الوطن
الأفلان ومهمة تعديل الدستور... أي خطأ قد يعصف بمستقبل البلاد
غلق المشهد السياسي وعدم تكافؤ الفرص سهل صعوده كقوة سياسية
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 12 ماي 2012
لم يكن صعود الحزب العتيد بهذه الطريقة من جديد أمرا عاديا، وحتى وإن صوت الشعب على" الاستقرار " بحسب ادعائهم، فإن الحقيقة أبعد من أن تكون كذلك، فالجو العام الذي ساد السنوات العشر الماضية ميزه الغلق التام للساحة السياسية، فاعتماد الأحزاب كان مرفوضا، والفرص لم تكن متاحة للجميع، ما كرس هيمنة أحزاب السلطة على المشهد، بالمقابل، هل باستطاعة بلخادم بنوابه أن يحل مشاكل الشعب برغم فشله من قبل؟ لم تبق له إلا فرصة أخيرة وهي تعديل الدستور، فهل سيحفظ الدرس أم يقود البلاد الى الهلاك؟
جاء اعتماد الأحزاب الجديدة التي فاق عددها أكثر من 20 حزبا جد متأخرا، وهو ما انعكس سلبا على أدائها في أول استحقاق تخوضه بعد صدور قوانين الإصلاحات، فهي في الواقع ضحية غلق السلطة للساحة السياسية منذ عشرية كاملة، حيث لم تكن تسمح الداخلية باعتماد أي حزب حتى صدرت القوانين الجديدة بعد مبادرة رئيس الجمهورية، وهذا الغلق هو الذي عزز من مكانة تواجد أحزاب ظلت محسوبة على السلطة، أولها حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي اللذان تبادلا الأدوار طيلة عهدتين برلمانيتين كاملتين، ففوز حزب بلخادم بـ 220 مقعد خلال موعد 10 ماي لم يكن في حقيقة الأمر إلا بفعل ترسبات الماضي، وكان غلق الأبواب على العمل السياسي لصالحه، فالفرص لم تكن متاحة للجميع، والتشكيلات التي كانت موجودة في الساحة السياسية لم تكن بالمستوى الذي يغير أو يؤثر في المشهد السياسي، وحتى المعارضة تم تقزيمها وكانت شكلية أقرب منها الى معارضة حقيقية، كل ذلك، يضاف إليه دعم السلطة لجمعيات المجتمع المدني التي أبدى معظمها طيلة العهدتين السابقتين، ولاء أعمى لحزب جبهة التحرير، وهو، كتحصيل حاصل، ما جعل الأفلان يطغى على كل الفرص المتاحة لإظهار نفسه حامي مصالح الشعب، وعمل بوسائله الخاصة المعروفة وغير المعروفة على غلق باب تكافؤ الفرص أمام باقي السياسيين، سواء من كانوا معتمدين من قبل الداخلية أو أولئك الذين صد الباب في وجوههم، فلا يمكن أن يظهر الحزب العتيد الحاكم منذ 50 سنة بمظهر الغيور على مصالح الشعب هكذا، لو لم تخدمه الظروف السائدة، فنتيجة تراكمات عشرية كاملة من الغلق، كانت عدم قدرة الأحزاب الجديدة على التعريف بنفسها وضيق الوقت لشرح برامجها، كما أن زرع فكرة عدم الثقة والأكثر أمانا وحفاظا على استقرار البلاد، جعل الشعب يرتاب ويتوجس خيفة من التشكيلات الجديدة، وهو ما خدم السلطة والأفلان، لكن ما هي الانعكاسات التي يمكن أن تنجر عن هذا الفوز؟ هل ستكون سلبية أكثر من ذي قبل ويزداد الأمر سوءا بفعل عودة حزب فشل في حل مشاكل الشعب؟ فهو ونوابه الذين رفعوا أيديهم في عهدتين كاملتين، لصالح مشاريع مررتها الحكومة، لم يوفقوا في وقف "الحرڤة"، وبقية أزمات البطالة والسكن في عهدة هذا الحزب، دون حلول، وإن كان ما قام به ترقيعيا ولم يرق لتطلعات الملايين دون سكن أو شغل، ولم يوقف الاحتجاجات اليومية للفئات العمالية وحتى المواطنين العاديين، إذن الأمر الواقع المفروض حاليا، هو فوز جبهة التحرير وعودتها كما كانت منذ 50 سنة حزبا حاكما لخمس سنوات أخرى، وينبغي هنا أن نشير الى أن مهمة نواب المجلس الشعبي الوطني الجديد، وأغلبهم من الحزب العتيد، ستكون تعديل الدستور، فهل يمكنهم تحقيق آمال الشعب والتكفير عن أخطاء الماضي؟ فرصتهم الآن جاءت كي يستدركوا ما فات، والرهان الأكبر للأفلان وللبرلمان ككل هو تقديم دستور جديد يكون في مستوى طموحات الرئيس بوتفليقة أولا، ثم الشعب الجزائري بطبقته السياسية وكل الفئات المجتمعية، ولكن لا يسمح لهؤلاء بل يجب أن لا يسمحوا لأنفسهم، أن يتسببوا في أي خطأ وهو يعدلون دستور البلاد، فوجود أي خطأ سينعكس سلبا على مستقبل الجزائر ويسقطها فيما لا تحمد عقباه.