الثقافي

الشعر الحر بين القبول والرفض

 

التجديد في الشعر وخاصة في الشعر الحر، ندى إليه الكثير من الشعراء والنقاد أمثال نازك الملائكة" و"طه حسين"... ولكن هذه الأخيرة وقعوا في أخطاء سواء لغوية أو نحوية...لذلك تصدوا لكل ما يعيق هذا الشعر من أجل التجديد فيه والدعوة إلى تطويره... ومهما كان فإنه نجد أنّ الشعر الحربين القبول والرفض...لذا يجب على النقاد التعميق في دراساته ووالوصول إلى خبايا هذا اللون الجديد من الشعر. لم تثر قضية أدبية في عصرنا ما أثارته قضية الشعر الجديد من اهتمام، فقد حاول بعض الشعراء الغربيين والمشرقيين على القالب التقليدي، وعلى قيود الشعر العربي القديم، التي قد تعيق الشاعر على الاسترسال في عواطفه وأخيلته وأفكاره،فضحوا بهذا النسق في سبيل المضمون، كما أن هناك شعراء آخرين خرجوا عن قيود القالب التقليدي لكن لم يهتموا بالمضمون، وهذا الأخير كاف من أهم الدواعي في إثارة معركة حامية بين الأدباء والنقاد. وبحث آخرون في هذا التجديد ومدى ملاأمته لطبيعة الفن الشعري، بحيث إقترح بعضهم حلولا مقبولة للتخلص من هذه المشكلة التي يعاني منها الشعر الجديد بسبب قيود الأوزان الشعرية التقليدية ونظام القافية في الشعر القديم، قد نتج عن الشرح والتعليل والدفاع والهجوم، ظهور طاقات عظيمة من النقاد المعاصرين التي خرجت بالشعر إلى ثورة نقدية موزعة بين تيارات ثلاث: 

التيار الأوّل: يمثل في الإصرار على المحافظة على القواعد الشعرية التقليدية والالتزام بموسيقى الوزن والقافية.

التيار الثاني: ينادي فيه أصحابه بالمحافظة على الوزن ووحدته في القصيدة وموسيقى الشعر.

التيار الثالث: وهو يمثل أصحاب الشعر الجديد والذي ينفر ويرفض الالتزام بالقواعد الشعرية والعروضية والموسيقية التي تقيد الشاعر.

لقد كان موضوع التجديد حقلا خصبا للمعارك النقدية بحيث تضاربت الآراء ما بين النقاد، بين مؤيد ومعارض ومحايد. نجد الدكتور "طه حسين " يقول في موضوع التجديد:"إنما التجديد بالبحث في الشعر الجديد هو البحث عن توفر الأسس التي يجب أن تراعي الفن الشعري والخصائص التي ينبغي أن تتحقق فيه، ولا يمكن أن نعد هذه التجربة شعرا إلا إذا قام على تلك الأسس"1. فهو يرى أن التجديد دعوة غير منكرة ولا هي بجديدة، بل سبق إليها شعراء من العرب وغير العرب، إلا أنه يرى أن البحث والاهتمام يجب أن ينصب على الأسس التي تراعي الفن الشعري الجديد، فالشعر الحقيقي عند"طه حسين" هو الذي يستميل النفوس والأذواق بما أنشأه فيه من الخيال ومن الصور، إذ يجلب أذهان الجماهير والقراء باستعمال الألفاظ الجميلة. أما "العقاد" فموقفه من التجديد "كان معتدلا بحيث رفض كل تجديد من شأنه الإخلال بالإطار القديم للشعر العربي". والدكتور"طه حسين" يقول أيضا "فإذا استطاع الذين يحبون هذا الشعر الحديث أن يقدموا إلينا ما يمتعنا فعلا، فمن الحمق أن ننكره أو تلتوي عنه لا شيء إلاّ لأنه لم يلتزم بما كان القدماء يلتزمون من القوافي والأوزان".

وما يرفضه "طه حسين" في الشعر الجديد هو التقصير في أمرين: 

1. الصدق والقوة وجمال الصورة وطرافتها.

أن يكون عربيا لا يدركه فساد اللغة ولا إسفاف في اللفظ.

أما"نازك الملائكة" تقول في قضية التجديد" فمن الحرص أن ننبه أولا أن الشعر العربي في مختلف عصوره لم يعرف الشطر ذا التفعيلات الخمس، جاء المعاصرون وتناولوا الحرية التي أباحها لهم الشعر الحر، فخرجوا عن قانون الأذن العربية ونظموا أشطر ذات خمس تفعيلات". كما أنها ترى صفات هيكل القصيدة الجديدة، يجب أن يعتمد فيها الشاعر على أمرين: 1 -الصلابة في عرض موضوعة والأسلوب المتميز.

الكفاءة والتي تتضمن: 

•اللغة الشعرية بحيث تعتبرها الأداة والوسيلة في التعبير.

التشبيهات والاستعارات والتي بدورها يجب أن تتسم بالوضوح وجمال المعنى، وكذا التماسك بحيث يجب تحقيق التوازن والتناسق بين نسب القيم. لقد اهتم النقاد بقضايا الشعر المعاصر، إلا أنهم أهملوا ظاهرة الأخطاء اللغوية والنحوية التي يقع فيها الأدباء المعاصرون، بحيث ترى الناقدة"نازك الملائكة" أن عدم اهتمام الشاعر أو الناقد بالجانب اللغوي من النقد ليست إلاّ صورة من عدم الاهتمام من الشاعر نفسه باللغة وقواعدها فهي تقول:"إنّ الجذور الرئيسية لهذه الظاهرة تختبئ في شبه عقيدة موهومة، وقع فيها الجيل العربي المعاصر، مؤداها أنّ عدم الاهتمام باللغة والحرص على القواعد ي{لان على وجود فكري في الأديب وقد تشير إلى نقص في ثقافته الحديثة". فهذه الظاهرة أصبحت في نظر الشعراء التجديد ذاته، وهي تقر على أنّ وظيفة الناقد العربي هو حماية اللغة من الأخطار، لذلك نجدها تدعوا النقاد أن يتصدوا للمدارس التي تريد أن تهدم اللغة وقواعدها.

 

 

 

بقلم: طالب جمال

من نفس القسم الثقافي