الوطن
بلخادم يعود من بعيد
رغم الانشقاقات، السلطة أرادت له أن يرجع باسم الشعب
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 12 ماي 2012
أعلن عن النتائج النهائية للتشريعيات، ولفظت الصناديق ما حوت في جعبتها، فأعادت لنا حزب جبهة التحرير الوطني من جديد، إذن عاد بلخادم برغم الانشقاقات التي عرفها حزبه، لكن هذه المرة أريد له من قبل السلطة أن يرجع باسم الشعب، فما سر هذه العودة الى الساحة بهكذا قوة؟ كيف تضاعفت النتائج لصالح الأفالان بهذا القدر؟ هل قام الرئيس بإدارة حملة انتخابية لصالح الأفالان؟ فالشعب الجزائري انتخب مع الرئيس ولبى دعوته، فهل هي عودة للأحادية الحزبية بعدما قطعت الجزائر أكثر من 20 سنة في التعددية؟ هل هذه هي الإصلاحات التي أرادها الشعب وبادر بها الرئيس؟
يكفي أن نقارن بين عدد مقاعد المجلس الشعبي الوطني وبين ما حصل عليه الحزب العتيد، حتى نتأكد أن اللعبة السياسية قد تم غلقها في وجه كل صوت معارض، فمن أصل 462 مقعد، فاز حزب بلخادم على 220 مقعدا منها 68 خصصت لنساء الأفالان، حيث حقق قرابة ضعف ما حصل عليه في تشريعيات 2007، فقبل خمس سنوات، كان عدد مقاعد حزب جبهة التحرير 136 مقعد، ولم تكن له أغلبية لكنه تحالف مع التجمع الوطني الديمقراطي وحركة حمس ليكونوا أغلبية تخدم برنامج الرئيس، وشهد الحزب عدة انشقاقات كادت تعصف به، حيث انقسم في الأول الى نصفين، شق أطلق على نفسه حركة التقويم وتأصيل الحزب والتي أعلنت خروجها عن طاعة الأمين العام عبد العزيز بلخادم مباشرة بعد المؤتمر التاسع في 2009، وراح قوجيل ومن معه يحاولون بشتى الطرق إسقاطه من على رأس الأفالان والطعن في شرعية أعضاء اللجنة المركزية الذين أحاط بهم نفسه، وبرغم ذلك لم تستطع أن تقاوم شراسة الرجل الذي قزمها الى درجة لم يعد لها تأثير على المناضلين، حتى أنها راحت خلال الحملة الانتخابية تحشد الدعم لصالح المشاركة القوية في الانتخابات، وهو ما خدم حزبها بطريقة أو بأخرى، وكان آخر انشقاق عرفه الحزب العتيد، ذاك الذي قاده الوزير الأسبق بوجمعة هيشور وعضو المكتب السياسي عبد الحميد سي عفيف، حيث حاول هؤلاء تكسير بلخادم والطعن في شرعيته، وبعدها سحب الثقة منه، لكنهم فشلوا ونجح هو، فهو الذي قال "إذا خسرت سأنسحب"، لكنه لن ينسحب، لأنه فاز، لكن كيف فاز؟ الجواب واضح من خلال النتائج، فالصناديق أفرزت الأفالان، والشعب صوت بنسبة 42 في المائة، وقاطع قرابة 57 في المائة من الجزائريين هذه الانتخابات، وبغض النظر عن كيفية فوزه أو الطريقة التي عاد بها، فهو عاد هذه المرة باسم الشعب، وقد أُريد له أن يعود كذلك، فالتعبئة الأخيرة التي قام بها رئيس الجمهورية من خلال زيارته لمدينة سطيف والخطاب الذي ألقاه للشعب، ساهم بشكل كبير في بلوغ هذه النسبة من المشاركة، فلولا خطابه ودعوته الجزائريين للتصويت لإنقاذ الجزائر، لما فاز بلخادم، فالشعب لم يصوت على برنامج الأفالان بل صوت من أجل الرئيس، فهل يا ترى قامت السلطة بحملة انتخابية قبل 48 ساعة عن موعد الانتخابات خدمة لجبهة التحرير؟ فهل كان الرئيس يدير الحملة بشكل غير مباشر لصالح حزب بلخادم؟ وهل سيتحمل الرئيس تبعات عودة الحزب الحاكم من جديد الى السلطة؟
النتيجة الوحيدة والواقعية التي ظهرت بعد إعلان ولد قابلية عن نتائج التشريعيات، هي أن بلخادم عاد من بعيد برغم الانشقاقات في صفوفه، وتحامل الأحزاب الأخرى عليه وتحميله كل أزمات الجزائر، لكنه عاد باسم الشعب، وأعاد للأذهان زمن الحزب الواحد، وسوف لن تقوم للمعارضة قائمة إذا ما انضم إليه التجمع الوطني الديمقراطي ليشكلا بذلك قوة سياسية داخل البرلمان بـ288 مقعد.