الوطن

الحراك السياسي يبعث بتصنيفين جديدين "قوى الاستمرارية وقوى التغيير السلمي"

تساؤلات حول استجابة الشعب لنداء المشاركين في ندوة الانتقال الديمقراطي

 

اعتبر المحامي والناشط الحقوقي مقران ايت العربي انه لا مجال للمقارنة بين ندوة الانتقال الديمقراطي، أو أية ندوة أخرى، واجتماع 22 ثوريا سنة 1954 أو مؤتمر الصومام. فالثوار اجتمعوا في سرية تامة، وتنقلوا في ظروف قاسية، ولو اكتشفت السلطات الاستعمارية مكان اللقاء، لقضت على الجميع وربما على الثورة.

وقال ايت العربي ان الهدف الوحيد لهؤلاء استقلال الجزائر وليس السلطة من أجل السلطة، وكان شعارهم النصر أو الاستشهاد. فكان الاستشهاد وكان النصر. مبينا انه اليوم نجتمع في أضخم الفنادق بالعاصمة، ونتنقل بأحدث السيارات والرباعيات، ونتكلم أمام الكاميرات. أما كون هذه الندوة تاريخية أم لا، فهذا متروك للتاريخ وليس للتصريحات.

واردف الناشط قائلا ان الأحزاب السياسية كانت تصنف بالإسلامية والوطنية والعلمانية. ولكن الواقع يبين وجود الأحزاب حسب هذا التصنيف في السلطة والمعارضة. ويمكن اليوم أن نقترح تصنيفا جديدا يتمثل في تقسيم الأحزاب إلى قوى الاستمرارية وقوى التغيير السّلمي: فالأولى تتكون من الذين يريدون استمرارية الوضع القائم المتميز بديمقراطية الواجهة (تعددية حزبية، انتخابات دورية، مؤسسات...). والثانية تتكون من الأحزاب والجمعيات والشخصيات التي تريد التغيير السلمي. وهنا يطرح مقران سؤال جوهري: التغيير نحو ماذا؟

قائلا "إن ديمقراطية الواجهة لا تكفي لكون الحصول على الأغلبية، ولو في انتخابات نزيهة حقيقة، لا يعطي الحق للحكام في تغيير مشروع المجتمع والنظام الجمهوري كما هو مبين في بيان أول نوفمبر 1954 وقرارات مؤتمر الصومام. ولكن الأغلبية تعني تشكيل حكومة وتطبيق البرنامج المطروح خلال الحملة دون المساس بمقومات المجتمع الجزائري المتمثلة خاصة في الإسلام والأمازيغية والعربية والنظام الجمهوري ودولة القانون الوضعي. ولا يمكن للأغلبية مهما كانت أن تطلب من الجزائريين "الاستعداد لنمط جديد من الأكل واللباس" كما وعد الفيس المحل بمجرد حصوله على الأغلبية في انتخابات ديسمبر 1991 وفق قوله.

و اردف معقبا الناشط الحقوقي الملاحظ أن أغلب التدخلات كانت حول حوصلة السلطة، وهذه الحوصلة يعرفها الجميع ولا تحتاج إلى ندوة. كما حاول البعض الرجوع إلى سانت إيجيديو رغم أن أحد الموقعين على أرضيتها تبنى العملية الإرهابية بشارع العقيد أعميروش التي خلف عشرات الضحايا من المدنيين، وإلى رجوع الفيس بطريقة أو بأخرى. فهذه المحاولات جزء من الأزمة وليس من الحل، والتمسك بها سيؤدي إلى انسداد يصعب تجاوزه.

كما لاحظ مقران ايت العربي أن الندوة كانت بغطاء الأحزاب الإسلامية، مما يستدعي تدعيم التنسيقية لإحداث توازن حتى تبقى هذه المبادرة في طريقها الصحيح المتمثل في التغيير نحو نظام يحترم الحريات العامة وحقوق الإنسان وكرامته، والعدالة الاجتماعية في إطار دولة القانون الوضعي. ورغم هذه الملاحظات التي أسجلها بكل صراحة فإن الندوة كانت بصفة عامة إيجابية. وعلينا أن نتجنب الانزلاقات.

ويبقى دور الجيش وفق مقران في مساهمة له عبر الفيسبوك في الوضعية الراهنة مطروحا باعتباره صاحب القرارات الحاسمة منذ الاستقلال نظرا لفشل الطبقة السياسية أو إفشالها، مما يجعل الجيش مدعوا للعمل في اتجاه التغيير الديمقراطي السلمي لينصرف إلى مهامه التقليدية المطلوبة من كل جيش في مجتمع ديمقراطي.

م اميني

من نفس القسم الوطن