الوطن
منظمات حقوق الإنسان الغير حكومية تحقق مآرب ومصالح دول أجنبية
بوشاشي يعتبر معالجة هذا الموضوع تحقيقا بوليسيا
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 23 ماي 2012
أكد إسماعيل معراف دكتور في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ومحلل سياسي بخصوص موضوع منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية، أن هذا النوع من المنظمات بدايات تأسيسها كان انطلاقا من فكرة المواطنة، والتي تعني احترام حقوق الفرد والجماعات، وقد ظهرت بعد الانفتاح الذي عرفه العالم بانهيار الاتحاد السوفياتي سابقا، حيث برزت فكرة إعادة رسم خريطة العالم بشكل يتلائم مع مصالح الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية على وجه التحديد، وأضاف ذات الدكتور أنه بات واضحا من أن النموذج الأمريكي بطرق الاستهلاك وكذا القيم السياسية والفكرية أصبحت هي الإطار الذي ينبغي على كل الأفراد من أن يتعامل معها، وأن أية محاولة للخروج عن هذا المسار يعني تعرض هذه الدول والشعوب إلى عقوبات وأيضا إلى تهميش على المستوى الدولي.
منظمات حقوق الإنسان كشفت الكثير من تجاوزات الاعتقالات التعسفية
وفيما يخص تموين جمعيات ورابطات حقوق الإنسان غير الحكومية من قبل مصادر أجنبية قال الدكتور: إن هذه الجمعيات لما كان تموينها من الخارج اتهمت بنشاطها المعادي خصوصا ما تعلق بفضحها للأنظمة على غرار جمعيات "زهوان حسين" و"يحيى عبد النور"، فهذه الجمعيات يضيف أنها وخلال العشرية السوداء نادت بضرورة احترام حقوق الإنسان وكشفت في هذا الإطار عن الاعتقالات التعسفية، والتعذيب في السجون، وهذا الدور تلاقى أيضا مع الدور الذي لعبته منظمة العفو الدولية العالمية "آمينسي أنترناسيونال" أو ما يسمى ببيت الحرية الأمريكية، وأيضا التجاوزات التي تقوم بها أجهزة الأمن الجزائرية وكانت تطالب بضرورة إضفاء الشفافية على هذه المسألة، وهو ما اعتبرته السلطة في الجزائر آنذاك على أنها تدخل سافر في الشؤون الداخلية للبلد.
تجفيف منابع التموين الداخلي كان بدعوى ذهاب هذه الأموال للجماعات الإرهابية
إن كل تدخلات المنظمات غير الحكومية والذي اعتبرته السلطة تدخلا سافرا، بالإضافة إلى تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وعدم قدرة السلطة في مرحلة الـ90 على مجابهة هذه المشاكل، لجأت كطريق لإنقاذ ما تبقى من مصداقية للسلطة إلى التضييق على الجمعيات والمنظمات التي تنشط فيما يسمى"بالمجتمع المدني"، حيث تم تجفيف منابع التموين الخارجي أو الداخلي بدعوى أن الأموال تذهب لجماعات إرهابية، وهذا ما أكده الأستاذ المحامي فارووق قسنطيني حينما قال إن منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية اعتقدت في وقت سابق أن الجزائر لا تحارب الإرهاب وإنما تحارب المعارضة، فحسبه الإرهاب المسلح اعتبره غير الحكوميين معارضة مسلحة وساندوه ضد الجزائر، وبهذا يكونون قد دعموا الجماعات الإرهابية معنويا، هذا كان إلى غاية سنة2001 تفجيرات11سبتمبر أرجعت المنظمات غير الحكومية إلى جادة الصواب وبينت لهم أن الجزائر تحارب الإرهاب ولم تحارب أبدا المعارضين، لكن حسبه لحد الآن هؤلاء يشككون في الأمن ويطرحون تساؤلا "من يقتل من" وموقفهم يقول غير معقول.
وفيما يخص التموين الخارجي أو إن صح التعبير الأجنبي خارج المجتمع المدني تأسف المحامي فارروق قسنطيني، وقال لو كنت مكانهم لما قبلت بهذا التموين.
من المستحيل التكلم على منظمات حقوق الإنسان الغير الحكومية في بلدان أوليقارشية
بشكل عام قال الدكتور إسماعيل معراف إنه من المستحيل التكلم على منظمات غير حكومية بعقلية أوليقارشية، بمعنى ليس هناك احتراس لدور المؤسسات الدستورية، بل بالعكس يؤكد الدكتور فيه إعطاء دور متزايد للزوايا للتشويش على الدور الاستراتيجي الذي يمكن أن تقوم به حركات المجتمع المدني، مثلما هو حاصل في الدول الديمقراطية، بالإضافة إلى الزمر والجهوية والمحسوبية. كل هذه العوامل يقول الدكتور تجعل النخب المستنيرة تعجز على القيام بدورها خصوصا وأن النظام يمتلك آلة إعلامية سواء في التلفزيون، إذاعة، الصحف المكتوبة، الإشاعة عن طريق ما يسمى بالمنظمات التي تتبع الأحزاب "المنظمات الطلابية"، وفي كل ذلك الدولة عرفت كيف تستغل الوضعية الفكرية المتدهورة التي يعيشها المواطن الجزائري، فنسبة48 % في الجزائر يقول الدكتور مع قلة الوعي لدى الفرد الجزائري تجعل من دور هذه المنظمات جد محدود. وفي سياق آخر انتقد الدكتور والمحلل السياسي إسماعيل معراف طريقة اشتغال المنظمات غير الحكومية واتجاهها، فاستفسر عن عدم مناقشة مواضيع الأشخاص الذين يموتون في الشوارع، مواضيع البيئة، أوليست هذه المواضيع من مواضيع حقوق الإنسان، ليضيف على المنظمات النظر في قوانينها وعليها أيضا الدخول في المجتمع.
منظمات حقوق الانسان الغير حكومية تحقق مآرب ومصالح الدول.. منها إسرائيل وأمريكا
وخلال بحثنا في الموضوع تأكدنا وبصفة قطعية أن منظمات حقوق الانسان الغير الحكومية لها رابطة كبيرة، وعلاقة إيديولوجية مع المنظمات الدولية تتمثل أساسا في رابط التمويل.
فالسبب الرئيسي الذي ترك المنظمات الناشطة في حقوق الإنسان لا تلجأ إلى المجتمع المدني هي الأسباب المذكورة سابقا بالإضافة إلى سبب آخر رئيسي وهام وهو أن المجتمع الجزائري لم يرق بتفكيره إلى معرفة قيمة ودور الجمعيات في تحقيق أهداف مرتبطة بتنظيمات سياسية واقتصادية. ففي الدول الأوربية تتكون من أفراد مهيكلين في منظمات هي لسان حال المجتمع، أصبح يطلق عليهم ما يسمى"باللوبي" كونها منظمات تتكتل وتكوِن صوتا واحدا لتحقيق مصلحة واحدة وتصبح هيئة ضغط على الدولة.
وقد ذكر لنا مصدر موثوق ذو صلة بهذه المنظمات أن التكتلات الموجودة اليوم في شكل منظمات سواء في الجزائر أو في دول العالم الثالث، بنسب كبيرة جدا لا تسعى لخدمة وتحقيق مصالح المجتمع الذي تنتمي إليه، أكثر ما تسعى إلى تحقيق مآرب ومصالح خارجية من ورائها منظمات غير حكومية دولية التي تحركها أيضا مجموع قوى سياسية، اقتصادية أو مالية دولية تخدم -يضيف- مصالح أمريكا والغرب، وتخدم مباشرة مصالح إسرائيل وهذا تمهيدا لتدخل غير مباشر للدول، وأعطى مثالا عن دولة العراق التي بدأت قضيتها بالمنظمات غير الحكومية الدافعة عن حقوق الإنسان.
الدول الأوربية تستعمل المنظمات الغير حكومية وسيلة ضغط على الدول النامية
وذكر لنا مصدر كان عضوا فاعلا في إحدى منظمات حقوق الإنسان الغير حكومية ولأسباب قال عنها إنها أسباب تتنافى والمبادئ التي يسير عليها انشق عن المنظمة، أن المنظمات الغير حكومية هي تمهيد للسان حال استراتيجية تسير عليها تلك الدول وفق مصالح، أي هي وسيلة ضغط، فالدول الأوربية -يقول- تستغل تلك المنظمات الغير حكومية وفق ما يخدم مصالحها لتجعلها وسائل ضغط على الدول النامية، ومن الوسائل التي تقوم بها تلك المنظمات الغير حكومية -يضيف- العمل على تشجيع إنشاء منظمات غير حكومية إقليمية أو وطنية، فهي مرتبطة بها ارتباطا وثيقا خاصة من الناحية الإيديولوجية لأنها المشرف المباشر على تمويلها.
وقد تبادر إلى ذهننا ونحن نكتب هذه الأسطر أن السبب الرئيسي لانشقاق العديد من الأعضاء عن هذه المنظمات هو أن تحريك الرابطة وطريقة عملها يخدم مصالح منظمات دولية.
منظمات حقوق الإنسان الغير حكومية لن تتكتل ما دام الهدف هو ملء الجيوب وانشقاق الرابطة الجزائرية وقع في مغبة ذلك
الصراع الذي كان بين الأستاذ بوشاشي مصطفى والأستاذ زهوان حسين حسب ما توصل إليه بحثنا عن سبب شتات منظمات حقوق الإنسان الغير حكومية هو صراع مالي، فبعدما ولي الأستاذ زهوان رئاسة الرابطة اكتشف وجود اختلاسات كبيرة قامت بها قيادات جد فاعلة، طـُلب منها الاستقالة لكن هذه القيادات رفضت، وخلقت فتنة بين الشخصين يحيى عبد النور وحسين زهوان، وبهذا يصبح للمنظمة رأسان، رأس يمثل حسين زهوان، ورأس ثان هو بوشاشي مصطفى بدل يحيى عبد النور، كون هذا الأخير انسحب من الرئاسة بالمؤتمر التأسيسي، وهنا بدأ الانشقاق بعد50 سنة من النضال، وبقي من بعيد كرئيس شرفي، لكن تضيف بعض الأطراف أنه وخلال تلك الأزمة استغل يحيى عبد النور عناصر نافذة لتفريقه عن شخصية زهوان وأصبحت المنظمة بفرعين الأول تحت الأمانة العامة لبوشاشي ويسمى فرع يحيى عبد النور، وفرع ثان يمثله حسين زهوان.
رابطات حقوق الإنسان الغير حكومية تعتبر معالجة هذا الموضوع تحقيقا بوليسيا
واجهنا صعوبات عدة لكتابة هذا الموضوع، فمسؤولو هذه الرابطات رفضوا الإدلاء بأي تصريح، وتركوا أسئلتنا بلا جواب من أصحابها المؤهلين للإدلاء بتصريحات.
وقد اعتبر الأستاذ المحامي معالجتنا لهذا الموضوع بتحقيق بوليسي ورفض الإدلاء بأي تصريح فيما يخص التموين الخارجي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، وقد نسي الأستاذ بوشاشي أن الصحافة نوع آخر للبوليس فهي السلطة الرابعة. فيما ألقى بنا الأستاذ زهوان بعيدا، أين ترك أسئلتنا دون جواب، وحقيقة كان هدفنا الأول والأوحد هو التوصل إلى حل وذلك باستبعاد التمويل الأجنبي، وذلك للمخاطر التي أشار إليها الدكتور والمحلل السياسي إسماعيل معراف خلال افتتاحنا لهذا المقال، بالإضافة إلى أطراف أخرى كانت فاعلة في منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية، ولأسباب ذكرت سابقا انسحبوا وتركوا نهائيا النضال الحقوقي، رغم النية العارمة التي تتملكهم للنضال في هذا المجال من باب المواطنة والانتماء الوطني، ومن باب الدفاع عن حقوق الإنسان الهدف الشرعي والنبيل الذي يحتاجه المواطن الجزائري وقت الأزمات.