الثقافي
"أدباء جيلي حاربوا الديكتاتورية المؤسساتية التي لا يجدها أدباء اليوم بعد الربيع العربي"
أمين الزاوي على هامش المهرجان الدولي للأدب والكتاب الشباب:
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 23 جوان 2014
يرى الروائي الجزائري امين الزاوي بان الخيبة السياسية التي عايشها جيله من الادباء تكمن في دكتاتورية العدالة والتنظيم التي كانت تمارس عليهم انذاك، اين كانت حرية الرأي والتعبير والاختلاف مغيبة، مما اسس لمجتمع منغلق على نفسه، في حين وصف جيل اليوم من الكتاب بأنه جيل مفكك ومنغلق على نفسه، مشيرا إلى ان الفرق بينهم وبين جيل اليوم يكمن في ان جيله كان يقاتل من اجل محاربة الديكتاتورية المؤسساتية التي تمارسها السلطة، في حين جيل اليوم لا يملك مؤسسات اصلا نظرا لغياب الحكم والدولة في الكثير من البلدان العربية حاليا كدولتي ليبيا وسوريا.
وقال الزاوي في حوار له مع موقع "الجزيرة نت" على هامش المهرجان الدولي السابع للأدب والكتاب الشباب بالجزائر، وفي اطار تقييمه للحركة الشبابية في الجزائر وعن ما قدمه الشباب من إنتاج أدبي وما طرحوه من أفكار خلال المهرجان، بانه من الاجدر أن نعترف أولا بأن هناك جيلا جديدا من الكتاب، وهذا الجيل فيه أصوات نسائية أهم من الأصوات الرجالية عددا وحتى في كثير من الأحيان تميزا في الكتابة، مضيفا بأن هذا الجيل من الشباب يكتب باللغتين العربية والفرنسية، وأيضا هذا الجيل يريد أن يطرح على نفسه سؤالا مهما حول وضع مسافة بينه وبين الأيديولوجيا، بمعنى أنه يريد أن يدخل إلى الخطاب الجمالي الأدبي مباشرة، وأعتقد أن هذه حالة صحية، ولكن الابتعاد عن الأيديولوجيا يحتاج إلى جهاز معرفي، جهاز قراءة وجهاز ثقافي عام، وأعتقد أنه نتيجة للكبت وغياب الديمقراطية فإن المجتمعات العربية للأسف لا توفر الكتاب الجيد التنويري الذي يسمح بمثل هذا الطموح، ولذا أقول إن هذا المهرجان استطاع أن يقدم هذه الأصوات ويقدم أسئلة هذه الأصوات التي تريد أن تخرج من مأزق ثقافي أولا، وتريد أيضا ألا تسقط في فخ السياسوية وتذهب إلى البحث الأدبي لا غير، مشيرا إلى انه سجل ملاحظة مفادها أن كثيرا من الشباب الآن هم من خريجي الجامعات وبعضهم أساتذة جامعيون، والمعرفة هي مسألة أساسية في تجربتهم الأدبية، كما أن هناك مسألة أخرى طرحت في هذا المهرجان هي علاقة الإعلام الإلكتروني بتجارب الشباب الجدد، لأن الكتابة الشابة اليوم لا تعتمد فقط على الوسائط الكلاسيكية القديمة كالكتاب الورقي أو المجلة أو الجريدة الورقية، بل تعتمد أيضا على الاتصالات الرقمية، وهو باب جديد يراهن عليه الشباب الآن لتثبيت صوتهم ولتثبيت كتاباتهم، وفي سياق متصل وفي حالة ما اذا اجريت مقاربة بين الادباء الشباب الان والادباء الشببا في جيله قال الزاوي بانه يعتقد بان جيله كان يناضل في الثقافة وعن طريقها، مضيفا بان جيل الثمانينات كان يؤمن بأن الثقافة تُغيِّر الواقع، كما آمن بأن الثقافة هي عمل يومي لتغيير المؤسسات وتغيير الأشخاص والمحيط.. قائلا: "لقد كان الحلم كبيرا.. كان الحلم السياسي كبيرا.. وكان حلم العدالة كبيرا، وكان حلم جيل كامل بأنه يكون جيل الجمال والعدالة والثقافة والحضارة والتنوير والعقل، لكن هذا الجيل مصاب بنوع من النكسة أمام ما يحدث من خراب في العالم العربي على المستوى السياسي، حيث تفتت بعض الدول وظهرت النعرات والطوائف والحروب والأمراض، وهو يحمل هذا الألم والجرح بداخله، لذا أعتقد بأن الحلم الذي يحمله جيل الشباب اليوم هو حلم ينطلق من الرداءة القائمة ومن الخراب القائم، في حين جيلنا كان يحمل هذا الحلم ولكن منطلقا من هذه الدول التي كانت دولا صاعدة وأنظمة تدعي أنها تعمل للعدالة والاشتراكية والقيم الإنسانية الكبرى"، اما في ما اذا يشكل الربيع العربي نكسة أخرى للأدب، فقال الزاوي بان هذا الاخير وضع الأديب كإنسان أولا قبل أن يكون منتج أدب أمام سؤال خطير جدا: ما هي سبل التغيير التي توصل الإنسان والمجتمع العربي إلى الأمان؟، واضاف بانه ما حدث لم يُجب مطلقا على طموحات التغيير الذي يوصل إلى التنوير والعدالة ويوصل إلى الحرية وتقبل الاختلاف وما إلى ذلك، مشيرا إلى أن الربيع العربي كان نكسة، يعني أنه حطم نوعا من حلم التغيير، فالكثير من الشباب الآن الذين اعتلوا منصة المهرجان يقولون إن ما يحدث في العالم العربي فوضى عارمة، وهذا يجعلنا نتأسف على زمن لا نريد أن نتأسف عليه.
ليلى عمران