الثقافي

الصراع روابط الحياة المعقدة

الطبعة الخامسة من مهرجان الجزائري الدولي للسينما

 

 

تواصلت لليوم الثاني فعاليات الطبعة الخامسة من مهرجان الجزائر الدولي للسينما ايام الفيلم الملتزم بعرض 3 افلام في فئتي الوثائقي والطويل حيث كانت البداية بالفيلم الوثائقي " حنا برا " للمخرجة بهية بن الشيخ الفقون، ليتبعها فيلم وثائقي آخر حول قضية طرحا ولا تزال تسيل الكثير من الحبر عبر وسائل الاعلام والمنظمات المعنية بالصحة والبيئة وهي قضية الغاز الصخري، هذا الفيلم بعنوان" الغاز الصخري: هجوم جماعات الضغط" للمخرج ميشال تيدولدي، وفي السهرة عرض الفيلم الروائي" زوجة رجل الخردة" للمخرج البوسني دانيس تانوفيتش والذي يروي معاناة زوجين مع مصاعب الحياة. 

 

“زوجة تاجر الخردة” : رغم المعاناة إصرار وتشبث بالحياة

أعطى فيلم ” زوجة رجل الخردة ” للمخرج البوسني دانيس تانوفيتش الحائز على العديد من الجوائز، إشارة انطلاق المنافسة الرسمية في فئة الأفلام الروائية في إطار مهرجان الجزائر الدولي للسينما في طبعته الخامسة. الصراع من أجل الحياة يمكن اعتباره عنوانا عريضا لهذا الفيلم، فقصة الفيلم عبارة عن نموذج مأساوي واقعي ينقل صورة من البؤس والشقاء لعائلة تعيش في البوسنة في الفترة ما بعد الحرب التي تأبى أن تنتهي، نازيف رجل يشتغل ببيع الخردوات يعيش مع زوجته ســينادا وابنتيهمــا. ذات يــوم بــدأت ســينادا تشــكو مــن آلام رهيبــة فــي المعــدة توجــب على إثرها نقلهــا إلى المستشــفى علــى وجــه الســرعة، ليتضح أن الجنين الموجود في بطنها قد مات ولابد من إخضاعها لعلاج خاص، هنا يقع الزوج في مأزق لتعذره على دفع تكاليف العلاج إضافة لعدم امتلاكه تأمينا صحيا، ما دفعه للجري في كل مكان من أجل إنقاذ زوجته، حيث يقوم بمساعي حثيثة من خلال بعض بيع المزيد من الحديد، وتحقيق بعض الأموال تكون كفيلة لعلاج زوجته. مأساة الفيلم تحيلنا إلى ما يكابده الفقراء، أين يحاربون كل يوم في سبيل توفير لقمة العيش، صور واقعية نقلها دانيس تناول عبرها قصـة حقيقيــة ومؤثــرة لزوجيــن يلعبــان دورهمــا فــي الفيلــم، أمــام منظومة غير آبهة بما يحدث لشعبها، معاناة رصدها المخرج دانيس تانوفيتش الذي نقل تجارب واقعية عاشها في الحرب البوسنية حيث تظهر من خلال الفيلم الصور والتقارير التلفزيونية على ما عانته البوسنة في تلك الفترة بالذات. التجربة التي نقلها المخرج عبر حقائق تاريخية واقعية، رغم غياب البعد الفني فيها، جعلت عمق القصة والمعاناة المستوحاة من الواقع، تقفز فوق كل الاعتبارات الفنية والسينمائية لأنها ببساطة تحرك الوجدان والعاطفة لتشكل تطورا دراماتيكيا كبيرا في الفيلم خصوصا عند استحضار أفضل اللحظات. 

 

“الغاز الصخري: هجوم جماعات الضغط”: لوبيات تسير الملف الشائك

قضية استخراج الغاز الصغري، تثير الكثير من الجدل مؤخرا بسبب مخلفات القيام بها لأنها وببساطة مضرة بصحة الانسان والبيئة وهو ما اظهره المخرج ميشال تيدولدي في فيلمه " الغاز الصخري: هجوم جماعات الضغط"، حيث اثار المخرج الفرنسي ميشال تيدولدي قضية استخراج الغاز الصخري في أوروبا وبالتحديد في فرنسا، وما تطرحه من تساؤلات ومواقف، في ظل سعي اللوبيات الاقتصادية لفرض سيطرتها وإقناع الساسة بضرورة التنقيب عن هذه المادة الحيوية رغم المخاطر المهددة لصحة الإنسان والبيئة. كشف وثائقي “الغاز الصخري:هجوم جماعات الضغط”، لميشال تيدولدي الذي عرض، اليوم السبت بقاعة الموقار، ضمن منافسة اليوم الثاني لمهرجان “الفيلم الملتزم” في طبعته الخامسة، النقاب عن نقاط مهمة ومثيرة للجدل تتعلق باستخراج الغاز الصخري بأوروبا وتحديدا بفرنسا، وما ينتج عنه من آثار سلبية على صحة المواطن والبيئة. وقدم العمل صورة واضحة عن جماعات الضغط أو اللوبيات التابعة لأرباب المصانع التي تلعب منذ سنوات طويلة في محيط الأطراف، وترهن الصحة العمومية خدمة للمصالح المالية للوبيات، وأبرز المخرج الأخطار في صورة جنون البقر، الدم الملوث، التلوث البيئي، وغيرها. مع التركيز على استخدام كل الوسائل للوصول إلى الهدف المنشود لإقناع السلطة بضرورة الموافقة على المقترح غير مبالين بالرأي العام أو حتى جهاز العدالة. وحسب المخرج ميشال فإنّ اللوبيات لا تزال “تحارب” عبر المراحل التي شكلّتها لكسب المعركة مع الدولة والمعارضين، إلا أنّ وعي ثلة من الطبقة السياسية والاقتصادية في فرنسا أرغمها على التراجع لكن تشهد دول أخرى كالدنمارك وبريطانيا وبولونيا بداية عهد جديد لإمبراطوريات الغاز الصخري بعد تحقيق أغراضها. اعتمد المخرج على شهادات مختلفة لرجال السياسة والحقوقيين ونشطاء جمعيات حماية البيئية، الذين طالبوا الحكومة بضرورة اتخاذ موقف صارم من القضية لاسيما باختراق اللوبيات أجهزة السلطة واعتمادهم على كبار المسؤولين والاستعانة بعلماء متواطئين، من خلال تصريحات ودراسات منحازة ومغالطة للصحافة والرأي العام الفرنسي وحدث ذلك حتى في هرم الإتحاد الاوربي. 

 

 “حنا برا”: عندما تتحول خصوصية المرأة إلى عقدة

عالجت المخرجة الجزائريتين بهية بن الشيخ الفقون ومريم عاشور بوعكاز، موضوعا مثيرا للجدل ويملك خصوصية كبيرة في المجتمع الاسلامي والجزائري خاصة وهو قضية " الحجاب"، في هذا الفيلم اسئلة كثيرة طرحت حول مكانة المرأة في المجتمع الجزائري. قدم الفيلم الوثائقي “حنا برا” طرحا جديدا بخصوص الحجاب، حيث يستعرض شهادات لخمسة نساء تحدثن عن تجاربهن في الحياة، وذلك انطلاقا من قصة الشابة منال ذات الـ23 ريبعا ارتدت الحجاب لمدة عامين ولكن بعدها لم تعد مقتنعة به فتساورها أسئلة كثيرة بخصوص ما يحدث لها، وتبين أن الوضع جعلها تكره نفسها لأنها ببساطة امرأة. رغم أن البناء الدرامي للفيلم لم يتم التحكم فيه كما يجب، بحيث أن العديد من المشاهد كانت دون جدوى ولم تعزز في طرح الفكرة الأساسية للعمل، إلا أن اختيار الشخصيات وتقديمها تم بسلاسة متناهية، إذ عرج الفيلم على ثلاثة أراء أساسية، الأولى تتعلق بفتاة قررت نزع الحجاب عن اقتناع وترى في ذلك حريتها الكاملة، والثانية ارتدته ولكنها لم تعد مقتنعة به، والرأي الثالث يتعلق بفتاة حائرة وضائعة بخصوص وضعها كامرأة فهي تحب إبراز أنوثتها، ولكن بالمقابل يحاصرها تحرش الرجال والنظرة القاسية والقاصرة التي توجه إليها لما تكون في الشارع. ويرافع العمل لتتمتع المرأة بحقها في الاختيار وممارسة حياتها كما تريد على غرار الرجل، وأن تكون هي بشخصها وليست هدية مآلها الزواج وتكوين أسرة، وتشير إحدى المستجوبات إلى قضية تهويل ارتداء الحجاب، وتتساءل عن دعم توجيه اللوم لأصحاب قضايا الفساد، وتابعت قولها في الأخير أن مسألة الحجاب والدين مرده إلى الخالق وفي الآخرة لا أحد يعاقب سواها عن ذنوبها. واعتمد العمل على موسيقى تحيل إلى القلق وهو حال كل النساء المشاركات في الفيلم، وهو ما خدم الموضوع المطروح، وتم التركيز على المشاهد المقربة على شكل بورتريهات لتبيان ملامحهن وهن يعربن عن شعورهن المخزي كونهن نساء. 

فيصل شيباني 

من نفس القسم الثقافي