجيل المحنة الوطنية وحلم الاستقلال، أمّا أنا فمن جيل الاستقلال بأعطابه ومحنه فأنا أعتبرها مستعمرتي، فتجربتي مبنية على توازن لغوي، ولا على حرب لغوية مطلقا، فحربي الوحيدةضدّ التخلف بكل اللغات، فاللغة ملك مشاع للمبدع الحق في وضع اليد عليها والتصرف فيها". 

وأضاف المتحدث يقول: " كل اللغات جميلة، وقادرة على التعبير عن أحاسيسنا شرط معرفة أسرارها، بيد أن اللغة الفرنسية تنتمي إلى مجتمعأكثر ديموقراطية من المجتمعاتالعربية والمؤسسات المتكلسة والمتحجرة المسيرةوالتي تأسر المبدع برقابتها، حيث أن الكتاب العربي لم يبلغ مستواه الحضاري المنشود بعد"، مضيفا أن بعض " أشباه المثقفين" يزعمون أن الرواية الجزائرية بالفرنسية انتهت لكن سرعان ما تفاجئهم أسماءروائية وشعرية جديدة بالفرنسية،"أعتقد أن علينا إعادة قراءة ظاهرة الكتابة بالفرنسية في الجزائر حضورها في يومياتنا بأبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية بعيداً عنالماضي". 

وعن المعاناة من التيارات الجهادية، وفهمها الخاطئ لتطبيق الشرع وانعكاسه على المجتمع والمبدع،قال: "الجزائر أول من عانتتهديداتالتيارات السلفية المتشددة ودفع المثقفون الثمن غالياً، واليوم انتقلت الآفة إلى دول عربية أخرى، وأنا أول مثقف جزائري تعرض لمحاولة اغتيال في الجزائر، عبر تفجير سيارتي، أثناء العشرية السوداء. وكانت معي ابنتي لينا، وكانت حينها تدرسفي السنة الأولى ابتدائيوهي اليوم مغنيةتؤدي كلمات تعبر عن الحرية ومقاومة هذاالفكر المتحجر". 

وفي حديثه عنروايته الموسومة بـ" الملكة"، قال صاحب الرواية "إن الملكة هي رواية الصين في الجزائر، فهي تروييومياتالصيني بالجزائر، ومع أنني قمت بنوع من التحقيقات الميدانية عن حياة الصينيين في الجزائر وعلاقتهم بأهل البلد، ورصدت ظاهرةتأسيس أحياء صينية في العاصمة، إلا أنني أؤكد أن روايتي ليست خطاباً سوسيولوجياً، بل هي رواية القلب والمرأةالجزائرية العاشقة للآخر المختلف"، عن تحرير المرأة من رجولية الجزائري عن طريق الصيني المتفتح السامي بثقافته الروحانية التي توصله إلى أعماق جسد المرأة بأبعاده الغريزية والشاعرية مردفا "سعيت من خلال هذا العمل إلى تحرير الرواية العربية والمغاربية من نمطية صورة الآخر المرتبطة بالفرنسي أو الإنجليزي أو الأميركي بعد أن تغيرت صورته وقيمه مع جيلنا". 

وأكد زاويبخصوص هذا الموضوع على كونه " مناضل ثقافي، وأعتقد أن سبب هزائمنا، سياسيا واقتصادية وتعليميا وعسكريا ناتج من معاداة الثقافي، وغياب الثقافة التنويرية، فتخلفنا يتجلى في غياب القراءة، نحن نعيش ثقافة شفهية، ونغرق في استهلاك اقتصادي، علماً أن الثقافة هي التي تحول الفرد إلى مواطن، ودونها سنعيشالصفر السياسي والاقتصادي..". 

وشدد الروائي يقول بخصوص موضوع الجوائز التي تثير الجدل في المشهد الثقافي عندنا في الآونة الأخيرة " الجوائز لا تهمني، فلا محمد ديب ولا بروست حصل على جوائز كبيرة، إلا أن جائزتهما الوحيدة ونجاحهما الأكبر هو القارئ، وأرى أن الجوائز الأدبية المعاصرة هي ظاهرة جديدة إيجابية عند العرب، ولكن يختلط فيها السياسي الفج بالإبداعي، ثم هناك أدب روائي لم يُخلق للجوائز، وأنا منالروائيين الذين يكتبون أعمالاً لا تُصنّف ضمن خانة رواية الجائزة كونها رواية الانتقاد والتكسير وإدانة ثقافة النفاق والكبت الذي يعانيه العربي والمغاربي، فهي رواياتدون مساومة. 

كما أفاد يقول بأن رواياته "تنطلق من التاريخ كأرضية، لا كقصة أو حكاية، فأنا أكتب تاريخ الجزائر من خلال تاريخ الشخوص وتاريخ القلوب والجسد، أتناول واقعمجتمع لا تعدو الهيمنة الذكورية فيه أكثر من الوجه المُتخفّي للهيمنة الاقتصادية والسياسية في البلد وتتخذ من رجال الدين شرعيتها"، معتبرا نفسه "كاتب المرأة العربية والمغاربية"، المساند لها في مقاومتها الإنسانية السياسية والعاطفية والجسدية لانتزاع حقها في المواطنة. 

أما عن روايته "شارع إبليس"، فتحدث الروائي عن الأفكار المركزية الثلاثة التي حاولطرحها فيها، وهي "علاقة المغاربيين المعاصرين بالمشرق، حيث أنها ارتبطت في القرن التاسع عشر بالأمير عبد القادر الجزائري الذي حمى المسيحيين في دمشق والطاهر الجزائري، الذي ساهم في تأسيس مكتبة القدس، وابن عربي وابن خلدون قبلهما، أما في الوقتالحالي، فصارتمُختزلة في نساء بنواد ليلية، أو في المنتزهات الخليجية، وفنادق الشام، أما الفكرة الثانية فهي علاقة الجزائريين بالمقاومة الفلسطينية، هذه الثورةالتي خرجت من صورتها الملائكية إلى صورتها الواقعية التاريخية بعد الأخطاء والمراجعات التيعرفتها تجربتها النضالية، حيث خرجت من المقدس إلى التاريخي في رأس المغاربي، فيما تتلخصالفكرة الثالثة في محاكمة الجيل الجزائري الجديد العنيفة لجيل الثورة والاعتراف بأن الثورة الجزائرية لم تحققحلمالشهداء المتمثل فيالديموقراطية والعدالة والتعددية والحرية،فهذه الأفكار تتجسد من خلال الحكاية والسرد، فأنا أعتبر الرواية حكاية، ودون متعة الحكاية، تتحول الرواية إلى خطاب سياسي جاف أو شعري معلق في سماء فارغة". 

مريم. ع

من نفس القسم الثقافي