الوطن

السلطة تفرج عن مسودة الدستور وتدعو شركاءها لإثرائها

بعد "مخاض عسير" أفرزته العهدة الرئاسية الرابعة

 

  • أويحيى يقرر مشاركة الطبقة السياسية في تحديد موعد بدء المشاورات جوان الداخل

أفرجت، نهاية الأسبوع المنقضي، السلطة من خلال رئاسة الجمهورية عن مسودة الدستور التي يراهن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عليها في عهدته الرئاسية الرابعة كمشروع "أمان وضمان"، حيث باشر المكلف بالملف وزير الدولة رئيس ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى بإتاحة الفرصة أمام جميع القوى السياسية للاطلاع على المسودة والتي قدرت بحسب بيان صدر عن الرئاسة بـ 150 دعوة تم توجيهها إلى الشركاء المعنيين بمشاورات تعديل الدستور المقررة مطلع جوان الداخل، وتوضح كلمة "المعنيين بالمشاورات" بأن السلطة تتخوف من أن تجد نفسها في نهاية المطاف تحاور نفسها فقط على اعتبار أن الكثير من القوى السياسية التي تتبنى توجه "المعارضة" قد رفضت القبول بهذه المشاورات حتى قبل أن يتصل بهم أويحيى لمنحهم مسودة هذا المشروع، بينما لم تجد أخرى محسوبة على نفس التوجه، قبول التحدي ومنح السلطة الشرعية التي تبحث عنها من خلال قبول المشاركة وإثراء المشروع، وهو ما يؤكد حرص السلطة على دعوة شركائها المعتمدين في التشاور لإثراء هذه المسودة أكثر من حرصها على إقناع تيار المعارضة على تغيير موقفها منه بعد مخاض عسير عجلت العهدة الرئاسية الرابعة بإعادة فتحه من جديد.

وبالرغم من أن بيان الرئاسة بخصوص هذا المشروع ومسار المشاورات فيه، جاء مطابقا لما حرص رئيس الجمهورية على تأكيده في بيان مجلس الوزراء الأول بعد تسلمه لمهامه كرئيس للجمهورية لعهدة رئاسية رابعة، إلا أن الطبقة السياسية سواء تلك المحسوبة على تيار الموالاة أو المعارضة أبدت تخوفاتها من مدى إمكانية تطبيق جملة من المقترحات التي ستتقدم بها على أرض الواقع في نهاية المشاورات التي سيقوم بها أويحيى الشهر الداخل، ولكن وبالمقابل قبلت غالبية القوى بالمقترحات التي يحوز عليها المشروع في صيغته الحالية، على اعتبار أنه يراهن على جملة من المقترحات التي تتفق عليها غالبية القوى السياسية بغض النظر عن توجهاتها، خاصة فيما يتعلق بتحديد العهدات الرئاسية وتعزيز الحريات، الفصل بين السلطات، استقلالية القضاء ودور البرلمان ومكانة المعارضة، وبحسب مسودة الدستور التي تحوز "الرائد"، على نسخة منها، فإن المقترحات العامة بخصوص الدستور الحالي والتي تضمنتها المسودة الحالية، 47 مادة جديدة تضمنتها التعديلات التي مست الدستور الحالي، وتخص دور ومهام السلطات التنفيذية الثلاثة بالدرجة الأولى، حيث تشمل المقترحات التي أعدتها لجنة "كردون"، تقييد العهدة الرئاسية في عهدتين فقط، مع إبقاء قيادة القوات المسلحة ووزارة الدفاع ورسم السياسة الخارجية في يد رئيس الجمهورية دون سواه، وبالرغم من منح صلاحيات أكبر للوزير الأول إلا أن هذه المقترحات قد لا تلقى الترحيب الكبير من قبل أحزاب الموالاة التي تراهن على حقها في الحصول على هذا المنصب كالحزب العتيد بالدرجة الأولى، بالرغم من أن المواد المتواجدة حاليا في المشروع لم تلزم الوزير الأول بأن يكون معينا وفق مبدأ الأغلبية، وهي النقطة التي قد تكون محل تغيير في المسودة الأخيرة، هذا وقد تضمنت ذات الوثيقة، إنهاء التجوال السياسي وهو المقترح الذي تقدم به حزب العمال والأفالان، مع تعزيز دور ومكانة مجلس الأمة وأعضائه ومنح هذه الهيئة صلاحيات هامة في الحياة السياسية مستقبلا، كما رافعت المسودة الحالية لإقرار المزيد من الحريات والحقوق والتي تعتبر مطلبا سياسيا واجتماعيا بامتياز.

وقد أوضح المكلف بالمشاورات، وزير الدولة في الرسالة التي وجهها للشخصيات الوطنية ورؤساء الأحزاب ومسؤولي المنظمات وكذا للكفاءات الوطنية المدعوين لهذه المشاورات، والتي قدرت بـ 150 هيئة منها 36 شخصية وطنية، 64 حزبا معتمدا، رئيس المجموعة البرلمانية للثلث الرئاسي بمجلس الأمة، رئيس المجموعة البرلمانية للأحرار بالمجلس الشعبي الوطني، 10 منظمات وطنية، 27 جمعية وطنية تمثل حقوق الإنسان والقضاة والمحامين والصحفيين والقطاع الاقتصادي والشباب والطلبة، و12 أستاذا جامعيا تمت دعوتهم بالنظر إلى كفاءاتهم، بأن هذه الاقتراحات قد وجهت لهم على أساس عمل قامت به لجنة الخبراء القانونيين، وذكر أويحيى، بأن التعديل الدستوري الذي بادر به الرئيس يندرج في إطار "مسعى تشاركي وجاد قصد التوصل إلى إعداد مشروع دستور توافقي والذي سيعرض سواء على إجراء التعديل الدستوري الملائم" أو عن طريق استفتاء أو موافقة غرفتي البرلمان الجزائري.

وأشار في السياق ذاته إلى أنه سيستأنف اتصالاته مع هذه الشخصيات قبل نهاية شهر ماي من أجل الاتفاق على عقد لقاء بمقر الرئاسة خلال شهر جوان الداخل، لتبادل وجهات النظر وتلقي "التعاليق والاقتراحات المتعلقة بهذا المشروع"، كما أكد المتحدث على أن هذا المشروع يرمي إلى "تكييف القانون الأساسي مع المتطلبات الدستورية التي يثيرها التطور السريع لمجتمعنا والتحولات العميقة الجارية عبر العالم"، وأعلن في السياق ذاته بأن كل من تم استدعاؤهم لهذا المشروع الخاص بالتعديل الدستوري سيتم عقد اجتماع معهم أولي في نهاية شهر ماي الجاري من أجل تحديد تاريخ بدء المشاورات، وهو القرار الذي رحبت به الطبقة السياسية.

خولة بوشويشي

من نفس القسم الوطن