الثقافي

مداخلات مهرجان المسرح الجزائري.. أكاديمية وإلا فهي هذر

 

لا قطع مع المناهج الكلاسيكية في المسرح. هذا ما أكده الملتقى العلمي في مهرجان المسرح الجزائري، في يوميه، عن «المصطلح النقدي والخطاب المسرحي» بإشراف حميد علاوي. جوهر العالم المسرحي في المدن العربية لا يزال غارقاً في المناهج والمذاهب الأوروبية والأميركية. مناهج ومذاهب، تكشف النقاب عن وقوع العربي المستمر في المعايير الكلاسيكية. لا نزال كلاسيكيين بتذوق فن المسرح ومحبة عالمه، من خلال تكرار المذاهب والمناهج في العروض، لا جوهرها، بعد موت الجوهر. زال التغريب البريشتي من كثرة استعماله. جرُدت ألوانه. تبعيد دورنمات، لا يخرج من الكيان التغريبي البريشتي. لا يزال العرب يستخدمون الواقعية، كأن لا واقع إلا بالواقعية المسرحية.

العرب لا يعملون جماعات على إنتاج أجساد تعبيرية مسرحية، ذات استخدامات واحدة. هناك تجارب عربية، هناك مسارح عربية. لا أكثر ولا أقل. واقع المسرح العربي ظل لحقائق التجربة الأوروبية. هذا ما أكده الملتقى العلمي.

بحثت المداخلات في حضور النقد في المكونات المدينية العربية، وفي غياب المسرح عن العقل العربي، في المدينة العربية. فمثلاً في المخطط التوجيهي الأول لمدينة بيروت، لا وجود لصالات مسرح. بيروت فيترينة العالم العربي الثقافية. في «أوربانيسم» المدينة لا وجود للصالات المسرحية. ما اضطر اللبنانيين إلى استعمال الصالات السينمائية كصالات مسرح.

كل شيء عند العربي مرهون بالكتب المقدسة. بغياب المنقود يغيب الناقد. كما يعمق غياب النقد المفاهيم الخرافية المتصورة من الناقد العربي نفسه. لاحظ الكثيرون في الملتقى العلمي غرابة بعض عناوين الأوراق المطروحة على طاولات النقاش. هذا عنوان طارق ثابت، من جامعة أم البواقي بالجزائر: «التداولية من منظور النقد المسرحي، البنية الحجاجية من خلال دراسة نماذج مسرحية». هذا عنوان آخر: المشهد/ المصطلح والإنجاز/ تحولات المشهد بين الكتابة المسرحية والعرض المسرحي والإخراج بالأفلمة. بحث حبيب مونسي من جامعة سيدي بلعباس/ الجزائر. هذا عنوان ورقة علي العنزي من الكويت: «ترجمة مسرح الكارثة كوسيط ثقافي». لم يأت الباحث ولم تصل الورقة... كلما تعقدت العناوين، تزداد حساسية حضور النقد في المسرح. لا يعرف الناقد، هنا، أن النقد بذلك بات ممثل الكذب. وإذا لا، الخداع. وفرة الباحثين الجزائريين والأوراق المقدمة منهم أشارت إلى رغبة جزائرية حاسمة، في اختبار عقلية الأكاديميين. لأن اللقاء بالآخر يوفر الارتقاء ويبلوره.

مداخلات الأكاديميين الجزائريين، على قساوتها من ارتهانها الكلي إلى المصطلحات الغربية القديمة، بقيت أهم بكثير من بعض المداخلات الديماغوجية المرتجلة من بعض المسرحيين العرب. كلام بلا هوية ولا قصد. كلام طائر. كلام متكبر فقط. روايات شخصية، مرتجلة، لا تؤلف نصاً ولا مقطعاً ولا سطراً. عرَّف أحد المسرحيين الدراماتورجيا والسينوغرافيا بكلام يعود إلى السبعينيات. لم يتطور مفهومهما عنده، مذاك.

حماس المنظمين الجزائريين للملتقى، وُوجه بسرحان المداخلين، بوجهات نظر خاصة بالاشتغال على الأسطورة بالمسرح العربي وبتفكيكية دريدا بدون مناسبة حضور. وبقراءات لأوراق سها عنها الحضور من صورها الخيالية وخيالاتها الصورية. كلام بلا دلالات، ما دامت الدلالات، حتى الدلالات تتعارض. لم يطرح أحد أسباب موت بعض التجارب الطليعية في العالم العربي. المسرح الاحتفالي ومسرح الحكواتي ومسرح الحلقة أو مسرح المداح أو مسرح السامر أو مسرح الحصاد.

جرى هذا بحضور عبد الكريم برشيد صاحب تجربة المسرح الاحتفالي، كمثال.

لم يخرج الملتقى على المشاهد القديمة. لا علاقة لذاك بالمنظمين. لأن الأخيرين، لا يستطيعون تطوير الأبعاد الجمالية والسياسية والثقافية بالنقد. لا تزال الشعارات معلقة بعد على القدرة على التنفيذ. حيث يحفز المهرجان التجارب الجهوية باختيار تجربتين منها، بهدف المشاركة بفاعلياته. وحيث تساهم الجهات المختصة، بمبالغ بحدود الثلاثين ألف أو أربعين ألف دولار للعرض الواحد، بلا شروط مسبقة. المدهش، أن المهرجان أقيم برعاية وزيرة الثقافة الجزائرية، بدون تعليق اسمها على الملصقات.

عن جريدة السفير


عبيدو باشا 


من نفس القسم الثقافي