الثقافي
رزان ابراهيم تغوص في عالم واسيني الأعرج
في كتاب صدر بعمان
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 03 جولية 2015
صدر حديثًا عن دار موزاييك للترجمات والنشر والتوزيع في عمّان، كتاب "التخييل في عالم واسيني الروائي"، للناقدة الدكتورة رزان إبراهيم، في 326 صفحة من القطع الكبير، الكتاب تضمّن قراءات نقدية مغايرة في روايات واسيني الأعرج، حيث تعرض من خلال هذه القراءات للمنجزين الجمالي والموضوعاتي في أعمال الروائي الجزائري الكبير، كما ضم الكتاب بين دفّتيه 16 حوارا بين رزان إبراهيم والأعرج، حول عمله الأخير "سيرة المنتهى: عشتها كما اشتهتني"، الذي سلسل فيه سيرته بأسلوب روائي.
تفتتح المؤلفة الكتاب بمقدمة تكشف من خلالها للقارئ أسباب اختيارها لروايات واسيني كحيّز للدراسة والبحث، كما تحكي من خلالها عن أسلوب واسيني بشكل مقتضب لتسهب في ما يليها بهذا الصدد.
وتقول في المقدمة:" يحتاج قارئ واسيني الأعرج لعملية تفكيك وتركيب تربط بين ما يبدو صورًا متناثرة مجازية، بما يقتضيها لأمر من معاينة دقيقة لوحدات صغرى توصله إلى البناء الكلي الذي يقف وراءه. فأنت لا تتعامل مع مقاطع ومتواليات صغيرة في رواياته إلا لتعود إليك ليأخذ دلالته ومعناه من الأجزاء، بما يعد تفاعلًا جوهريًا متبادلًا بين الكل والأجزاء".
وفي هذا الكتاب تجد ما يدلل على روائي استطاع أن ينفذ إلى قلوب فئة عريضة من القراء عبر رحلة كشف مستمرة هدفها فهم العالم على أمل إعادة التوازن إليه من خلال النقد وطرح الأسئلة، حتى وإن لم تجب عنها.
في قراءتها النقدية لنصوص الأعرج تحرص إبراهيم على إبراز جملة من دلالات إنسانية هي في الصميم من غاية المؤلف وقصديته. في وقت تعمل فيه على تحريك النصوص قيد المعالجة وفتحها على عوالم ممكنة تعين على تفسير الإشارات والتدليل عليها، وإذ تعكف الباحثة إلى تأمل نصوص الأعرج فإنها تستعين بمرجعيات نقدية نظرية دون الوقوع في مغبة استسلام تودي إلى تأطير القراءة وتجميدها.
وعليه تخلقت قراءة النصوص بفعل آليات خاصة وإجراءات تفسيرية غير محصورة بأدوات ثابتة. وكان همها أن تلج في مسألة الإدراك الجمالي غير المنفصل عما هو ذهني. عمومًا الكتاب يكشف أدبًا توجه من خلال نماذج إنسانية متغايرة نحو حكاية الإنسان العربي ومعاناته. علمًا أن سلسلة من إبداعات متتالية للروائي لم تمنع تفردا تبرزه تحليلات فنية للدارسة تثبت قدرة على تنظيم دلالات تعبيرية أشبه ما تكون بفعل الموسيقي يضع النوتة في المكان واللحظة المناسبة كي لا تضيع في الفراغ ذرة لا يحكمها نظام. كما تطمح من وراء الحوارات وفقًا لما يرد في الكتاب إلى أن تشكل مدخلًا أو نافذة مهمة لقراء تعنيهم قراءة السطور وما يقف خلفها، لا بهدف التوجيه أو إعطاء منحى واحد للفهم أو التفسير، وإنما بهدف فتح الآفاق وإثراء أسئلة تتوالد عبر ما يمكن تسميته تلاقحا في الأفكار. يبقى أن جملة من رؤى نقدية في هذا الكتاب من شأنها دفع القارئ باتجاه تجربة ثقافية ممتدة مسكونة بوقائع بشرية تنطبق عليها مقولة كوليردج " أفضل الكلمات في أفضل نظام".
إكرام. س