الوطن

شيوخ صوتوا وشباب شاركوا من أجل بوتفليقة.. وآخرون التشريعيات لا حدث

العاشر ماي يوم كباقي أيام الأسبوع في حياة الجزائريين

خرج الجزائريون يوم الخميس، كل في طريقه، فمنهم من اتجه إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بصوته لصالح من يمثله في البرلمان، وأغلبهم من الشيوخ والعجائز الذين تعودوا على الانتخاب، ومنهم من جعل يوم العاشر من ماي كسائر أيامه، فخرج للتنزه أو للمقاهي، وتجاهلوا وجود انتخابات، وهي طريقة عبروا بها عن رأيهم في الأحزاب السياسية، وحتى الذين صوتوا من الشباب فكان مبرر ذهابهم للتصويت هو خطاب رئيس الجمهورية وليس برامج السياسيين.

كان يوما عاديا كباقي أيام الأسبوع بالنسبة لسكان العاصمة، ففي معظم شوارعها، من حسيبة بن بوعلي مرورا بديدوش مراد وصولا إلى الأمير عبد القادر، كانت الحياة عادية والحركة فيها مألوفة جدا، فلا أثر كان يشير إلى وجود انتخابات أو اهتمام من قبل المواطنين، فالمقاهي كانت مملوءة كعادتها، والشوارع والأزقة كانت تعج بالشباب إناثا وذكورا، شيوخا وكهولا، وحتى الأطفال، الكل خرج لقضاء حوائجه، لم تكن ملامحهم تشير بأنهم على علم بوجود انتخابات تجري في عاصمتهم. ارتأت "الرائد" أن تتطلع عن كثب عما كان يجري بمراكز الاقتراع، فكانت الوجهة في البداية إلى الشارع العربي بن مهيدي، بحثنا عن أقرب مركز اقتراع فدلنا البعض على مركز الموحدين بنهج محمد إدريس باي، مركز انتخابي خاص بالنساء فقط، عدد المسجلين به قدر بـ 1327 امرأة، لم تكن نسبة المشاركة فيه قد تجازوت الـ 10 بالمائة، أهم ما لاحظناه غياب ممثلي الأحزاب في مكاتب التصويت، كان هذا المركز مجاورا لمركز آخر للرجال، قيل لنا إن أحد ممثلي الأحزاب وتبين أنه من التجمع الوطني الديمقراطي أراد أن يعرف نسبة المشاركة لكن رئيس المركز لأنه رفض التعامل معه ما جعله يتناوش معه كلاميا، وقيل لنا إنه سقط مغشيا عليه ونقل إلى المستشفى، وتبين أيضا بأنه يعاني نوبة صرع.

باستور... أويحيى صوت دون مشاكل والشيوخ أكثر الناخبين
كانت وجهتنا التالية مركز الاقتراع المتواجد بنهج باستور، وهو المركز الذي صوت فيه الوزير الأول أحمد أويحيى، أمين عام الأرندي، قدر عدد المسجلين به 4602 موزعين على 18 مكتبا، لكن في هذا المركز لم تسجل نسبة مشاركة قوية، حيث لم يصوت إلا 728 في حدود الثالثة زوالا، وما تم تسجيله من قبل رئيس المركز منذ الصباح هو غياب ممثلي الأحزاب في المكاتب، فلم يحضر إلا 18 مراقبا من أصل 95، كما أن بعض المكاتب لم يكن فيها أي مراقب وهو ما ترك الإدارة تشرف على العملية لوحدها، وما لاحظناه ونحن نقف عند المدخل الرئيسي، توافد عدد من كبار السن على المركز للتصويت، وبعضهم لا يقوى على الحركة، سألنا شيخا كان قد خرج للتو من مكتب اقتراع عن السبب الذي جعله يأتي للتصويت، فرد "أديت واجبي كعادتي من أجل بلادي"، وقال شيخ آخر "ما جعلني أخرج من بيتي كان تذكري ثورة نوفمبر وكان لخطاب الرئيس بوتفليقة أثره في"، وكان صعبا علينا إيجاد شباب داخل المركز، لكن ونحن واقفين نرقب الداخل والخارج، وإذا بشابين في الثلاثينات من العمر دخلا المركز وكأنهما تائهان، اقتربنا منهما لمعرفة ما جاءا من أجله، قال الأول "جئت كي أصوت وأقوم بواجبي لكن سأضعها بيضاء"، ولما سألناه عن السبب قال "أنا حركني خطاب رئيس الجمهورية يوم الثلاثاء في سطيف، ولكن المرشحين لم يقنعوني"، وأضاف آخر "أنا جئت من أجل المشاركة فقط وليس من أجل الأحزاب، لا الأفالان ولا الأرندي ولا جاب الله أقنعوني"، ليزيد على ذلك بالقول "جئت أضع الختم عليها لا غير"، التقينا بالصدفة في ردهة من ردهات المركز، أحد الموطنين الذي أبى إلا أن يصوت بالرغم من أنه كان جد ثمل، هو طبيب في الخمسين من العمر، مزدوج الجنسية، صوت على فرنسوا هولاند منذ أسبوع، له جنسية فرنسية وأخرى جزائرية، لم يكن له بطاقة ناخب، لكنه أصر على أداء واجبه الانتخابي.

ناخبون تائهون وآخرون شطبوا من القوائم وناخبات داخل مراكز للرجال
أهم ما لاحظناه ببعض مراكز التصويت هو توافد العديد من المواطنين من فئة الشيوخ والكهول، بعضهم صوت وانصرف دون مشاكل، لكن المئات من المسجلين وجدوا أنفسهم تائهين بين هذا المكتب أو ذاك، دخلنا مكتب الاستعلام والتوجيه بمركز الانتخاب بباستور، وعلمنا من موظفيه أن بعض الناخبين الذين تعودوا على التوصيت بهذا المركز لم يجدوا أسماءهم في القوائم، والآخرون جاؤوا دون بطاقات انتخاب، وحتى من غير المسجلين من أراد أن يستفسر عن كيفية التسجيل، وبالمكتب القتينا بأحدهم يشتكي عدم وجود اسمه، قالي لنا "جئت أقوم بواجبي فلم يقوموا بواجبهم "حيث اعتاد التصويت بالمركز وكانت معه بطاقة انتخاب تثبت تصويته منذ 1999، وتساءل آخر "لماذا اختفى اسمي من القائمة لم أجد من يوضح لي الأمور؟"، تلك كانت جولتنا في المركز الانتخابي الذي مر منه الوزير الأول أويحيى. كان الناخبون يرددون "هاذي بلادنا ونحن قمنا بالواجب" وآخرون رددوا عبارة "خطاب الرئيس... لبوتفليقة فقط لأنه أوصانا بالجزائر خيرا".

من نفس القسم الوطن