الوطن

رئيس الجمهورية أمام مهام ثقيلة لتجاوز حملة "باهتة" قادها المترشحون

فيما يبدأ العد العكسي ليوم الاقتراع بدون إقناع للمواطنين

انتهت أمس بصفة رسمية وقانونية الآجال المحددة للحملة الانتخابية ليبدأ اليوم العد العكسي ليوم الاقتراع المخصص للانتخابات التشريعية، وهو يوم الحساب الذي ستجني من خلاله الأحزاب السياسة حصاد عمل نضالي وما قدمته من إنجازات وعمل وما تتمتع به من مصداقية عند الشعب، وما قامت به من حملة انتخابية دامت اثنين وعشرين يوما، أقل ما يقال عنها إنها كانت حملة باهتة لم تستقطب سوى المناضلين في التشكيلات السياسية، في وقت كان يتكبد فيه المواطنون مشاكل ارتفاع الأسعار ويدفعون ثمن الاحتجاجات والإضرابات التي عرفتها عديد القطاعات كالصحة والعدالة والتربية والجماعات المحلية.
وسيجري الاقتراع هذه المرة في ظروف مميزة اتسمت بتبني الجزائر لقوانين الإصلاحات السياسية والخروج بقانون عضوي جديد متعلق بالانتخابات، يحوز حسب الداخلية على كافة الضمانات الكفيلة بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة، وسيجد الجزائريون أنفسهم هذه المرة في مواجهة عدد هائل من القوائم الانتخابية منضوية تحت لواء 44 حزبا سياسيا وقرابة المائتي قائمة للأحرار متوزعة بتفاوت حسب الولايات،وتطرح عديد التساؤلات حول مدى تمكن الأحزاب المختلفة التي نشطت الحملة الانتخابية من إقناع المواطنين بالتصويت هذا الخميس، ومدى استعمالها بصفة جيدة لكافة الوسائل الكفيلة بعملية الاقناع أو اقتصارها على مجرد عقد تجمعات لم تستقطب سوى المناضلين على مستواها.
وهو الأمر الذي ظهر جليا من خلال إيجاد بعض قادة الأحزاب السياسية أنفسهم في تجمعات محتشمة وأخرى بدون جمهور مما دفع بأصحابها لإلغائها، في وقت لم تستثمر فيه كافة الوسائل المتاحة من خلال القانون للتقرب من المواطنين على غرار الصور الإشهارية التي بقي عدد كبير منها فارغا ولم تفلح الأحزاب في وضع صورها على كافة الأماكن المتاحة، ونفس الأمر بالنسبة للحصص الموزعة عليها على مستوى القنوات الإذاعية والتلفازية، حيث وجد المترشحون أنفسهم يستجيبون إليها بصعوبة كبيرة وراح قادة الأحزاب يتسابقون مع الزمن للتسجيل بالاستوديوهات،وعرض خطابات على مستوى مختلف القنوات، لم يتمكن بعض أصحابها من قراءتها بانسيابية ووجدوا صعوبة كبيرة في ذلك بفعل أن كفاءتهم واختصاصهم لا يسمح لهم بالتواصل بسهولة.
كما طرحت عديد التساؤلات حول كفاءة المترشحين والمقاييس التي اعتمدتها الأحزاب السياسية في اختيار مرشحيها ودخول أصحاب المال و"الشكارة" كرؤوس قوائم خاصة بالنسبة للأحزاب ذات الأقدمية، وهو ما جعل المواطنين يفقهون اللعبة السياسية للمترشحين الذين استعملوا كافة الوسائل للدخول إلى البرلمان القادم، كما أدخل المترشحون وسائل أخرى لم تكن موضوعة في الحسبان على غرار توزيع المؤونة على المواطنين على مستوى بعض الولايات سعيا منهم لاشتراء أصوات المواطنين المحتاجين، في وقت لم يستغلوا فيه استغلالا جيدا مواقعهم الإلكترونية باستثناء بعض الأحزاب فقط التي حينت مواقعها مع الحدث وسعت إلى استهداف جمهور الأنترنيت المخصص من الشباب في غالبيته،ونفس الأمر بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي التي وظفها عدد صغير من الأحزاب السياسية وتفاعل معها شباب أعرب عن يأسه من الحلول التي تخرج من صندوق الانتخاب.
وفي كل هذه الظروف وبغض النظر عن مقدرة كل الأحزاب السياسية والدولة في توفير العوامل الملائمة التي ستدفع بالمشاركة الواسعة في هذه الانتخابات التي جاءت في سياق ظروف دولية وداخلية استثنائية، سيجد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة نفسه في مهمة ثقيلة خلال خرجته لولاية سطيف يومين قبل الانتخابات، حيث سيسعى من خلالها لتجاوز حملة "باهتة" لم تستقطب اهتمام المواطنين، وهو الذي أدرك يوم حضوره مباراة كأس الجمهورية بملعب 5 جويلية وبالأهازيج التي رددها المناصرون حول أسعار البطاطا أن المطلب الأساسي للشعب في الوقت الحالي هو ضمان قوت يومه. وتكمن أهمية هذا الخطاب في خصوصية المناسبة وهي أحداث 8ماي 45 وبعد الانتخابات الرئاسية الفرنسية مباشرة، وتكون الصورة قد اتضحت لمن سيكون في الإليزيه والسياسات المتوقعة منه اتجاه الجزائر، فالرئيس مطالب بوعود كبيرة اجتماعية تطمئن المواطنين والنقابات وتخفف من القدرة الشرائية وتقلل من حديث المؤامرة والتحديات حتى يتمكن من تحقيق مشاركة انتخابية تنقذ نوعا ما هذه الاستحقاقات.

من نفس القسم الوطن