الثقافي

المشاريع المتأخرة لتظاهرة «قسنطينة عاصمة الثقافة العربية» أعظم تحدٍ لنادية شرابي

عاملا ضيق الوقت وضعف وتيرة الأشغال أكبر الهواجس

 

سبعة شهور تفصل مدينة قسنطينة عن الحدث الكبير الذي ستعرفه مطلع السنة القادمة والمتمثل في التظاهرة الثقافية الكبرى التي سطرت تحت عنوان «قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015»، الا ان المشاريع المدرجة في إطار الاستعدادات لهذه التظاهرة تعرف تأخرا ملحوظا في سيرها وعرقلة على جميع الأصعدة وهو الامر الذي سيشكل تحديا كبيرا لوزيرة الثقافة الجديدة نادية شرابي لعبيدي في اولى مراحل استلامها لمقاليد الوزارة.

 

ورغم عمل الوزارة الوصية على قدم وساق بالتنسيق مع مديرية السكن والتجهيزات العمومية من أجل احترام الآجال المحدّدة من طرف الشريك الأجنبي، لتكون هذه المشاريع جاهزة خلال سنة 2015، تبقى عدة مشاريع تعرف عرقلة في السير والانجاز، لعلّ أبرزها مشروع عرف تعطّلا في الانطلاقة ولم تشرع به الأشغال بعد تمثل في مشروع قصر المعارض بمنطقة زواغي سليمان بمحاذاة المطار الدولي «محمد بوضياف»، الذي يبقى أرضا جرداء، في ظلّ تماطل مكتب الدراسات الإسباني عن تقديم دراسة للهياكل القاعدية، كما أنّ مشكل ظهور مياه جوفية تحت أرضية المشروع هو الآخر ألقى بظلاله على تقدّم أشغال المشروع الذي خصّصت له الدولة غلافا ماليا يقدر بـ 1.2 مليار دج، وكلّف بمتابعة أشغاله مكتب دراسات جزائري سبق له أن شارك في متابعة عدّة مشاريع في إطار «تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية سنة 2011»، ومنحت صفقة إنجازه للشريك الأجنبي المتمثل في المجمع الإسباني الذي من المفترض أن يسلّمه قبل نهاية هذه السنة، حسب التوقّعات التي قدّمتها وزيرة الثقافة في آخر زيارة لها لولاية قسنطينة. وبلغ مشروع قاعة العرض بالقرب من قصر المعارض التي من المفترض ان تتّسع لـ 3 آلاف مقعد وانطلقت بها الأشغال بعين الباي خلال شهر أكتوبر الفارط حوالي 40 بالمائة من سير للانجاز، حيث تشرف على انجازها مؤسسة صينية تدخل في إطار إنشاء قطب ثقافي متكامل، حيث تعتزم هذه الاخيرة وضع الهياكل المعدنية لهذا المشروع الضخم في بداية هذا الصيف، حسبما تم تأكيده من طرف المسؤولين الصينيين، معلنين بذلك تسليمها خلال شهر فيفري من السنة القادمة إلى وزارة الثقافة من أجل تجهيزها بالمعدات اللازمة من الصين الشعبية، قبل بداية استغلالها مع انطلاق التظاهرة الثقافية العربية في 16 أفريل من نفس السنة. وحسب الشروحات التي قدّمتها الشركة الصينية لوالي قسنطينة الذي كان مرفقا بمستشارة من وزارة الثقافة في زيارة تفقدية مؤخرا، لمتابعة أهم المشاريع التي تدخل في إطار التحضير للتظاهرة عن قرب، حيث أبدت ممثلة الوزيرة انزعاجها من السير البطيء لبعض المشاريع، على غرار مشروع ترميم قصر الثقافة «مالك حداد» الذي خصّص له مبلغ 300 ميلون دج، وأمرت مستشارة وزيرة الثقافة بمضاعفة عدد العمال في الورشة من أجل ربح المزيد من الوقت وإنهاء المشروع في وقته المحدّد بعد انسحاب الإسبان منه، كما طالبت ممثلة وزيرة الثقافة السابقة من الجهات المعنية ببعض مشاريع الترميم، على غرار المدرسة بشارع العربي بن مهيدي التي ستتحوّل إلى مركز للشخصيات التاريخية والثقافية بغلاف مالي قدره 300 مليون دج، وأوكلت الأشغال إلى مجمع جزائري، وكذا مقر الفضاء التجاري «مونو بري» سابقا، بشارع 19 جوان سيتم تحويله إلى متحف للفنون العصرية وأوكلت الأشغال إلى مكتب دراسة وإنجاز جزائري له خبرة دولية في مثل هذه المجالات، وتم تخصيص مبلغ 350 مليون دج لهذه العملية، كما أمرت بتسريع وتيرة المعالجة الإدارية للملفات الخاصة بهذه المشاريع من أجل إتمامها في الوقت المحدّد، لأنّ قسنطينة دخلت في سباق مع الزمن لإنهاء على الأقل 60 بالمائة من المشاريع تزامنا مع موعد 16 أفريل 2015، تاريخ انطلاق التظاهرة، وفي الحديث عن ترميم المعالم الاثرية بالمدينة، فعلى الرغم من بقاء مدينة تيديس العتيقة وبعد مرور ثلاثة آلاف سنة من تاريخ الجزائر، في حالة حفظ رائعة، جعلت منها كتابا ومتحفا مفتوحين لم يكشف بعد عن أسرارها الا أن هشاشتها تشكل مصدر قلق أخصائيين وخبراء في الآثار، بعدما اكتشف بالصدفة مؤخرا آثار أحياء إضافية تركت تحت الأرض خوفا من اهترائها أو سرقتها، حيث تم إعداد دراسة بعدها تندرج ضمن برنامج التحضير لحدث "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015"، لإعادة تهيئة الموقع وهي حاليا في لمساتها الأخيرة، برمج فيها توسيع للموقع وتحويل موقف ركن السيارات مع وضع بنى تحتية لاستقبال الزوار، من جهته اكد مدير المركز الوطني للبحث في الآثار، فريد اغيل احريز، أن المركز هو الجهة الوحيدة المخولة بإجراء عمليات الحفر في هذا النوع من المواقع غير أنه لم يتم إشراكه في ذلك. مضيفا بأنه من الضروري القيام بدراسة أولية وإجراء مسح على الأرضية قبل القيام بعملية التهيئة على الموقع. مشيرا الى أن قصر مواعيد التحضيرات التي تثير قلق الخبراء والجامعيين الذين يخشون من التدخلات السطحية عوض القيام بعملية حفر منهجية وعلمية، مبديا تأسف جامعيين من قسنطينة من إشراك بعض علماء الآثار القسنطينيين بصفة استشارية فقط من طرف مكاتب الدراسات المكلفة بالمشروع بغرض رسم حدود افتراضية للموقع، متسائلين في الوقت نفسه عن فائدة تكوين القدرات المحلية في هذه الحالة. وفي نفس السياق تحتاج عدة مواقع أثرية تعود إلى الفترة البونيقية أو الرومانية، شاهدة على حضارات متعاقبة في تاريخ الجزائر، اكتشفت خلال الاحتلال الفرنسي، إلى عمليات الحفر بشكل كلي لاستغلال الثروات وأيضا تحيين وجرد من أجل حماية مضمونها بطريقة قانونية. وفي هذا الشأن، أعرب اغيل احريز، عن تخوفه من المصير الذي سيؤول إليه ضريح الملك النوميدي ماسينيسا، إذا لم يتم القيام مسبقا بعمليات المسح والحفر الأوليين قبل الشروع في الأشغال المقررة في مخطط إعادة تهيئة هذا التراث التاريخي الذي يعود إلى أكثر من 2200 سنة.

ليلى عمران

من نفس القسم الثقافي