الوطن

السلطة تتجه لإقناع بعض الشخصيات الإسلامية بمشروعها

بعد أن فوتت فرصة إقناع أحزاب هذا التيار بالجلوس على طاولة الحوار مع أويحيى

 

 

تتجه السلطة نحو استعمال ورقة الشخصيات المنتمية للأحزاب السياسية، خاصة تلك التي تنتمي للتيار الإسلامي، من أجل إقناعها بجدوى مشروعها الإصلاحي الذي يقوده وزير الدولة رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، وذلك أمام استمرار رفض مؤسسات هذه الأحزاب كـ"حمس"، "النهضة"، "العدالة والتنمية"، بقبول الجلوس على طاولة الحوار مع السلطة، وفق الشروط والأسس التي وضعتها من خلال الأرضية التي حددها المكلف بمناقشة هذا المشروع مع هؤلاء أحمد أويحيى، والتي حددها هذا الأخير في الرسالة التي بعث بها لهم مع مسودة الدستور، والذي يريد منهم أن يقوموا بإثرائه والمشاركة في المشاورات الخاصة به، من أجل تحقيق مطلب "التوافق"، الذي يرافع له الرئيس في العهدة الرئاسية الرابعة له، حيث حرصت السلطة على توجيه دعوة لـ 36 شخصية وطنية، من بينها قوى محسوبة على التيار الإسلامي، من أجل إقناعها بالمشاركة. وتعتبر هذه الشخصيات مجرد بدائل في نظر السلطة التي تتسول الشرعية من التيار الإسلامي في المواعيد السياسية الكبرى التي تقبل عليها.

ويعتبر الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم أبو جرّة سلطاني، والقيادي في جبهة الإنقاذ المحظورة "الفيس" الشيخ الهاشمي سحنوني، والأمير السابق لما يسمى بالجيش الإسلامي للإنقاذ المحل مدني مزراق، أهم الشخصيات التي وجهت لهم الدعوة من أجل تحقيق هذه الشرعية الغائبة منذ الرئاسيات السابقة، وقد ردت هذه القيادات في حديث لها مع "الرائد"، على أن الدعوة التي وجهت لهم من قبل السلطة تعتبر مسألة شخصية، سيتم الفصل فيها بشكل فردي، دون عرضها على المؤسسات التي تنشط فيها، وإن كان سلطاني قد امتنع التأكيد على هذا الخيار أو رفضه، إلا أنه أشار في تصريح له مع "الرائد"، على أن القرار النهائي بخصوص المشاركة في مشاورات الدستور من عدمه لم يفصل فيه بعد، مشيرا في السياق ذاته إلى أن حركة مجتمع السلم لم ترفض ولم تقبل لحدّ كتابة هذه الأسطر قرار المشاركة أو عدم المشاركة في مشاورات الدستور التوافقي، وعلى هذا الأساس سيناقش وسيفصل في هذه المسألة بصفة شخصية، دون أن يتخلى عن الجانب السياسي الذي يمثله كقيادي سابق لحركة مجتمع السلم وكعضو حالي في مدرسة الشيخ محفوظ نحناح.

وبالرغم من أن رئيس الحركة الحالي عبد الرزاق مقري، قد كشف في الأيام الماضية عن رفض تشكيلته السياسية للمشروع الذي ترافع له السلطة اليوم، إلا أن سلطاني يرى بأن الأمر لا زال لم يتخذ داخل مؤسسات الحزب ليصبح قرارا رسميا من الحركة، وهو الأمر الذي يلمّح إلى أن السلطة وفي حالة فشلها في إقناع القيادة الحالية لـ"حمس"، فإنها قد تنجح إلى حدّ كبير في إقناع القيادة السابقة للحزب، بالنظر إلى أن المتحدث يرى في خطوة السلطة مسألة هامة وفرصة لا يمكن تفويتها.

من جهته أكد الهاشمي سحنوني، في تصريح له لـ"الرائد"، على أنه تلقى مسودة الدستورن وهو في الوقت الراهن يدرس المواد التي ستكون محط اهتمامه في المشاورات التي يعتزم المشاركة فيها مستقبلا، حيث اعتبر أن السلطة التي راسلت بعض القوى السياسية والشخصيات، التي تنتمي لذات الأحزاب لم توضح لهم على أي أساس تم اختيارهم دون سواهم، ولكنه استبعد أن تكون فرصة للبحث عن الشرعية، بل اعتبر المتحدث أن المسألة تخضع لاعتبارات أخرى رفض الكشف عنها.

أما القيادي فيما يعرف بـ"الجيش الإسلامي للإنقاذ المحل" مدني مزراق، فقد أكد في تصريح له لـ"الرائد"، على أن دعوة السلطة لقوى التيار الإسلامي تهدف في الأساس إلى تحقيق ميثاق وطني، على الأقل من منظرونا نحن، مشيرا إلى أن السلطة لم ترفض الحوار معهم من قبل وهم لم يغلقوا الباب في وجهها، حيث أكد على أنّه كانت هناك مشاورات بينهم وبينها منذ فترة، ولم تتعلق بالمشاورات الإصلاحية التي أعلن عليها الرئيس مؤخرا فقط.

وتشير هذه الآراء بالإضافة إلى الخيارات التي تتوجه كل من حركة الإصلاح والتغيير إلى الإعلان عنه في الساعات القادمة، والتي تسير نحو قبول المشاركة في هذه المشاورات والجلوس على طاولة الحوار مع السلطة، أن هذه الأخيرة قد نجحت في مشروع البحث عن بديل لزعماء وقادة التيار الإسلامي في الجزائر لمباركة أجندتها المقبلة، وهو الأمر الذي يدفع بها نحو إطلاق عدد من المبادرات الجديدة بعد غلق ملف مشروع الدستور التوافقي مستقبلا، طالما أنها وجدت شركاء جدد وبدائل عن المقاطعة التي تتبناها التيارات الحزبية الإسلامية في الآونة الأخيرة ضدّ كل مشاريعها.

خولة بوشويشي

من نفس القسم الوطن