الوطن

مهزلة الأفالان في الأوراسي

اللقاء شهد مناوشات بين أنصار الطرفين وتبادل للتهم بين سعداني وبلخادم

 

 

عاش حزب جبهة التحرير الوطني وأعضاء لجنته المركزية التي تعتبر أعلى هيئة بين مؤتمرين، مهزلة حقيقية صنعها كل من الأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم وخليفته في أمانة الحزب عمار سعداني، الذين استنجدا بحلفائهم لهم من أجل فرض جدول أعمال وفق الأجندة التي يتحرك من خلالها كل طرف، وأدت الصراعات التي كانت على مدار الأشهر الماضية بين هذين القطبين في الجبهة إلى تجدد المواجهة بينهما في صورة تعتبر الأولى من نوعها في تاريخ الحزب العتيد الذي عاش أمس مهزلة لم يشهدها من قبل في أوج الأزمات التي عصفت بأمناءه العامون وأطاحت بالبعض وجاءت بالبعض الآخر إلى واجهة الأحداث السياسية التي تعيشها الجزائر وستقبل عليها مستقبلا والتي لم تكن في منأى عن ما حدث في اجتماع دورة اللجنة المركزية العادية التي جرت أشغالها صبيحة أمس بفندق الأوراسي بالعاصمة، حيث وجد سعداني في غياب بلخادم عن قاعة الأحداث التي جرت بها أشغال الدورة التي ترأسها الفرصة في توجيه تهم له تتعلق باستحواذه على منصب أمين عام دون أي وجه حق وأخرى رفض الكشف عنها مشيرا إلى أن ما يحوز عليه من معلومات تجعله يبدأ فقط من التاريخ الرجل من منطقة الجلفة، وفي الوقت الذي كان فيه سعداني يوجه سهاما حادّة لخصومه داخل الجبهة، كان أنصاره يقاومون في معركة بالأيدي ومناوشات كلامية لمنع بلخادم وأنصاره من دخول قاعة الاجتماع، الذي تم فيه تزكية جديدة لأجندة أطراف في السلطة لا زالت تراهن على سعداني ولا ترى بديلا عنه في الوقت الراهن.

لم يمنع الطوق الأمني والبشري الذي تعزز به الجناح الداعم لسعداني خصوم هذا الأخير من عقد اجتماع موازي للاجتماع الذي نظمه سعداني بالغرفة المحاذية للقاعة التي احتضنت اجتماع اللجنة المركزية الذي دعا له الأمين العام الحالي للحزب العتيد، حيث حاول أنصار بلخادم الحصول على تأييد لحلفائهم في الجنة من أجل فرض جدول أعمال خاص بهم بعيدا عن جدول الأعمال الرسمي الذي عمل به سعداني والمشاركون معه في اللقاء، وتمحور جدول أعمال هؤلاء حول نقطة واحد تعلقت بانتخاب أمين عام للحزب، وتم بموجب هذا القرار الذي صادق عليه 121 عضو من أعضاء اللجنة المركزية من المؤيدين لبلخادم تنصيب لجنة ترشيحات وعين أحد أعضائها كرئيس وتقدم بعد ذلك بلخادم بإيعاز وتزكية من أنصاره لتقديم نفسه كمرشح لأمانة الحزب، ولكن وعلى الطرف الآخر لم يتأثر المشاركون في أشغال الدورة بصفتها الرسمية بما يحدث خارج القاعة التي أحكم عليها سعداني بقبضة من حديد ومنع المشاركين فيها من الخروج إلى حين رفع أشغال الدورة والمصادقة على تزكية البرنامج الذي جاء به، وهو ما عزز الانقسام بين أعضاء اللجنة المركزية بين مؤيد للأمين العام الحالي عمار سعداني، وخصمه السابق وزير الدولة مستشار رئيس الجمهورية عبد العزيز بلخادم، خاصة بعد منع هذا الأخير من دخول قاعة الاجتماع والتي ربط مشاركته فيها بالسماح بأنصاره المقصيين من الدورة بالمشاركة فيها، وهو الأمر الذي رفضه سعداني جملة وتفصيلا، وأمام إصرار كل طرف على شرعية الخيار الذي يتحرك من خلاله كانت الفوضى هي المميز الوحيد لأشغال دورة الأوراسي التي عاشت أمس حلقتها الثانية بعد أكثر من 10 أشهر تسلم فيها سعداني زمام الأمور بالحزب العتيد، حيث كان الفندق مسرحا لتصريحات وتبادل للتهم بين الطرفين، خاصة بعد أن حاول بلخادم الذي يحوز على عضوية في اللجنة المركزية دخول قاعة الاجتماع للمشاركة في أشغال الدورة رفقة مناصريه غير أن مناصري سعداني منعوه من ذلك، وأتاحوا له الفرصة للمشاركة بشكل فردي وهو ما قابله هو بالرفض، وعلق عن هذا التصرف بأنه"محاولة للهروب بالحزب" ولم يتوقف عند هذا الحدّ فقط بل أتهم سعداني بكونه يسعى لإحداث"شرخ كبير وعميق في جبهة التحرير الوطني وهو مقبل على مؤتمر بعد أشهر قليلة من الآن"، موضحا أن الهدف من تواجه هنا للمشاركة في أشغال دورة اللجنة المركزية هو لتعزيز وحدة صفوف الحزب والذي قال بأنه لن يكون إلا عن طريق"الاحتكام للصندوق" كحل لتحقيق مطلب"الشرعية" الذي يطالب به الجميع.

وفي الوقت الذي كان فيه أنصار الأمين العام السابق للأفالان، ينتظرون إشارة لتفعيل الأجندة التي جاء لتحقيقها بلخادم رفقة هؤلاء في دورة أمس فاجأهم بلخادم بالانسحاب بعد اتصال هاتفي مفاجئ، أشار مقربون منه بأن كان من رئاسة الجمهورية التي رفع لها سعداني بشكل استعجالي شكوى ضدّ الحرص الشخصي لمستشار الرئيس والذين اتهمهم فيها بإشهارهم للسلاح في وجه المنظمين وهو الأمر الذي يتم التحقق منه في الوقت الراهن على مستوى إدارة الفندق عن طريق الاستعانة بكاميرات المراقبة، ورغم عودة بلخادم بعد حوالي ساعة ونص إلى الفندق وعقد اجتماعا مع أنصاره إلا أن اللأمور بقيت على حالها بالنسبة له فيما ألغى بشكل مفاجئ سعداني أشغال الندوة الصحفية التي كان قد قرر أن يعقدها.

وكان قبل ذلك قد أكد أمام أعضاء اللجنة المركزية الذين شاركوا في الدورة التي دعاهم إليها، سعيه للعمل من أجل المحافظة على وحدة الحزب"دون إقصاء أو تهميش"، وأضاف خلال كلمة ألقاها لدى افتتاح أشغال الدورة العادية للجنة المركزية أنه يرحب"بجميع المبادرات الإيجابية التي تقترح داخل هياكل الحزب"، مبرزا استعداد الحزب للدخول في مرحلة جديدة بغية تحقيق المزيد من الانتصارات، وأشار إلى أن "الذين يسعون إلى تزييف الحقائق هم واهون" على حد تعبيره قبل أن يؤكد أن الحزب سيبقى "وفيا لخدمة الجزائر وحريصا على تمكين الجميع من التعبير عن مواقفهم بكل حرية في إطار احترام الأقلية للأغلبية".

أما بخصوص المؤتمر العادي العاشر القادم الذي سيعقد خلال الثلاثي الأول من سنة 2015، دعا سعداني إلى ضرورة جعله "فرصة من أجل تقويم وتقييم أوضاع الحزب ووضعه على سكة التطوير من خلال ديناميكية فعالة متجهة نحو مستقبل أفضل"، ومن جهة أخرى أكد الأمين العام دعم الحزب لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة مشددا على أن ذلك "موقف ثابت من أجل مصلحة الجزائر ومن أجل تطبيق برنامجه لبناء دولة الحق والقانون"، وفيما يتعلق بتعديل الدستور، أكد أن مطلب الحزب بذلك "لم يكن سياسيا فقط، بل هو مطلب ضروري من أجل ترشيد الحياة السياسية وتحصين الدولة من كل الهزات وتفعيل المؤسسات وضمان استقرارها"، وعبر عن حرص الحزب على تماسك الجيش الوطني الشعبي، الذي كما قال "ظل وفيا للوطن واستقلال البلاد ووحدتها"، وبشأن "الفوضى" التي حصلت قبل انطلاق أشغال الدورة، قال سعداني بأنه يتأسف لما يحصل بين"أبناء الحزب الواحد"، موضحا أن هذه السلوكات تعبر عن "تصرفات مقصودة بغية الإساءة إلى سمعة الحزب الذي يأمل مناضلوه أن يكون دائما في الريادة".

هذا وقد أكد سعداني على أشغال الدورة عرفت حضور 272 عضوا و10 أعضاء  شاركوا بالوكالات من بين 341 عضوا تمت دعوتهم، وتعد الدورة الحالية للجنة المركزية الأخيرة قبل انعقاد المؤتمر العاشر العادي للحزب، وقد أدرج في أشغالها حصيلة نشاط السداسي الأولى لسنة 2014، وتم فيها أيضا تنصيب اللجنة الوطنية لتحضير المؤتمر العادي العاشر، وناقش أيضا مقترحات الحزب التي سيتقدم بها للمكلف بملف المشاورات أمام رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، كما قدم التقرير المالي للحزب أمام أعضاء اللجنة الذين صادقوا عليه.

خولة بوشويشي


من نفس القسم الوطن