الثقافي

الحوار وحده الذي يقارب وجهات النظر بين دعاة الأمازيغية والعربية في الجزائر

رئيس المجلس الأعلى للغة العربية عز الدين ميهوبي:

قضية كمال داود حرية شخصية و"لا إكراه في الحرية"

"من حق العربية أن تنال حظوة الاعتراف" في إطار الاحتفال بيومها العالمي

 

قال الشاعر والروائي عز الدين ميهوبي في اطار الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، بان الغلو في التعبير عن المواقف بخصوص الحوار الثقافي بين دعاة الامازيغية والعربية في الجزائر، ومحاولات فرض بعض الاطراف لنظرية عروبة الامازيغ بالقوة في وقت لا يفكر الطرف الاخر الا بمنطق الالغاء، يضر بالمواقف نفسها وان الحوار وحده يقود إلى تقارب وجهات النظر.

واضاف عز الدين ميهوبي في حوار لـ"الجزيرة نت" حول الجدل اللغوي الذي تشهده البلاد في ضل صمت ملحوظ لمجلس اللغة العربية الذي يرأسه هذا الاخير، بان للمجلس مهام محددة قانونا وليس من أهدافه أن يخوض في نقاشات لا تنتهي بشأن اللغة العربية، وهي في غالبها ذات بعد ثقافي أو أيديولوجي لم يتوقف منذ سبعين عاما، وكأن مسألة اللغة محصورة، اما بخصوص الجدل القائم حول رواية كمال داود التي تهكم فيها على الذات الالاهية، وصاحبها تكفير من طرف شيخ السلفية عبد الفتاح حمداش الذي دعا إلى اقامة الحد عليه، قال عز الدين ميهوبي، قال بانه شخصيا لم يطلع على رواية كمال داود، وانه قرأ بعض ما كُتب عنها بعد ترشيحها لجائزة الغونكور، وقد أسالت -بفعل التناول الإعلامي- حبرا كثيرا، إما لمضمونها، أو لمواقف الكاتب الثقافية والسياسية خاصة ما تعلق بنظرته للدين والهوية واللغة.. مضيفا بانه لا يرى مبررا لإخراج النقاش عن دائرة الحق في الاختلاف وإبداء الرأي، ولو بدا قاسيا في بعض أحكامه، إلا أن الكاتب اختار بقناعة أن يمارس حريته حتى حدود الخطوط الحمراء وهذا شأنه، مشيرا إلى ان من لا يوافقه إلا أن يقارعه بالرأي والحجة وباللغة المتسامحة، لا بأساليب تزيد في التشنج والاحتقان من تخوين وتخويف. وكما جعل الراحل وطار شعارا للجاحظية "لا إكراه في الرأي"، يمكنني أن أضيف إلى ذلك "لا إكراه في الحرية"، اما بخصوص الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية يرى الكاتب ان هناك أكثر من ستة آلاف لغة في العالم كما تقول إحصائيات اليونيسكو، وعندما يخصص يوم للغة العربية، فليس اعتباطيا لأن هذه اللغة حفرت عميقا في ذاكرة الحضارات الإنسانية، وقدمت الكثير لأمم كانت بحاجة إلى المعرفة، ثم إنها اللغة الأكبر معجما بما يزيد على مليوني كلمة ذات معنى من أصل 12 مليونا وثلاثمائة ألف كلمة تشكل مجمل ما يمكن أن يختزنه بطن اللغة العربية، مشيرا إلى الدراسة التي قام بها في العام 2006، والتي استنتج فيها باننا لا نستخدم سوى 0.04% من اللغة أي ما يربو على 12 ألف كلمة قابلة لأن تكون صالحة للاستعمال في كل المجالات. ضاربا مثالا بالاعلام الذي لا يستخم حسبه أكثر من ثمانية آلاف كلمة في كل المضامين، السياسية والثقافية والاقتصادية، قائلا في نفس السياق انعه من "حق العربية أن تنال حظوة الاعتراف"، وذكر عز الدين ميهوبي في سياق حديثه عن فترة رئاسته للمجلس الاعلى للغة العربية بانخراطه في جميع نشاطات هذا الاخير حتى قبل تعيينه على رأسه، مشيرا إلى انه مستمر في استكمال أهداف الهيئة من نشر وندوات ومتابعة ميدانية لاستخدامات اللغة العربية في الإدارة والمحيط، مضيفا ميهوبي في نفس الاطار بان اللغة تجد اهتماما كبيرا من لدن أعلى هرم في الدولة، ذلك لأن المجلس الأعلى للغة العربية والمجمع الجزائري للغة العربية والمحافظة السامية للأمازيغية، كلها هيئات تنشط برعاية رئاسة الجمهورية، وهذا تأكيد على أن اللغة تعني الهوية، ولا يمكن ألا تنال الهوية الوطنية مكانتها في فكر الدولة وممارساتها، ليضيف ان مكانة المجلس عربيا فهي مكرسة في حضوره الدائم في كل الفعاليات التي تقام في مختلف العواصم العربية عارضا تجربة الجزائر لأنها جديرة بالتعرف عليها، إذ إن الجزائر تعرضت لاستعمار استيطاني استهدف اللغة بصورة أكثر شراسة. وأن تستعيد الجزائر لغتها بعد حرب ضروس استمرت طويلا ويجد الجزائريون أنفسهم في واجهة المشهد الثقافي والأدبي والأكاديمي العربي فارضين تألقهم وتفوقهم، فذلك دليل على أن المدرسة الجزائرية رغم ما تتطلبه من تعميق للإصلاحات فإنها أنتجت جيلا فيه الكثير من القدرة على تقديم إبداع متميز بالعربية، كما اشار بانه شخصيا لا يرى حاجة لتأكيد ذلك فأسماء جزائرية بارزة -أبانت عن اقتدار- كثيرة ومن كل مناطق الوطن، فلم السوداوية التي تختزل الأمر في واجهات محلات بعض الشوارع لأنها لم تُكتب بالعربية.. ألم تلفت انتباه الناس لافتات باللغة العربية في شوارع مارسيليا أو باريس، فلا الفرنسية أزاحت العربية، ولا العربية أحرجت الفرنسية في بيتها.. تلك هي إفرازات الهويات الزاحفة. 

ليلى.ع

من نفس القسم الثقافي