الوطن

مقري ينتقد مشاركة عسكريين جزائريين في العيد الوطني الفرنسي

اعتبر الخطوة دليل على وجود"مخطط" لكسر السياسة الخارجية الجزائرية

 

انتقد رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، الخيار الذي اتخذه رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، الرامي بإتاحة الفرصة أمام وفد من مؤسسة الجيش الشعبي الوطني بالمشاركة في الاحتفالات الفرنسية بمناسبة العيد الوطني المصادف لـ 14 جويلية الجاري، حيث اعتبر مقري في تصريح لـ"الرائد"، أنّ مشاركة الجزائر في مثل هذه المناسبة الأليمة بالنسبة للكثير من الجزائريين، هو أمر"مرفوض" و"غير مقبول"، وهاجم المتحدث في تحليله لخلفيات وتداعيات الخطوة عبر صفحته الشخصية على شبكة التواصل الاجتماعي"فايسبوك"، رئيس الدبلوماسية الجزائرية رمطان لعمامرة الذي أعلن أمس أول عن قرار مشاركة الجزائر في هذه الاحتفالات مؤكدا بذلك الأنباء التي جاءت في وقت سابق على لسان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، الذي أكد مشاركة الجزائر فرنسا في احتفالاتها في الوقت الذي رفضت فيه الجزائر آنذاك الردّ عليها إلى حين اقتراب موعد الحدث الذي سيكون بداية الأسبوع المقبل.

واعتبر مقري أنّ الإعلان المتأخر عن قرار مشاركة الجزائر ما هو إلا دليل على"الفرنسيين يعرفون ما يحدث داخل مؤسسات الدولة الجزائرية أكثر من الجزائريين أنفسهم، وربما هناك من القرارات ما يتخذ معهم بعيدا عن المؤسسات السيادية والتمثيلية الجزائرية، فقد أعلن مسؤولون فرنسيون مبكرا بأن الجزائر ستشارك في تلك الاحتفالات، ولم يصدق هذا الإعلان كثير من السياسيين بل هناك شخصيات مهمة في الدولة الجزائرية وفي منظمة المجاهدين من أنكر ذلك أو استبعده، ثم ظهر بأن المسؤولين الفرنسيين هم الأعلم بالشؤون الداخلية الجزائرية من الجزائريين أنفسهم"، وأشار المتحدث في سياق متصل، أنّ"هذه الاحتفالات هي بقدر ما هي مناسبة للفرحة والسرور للفرنسيين فهي بشكلها وظروفها والأسباب المقدمة لمشاركة الجنود الجزائريين فيها سبب للحزن والأسى بالنسبة للجزائريين، فالجنود الذين قتلوا في الدفاع عن فرنسا في الحرب العالمية الأولى والثانية، والذين يريد أن يخلد وزير الخارجية ذكراهم بالمشاركة فيها، لم يشاركوا ولم يُقتلوا فيها بمحض إرادتهم بل أجبروا على ذلك، وهي احتفالات تذكرنا بالمجازر المرعبة التي اقترفها الفرنسيون بعد الحرب العالمية الثانية في أحداث 8 ماي بعد أن غدروا ونكثوا عهودهم"، وتسائل الرجل الأول في حركة"حمس" عن خلفيات وتداعيات هذه المشاركة قائلا"كيف يمكن أن تشارك الجزائر في هذه الاحتفالات ولم يقبل الفرنسيون حتى أن يقدموا الاعتذار عن مجازرهم وتعويض ضحايا ظلمهم وغطرستهم".

هذا ودعا مقري، كل الوطنيين الأحرار للتحلي باليقظة والحيطة في مواجهة هذه الانهيارات وأن يؤدوا واجبهم في إنكار هذه"المناكر"، لاسيما وأن هذه الاحتفالات بحسبه "تذكرنا بالمجازر المرعبة التي اقترفها الفرنسيون بعد الحرب العالمية الثانية في أحداث 8 ماي بعد أن غدروا ونكثوا عهودهم"، وأضاف قائلا"أن هذه التصرفات البعيدة عن عهد الشهداء مجرد ابتلاء سيزول بإذن الله بتضافر كل الأوفياء في أي موقع كانوا".

وأكد خليفة أبو جرّة سلطاني على رأس مدرسة الشيخ محفوظ نحناح، على أن هذه القراءة هي موقف الحركة تجاه ما بدر من السلطة، التي جاءت متأخرة لأسباب مرتبطة بأجندتها، خاصة وأن هذا الموقف يعتبر بشكل قاطع على أن"السلطة الجزائرية غير قابلة للمساءلة"، وأن"الرقابة على الشأن العام التي يضمنها الدستور مسألة خرافية لا وجود لها على أرض الواقع، فالسلطة الجزائرية تظهر مرة أخرى جرأتها على التصرف في قضايا حساسة تهم كل الجزائريين دون أن تعطي أي اعتبار للرأي الآخر ولا تخشى من أية محاسبة وأن سلطتها التنفيذية مهيمنة كلية على سائر السلطات وأن مصير الجزائر بأكمله في جهة واحدة تفعل به ما تشاء دون رقيب ولا حسيب"، وجدد المتحدث في سياق متصل، تخوفه من أنّ تكون هذه الخطوة التي اتخذت سرا ثم علمت أخيرا تعبيرا عن وجود مخطط لكسر الأسس المبدئية للسياسة الخارجية الجزائرية والثقافة الوطنية التقليدية للدولة الجزائرية التي ذهب ضحيتها الملايين من الشهداء عبر عقود الاستعمار، ضمن مسلسل تغليب اللغة الفرنسية على اللغة العربية، وما يتعلق بالمنظومة التربوية وقضية فلسطين كملفات لمسنا فيها تراجعا منهجيا متدرجا، وهو سلوك سيؤدي إلى ضرب استقرار البلد إن تأكد وتفشى وسيعطل البلاد في طريقها للتطور والنهوض، لأن شغل الناس بالصراع على هويتهم، التي حسمها التاريخ ومواثيق الحركة الوطنية، لن يكون إلا في صالح القوى الاستعمارية ومن يخدمها في هذا الوطن بعد أكثر من خمسين سنة من الاستقلال، الذي تتزامن معه هذه الخطوة غير مسؤولة من السلطات الجزائرية.

خولة بوشويشي

من نفس القسم الوطن