الثقافي
الإعلام الجزائري لا يملك رؤية لقيمة الفن والثقافة
الروائي واسيني الأعرج:
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 14 أكتوبر 2014
يرى الروائي الجزائري واسيني الاعرج، ان الاعلام الجزائري ضعيف جدا عكس ما يقال عنه بانه اعلام حر وديمقراطي، لكونه –حسبه- لا يملك رؤية لقيمة الفن والثقافة، مشيرا إلى ان هناك صحف توزع ملايين النسخ في اليوم الواحد، لكن الصفحة الثقافية تكاد تكون غير موجودة، وغالبا ما تحذف بوجود الإعلانات المهمة. وأضاف واسيني في نفس السياق بان المثقف الوظيفي موجود في كل الدول وثقافته مجيرة للجهاز، لان أي نظام يحتاج إلى قافلة من المثقفين يتكئ عليهم ويمرر خطابه عن طريقهم حتى يصبح مقبولا، اما بالنسبة للكاتب المستقل والجيد، فهو يحافظ على نفسه بعيداً ليبقى مواطن يهمه بلده داخل المنظومة السياسية والثقافية التي يتبعها، معربا عن اسفه الشديد من بعض الصحف التي تعاون معها بمقالات أسبوعية وانسحب، لعدم احترامها لليوم المخصص لنشر مقالة كل كاتب، وقال واسيني الاعرج في حوار له مع احدى المنابر الاعلامية الغربية حول رؤيته للكتابات الصحفية للمثقفين الغربيين والصحفيين حول مجريات العالم العربي كونه يمتلك ثقافة فرنكفونية جيدة، بان التيارات الفرنسية تعتبرها ثورات ربيع عربي، وحتى في بعض النصوص العربية تعدها ربيع عربي حقيقي، لكن هنالك وجهات نظر أخرى، فهي من الممكن أن تكون ثورات عربية لتغيير الأنظمة والفساد ولضخ العدالة ألاجتماعية لكن في الوقت نفسه، هنالك قوة ضاغطة قد تكون محلية أو دولية بدأت تسير بالثورات نحو مسار آخر غير المسار الذي كانت تريده، وإلا كيف يمكن للثورات أن تأتي بداعش؟ إذن من الأفضل أن نبقى مع الديكتاتورية نحاربها ونقاومها، أن اُقتل وأنا اعلم ماذا أفعل أفضل من العودة إلى ما قبل القرون الوسطى، مضيفا بان الغرب الاستعماري جشع وقوي، ولن يجد أفضل من داعش لينفّذ كل مشاريعه، التي ساهمت اليوم بزيادة الحقد ضد العربي، وتشويه صورة الإسلام تدمير الدولة، والاستيلاء على خيرات الدول العربية، فعلى الرغم من أن أمريكا تحارب داعش، إلا أنها لو أرادت أن تحسم الموضوع معها، لقامت به منذ البداية، هناك تطويل متعمد لأمد الحرب، لغاية ما يتم تدمير المجتمع داخليا وتدمير النظام، وهنا اقصد الدولة وليس السلطة، فالدولة من تحفظ كيان البلد وتمنعه من التمزق وتعمق الشقاق بين أبناء البلد الواحد، كما يحدث اليوم في العراق، فالأكراد احتلوا جزئهم الخاص واشتعلت النيران بين السنة والشيعة، وقامت داعش بتهجير المسيحيين من بلادهم التي يقطنون فيها من قرون، وبذلك غيرت نظرة المسيحي تجاه المسلم، وأمريكا تنتظر احتدام النزاعات وفرض الحكم الفيدرالي وتقسيمها إلى دويلات، وبالتالي لن يكون هنالك دول عربية لديها القدرة على المقاومة وحماية نفسها، اما من جهة اخرى وفي حديثه عن مشاركته في معرض عمان الدولي للكتاب قال واسيني بان مشاركته جاءت لتوقيع كتاب «مملكة الفراشة» وبانتظار صدور السيرة الذاتية «سيرة المنتهى» «عشتها كما اشتهتني»، وبعدها لقاء مع القراء والمثقفين حول هواجس الكتابة في هذا العصر الذي نعيشه، كما تحدث باقتضاب عن روايته الاخيرة "مملكة الفراشة"، قائلا بان "مملكة الفراشة" لا تتناول مباشرة الحرب الأهلية سواء في الجزائر أو غيرها، فالذي يظهر في الرواية ينطبق على جميع البلدان العربية التي عايشت هذا الوضع مثل لبنان، وسوريا، واليمن، والوطن العربي كله في حالة غليان الآن، مضيفا بانه ألقي الضوء على مخلفات الحرب الأهلية التي تنتج الحرب الصامتة، والأحقاد وسلسلة الانتقامات، والرواية تطرح الأسئلة: هل نستطيع أن نتسامح عندما نريد؟ هل التسامح قرار تتخذه السلطة أم هو قرار بيد من كانوا ضحية هذه الحرب؟ هل يملك المتضرر القدرة على التسامح؟ أسئلة تمسنا جميعا، فالإنسان يبقى رهين حياته وتجاربه، هي رواية تمنح فرصة للتأمل وللألم فدورة الحياة تستمر رغم قسوتها وضحاياها، اما عن احدى تصريحاته التي قال فيها بانه سيتوقف عن كتابة السيرة الذاتية خوفا من عدم امتلاك الجرأة للبوح بكل شيء، اكد واسيني انه في السيرة الذاتية قد كتب عن الأشخاص الذين لعبوا دوراً أساسياً في تكوينه الأدبي وهم الجد الأندلسي وجدته التي ربطته باللغة العربية، ووالدته التي منحته اسم واسيني وهو اسم غير دارج نهائيا، على الرغم من انه اسم لأحد الصوفيين المعروفين في المنطقة، كما أنها كانت المعيل الأول للعائلة منذ حرب الـ 1959 التي استشهد فيها والدي وحتى عام 1969 التي اقروا فيها نظام زوجات الشهداء. ومينا أول علاقة حب في حياته، كما تطرق إلى اللقاء الأدبي مع سيرفانتس، الرجل الذي علمنه كيف يكتب على الرغم من انه من القرن السادس عشر وهو من القرن العشرين، إلا أن اغلب كتاباته تضم اللمسة العربية، اما في ختام حديثه قال كشف عن مجموعة مشاريعه المستقبلية، التي ضمت تدقيقا للسيرة الذاتية ونشرها، ومشروع حول الوضعية العربية الحالية، التي تمثل وضعية إنسان عربي في لحظة تأزم قصوى في المجتمعات اليوم، حيث تنطلق من فكرة أن العرب آيلّون للزوال كقوة رادعة وحضور مادي ينسحبون من التاريخ في حال بقوا على ما هم عليه اليوم، مشيرا إلى انه قد وجد عنوانا يعتبر ضبابيا مظلما «2084» والفرعي «قصة أخر عربي على وجه الأرض»، وهي رواية سياسية تحتاج إلى شغل ذهني كبير.
ليلى عمران