الوطن
الموالاة تتحفظ على المشاورات والمعارضة تبحث عن ضمانات!
بعد أن دعاها بوتفليقة للجلوس معا على طاولة الحوار لإحداث تغيير فيه
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 10 ماي 2014
- أي مستقبل ينتظر الطبقة السياسية من المشاورات مع أويحيى؟
اتفقت، أحزاب الموالاة والمعارضة حول مسألة المشاورات التي سارع رئيس الجمهورية إلى فتح باب الحوار بخصوصها بصفة "استعجالية" في الأسابيع القادمة، على أنها "غير مجدية"، ففي نظر أحزاب الموالاة قد أبدت رأيها في الموضوع سابقا وقدمت فيه جملة من المشاورات والمحاور التي تطالب بتغييرها في الدستور الجديد الذي يرتقب أن يتم إقراره السنة المقبلة، فيما ترى هذه الأحزاب وقياداتها بأن عودة النقاش حول هذه المسألة قد لا يشكل أي تغيير في ظل تمسك المعارضة برفض الانخراط فيها طالما أن هؤلاء قد وضعوا شروطا وأحكاما مسبقة على هذه المسألة، وبالمقابل حرصت قيادات ما يعرف بـ "المعارضة" بمختلف أطيافها على تجديد رفضها الخوض في هذه المسألة في الوقت الراهن، مؤكدين على أن المعارضة الحقيقية والجادة عليها أن لا تنخرط في مسعى "الشرعية" الذي تبحث عنه السلطة من خلال هذه الخطوة أمام المجتمع الدولي الذي يتابع باهتمام ما يحدث في الجزائر بعد ظهور نتائج استحقاقات 2014، وأكد بعض من القياديين في ما يعرف بـ"تنسيقية الحريات" وغيرها على أن مشاركتهم في الحوار حول الدستور "التوافقي" الذي يرافع له الرئيس في اليومين الماضيين هو تأكيد على وجود"خوف ما يحيط بمستقبل العهدة الرابعة"، مشيرين في السياق ذاته بأنهم لن يذهبوا للمشاورات إذا كانت السلطة تريد أن تستثمر في الموضوع كما لن يذهب هؤلاء من أجل أخذ صور تذكارية مع أويحيى.
الأفانا: "لا يهمنا ترؤس أويحيى لها ولكن يهمنا أن تتقبل السلطة محاور التغيير التي سترفع لها"
أكد، رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، على أن تشكيلة حزبه السياسية ستقبل على المشاورات التي ستفتحها السلطة مع جميع القوى السياسية مستقبلا بخصوص البحث عن دستور "توافقي"، وهو الأمر الذي أكده الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في اجتماع مجلس الوزراء الأول منذ توليه رئاسة البلاد، وجدد ذات المطلب والهدف في الرسالة التي بعث بها للشعب الجزائري عشية إحياء الذكرى الـ69 لمجازر8 ماي 1945، مؤخرا، والتي قال فيها بأن على جميع القوى "أن تلتقي في كنف من التضامن والتعاون والوئام، لتمتين قوام ما ننوي إنجازه، وإرساء الأسس التي تمكّن من تنفيذ البرنامج الجديد على أكمل وجه وفي أفضل الظروف"، حيث أشار إلى أن حزبه سيقبل على هذه المشاورات التي سيترأسها أحمد أويحيى، الذي لا يشكل وجوده عائقا أو حلا بالنسبة لهذه المسألة على اعتبار أن القرارات التي تخص القضية تصدر من السلطة لا من رجالها.
وأوضح تواتي الذي خسر سباق المنافسة على كرسي قصر المرادية يوم 17 أفريل الفارط، وحلّ في المرتبة الأخيرة، بأن الحزب سيقدم جملة من المقترحات بخصوص الدستور الجديد التوافقي الذي يسعى الجميع لتحقيقه، مشيرا إلى أنهم كحزب سياسي لن يتركوا هذه المناسبة تمرّ عليهم دون تقديم رأيهم بخصوصها، ومن بين المحاور التي سيرفعها الحزب قال المتحدث في تصريح له لـ"الرائد"، بأن مؤسسات الأفانا ستناقش هذه المسألة لاحقا وستقرر بخصوص أرضية التغيير التي تراها مناسبة لذلك.
حمس: "نحن نبحث عن إرادة سياسية حقيقية تهدف للتغيير !"
لم يرفض رئيس حركة مجتمع السلم الدخول في المشاورات مع ممثل السلطة الذي عينه رئيس الجمهورية لقيادة مشاورات التغيير والبحث عن دستور توافقي، ولكنه وبالمقابل لم يوضح إن كانت الحركة قد فصلت بشكل رسمي في المشاركة مرّة جديدة في هذه المشاورات التي دعاهم إليها رئيس الجمهورية من عدمها، حيث قال عبد الرزاق مقري إنّ حمس سبق لها وأن تقدمت بمقترحات بخصوص مسودة الدستور التي ترأسها رئيس مجلس الأمة الحالي عبد القادر بن صالح، والمحاور التي سبق وأن طرحناها سابقا لازالت قائمة بالنسبة إلينا ولا يمكنها أن تتغير اليوم، وهو ما يؤكد حرص الحركة على خوض جولة جديدة من المشاورات بين السلطة والمعارضة بخصوص مطلب "التوافق"، مستقبلا والتي قد يناقشها الحزب في قادم الأيام داخل إطار المؤسسات التي يخضع لها الحزب.
وفي انتظار ذلك، تتزامن هذه التصريحات التي جاءت على لسان خليفة أبو جرّة سلطاني على رأس مدرسة الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله، بالرغم من أن الرئيس ذكر في رسالته بخصوص هذه المشاورات بأنها عملية ديمقراطية "لا تعني التشنج والتلاسن والتهويل، ولا توجد ديمقراطية سليمة تبنى على التنافر المنهجي وتحتكم الأطراف الفاعلة فيها إلى معيار الخصومة الدائمة والتضاد المحتوم. فثمة أوضاع معينة تملي طرح الخلافات جانبا والتعاون في نطاق القواسم المشتركة، ومن منطلق الحرص على المصالح العليا للأمة والوطن"، وهي دعوة صريحة منه لتيار المعارضة بمختلف أوجهها وأشكالها إلى إعادة النظر في هذه المسألة خاصة وأن افتكاك مساعي الدخول في المشاورات يعتبر إنجازا في نظر الرئيس مستقبلا.
الأرندي: "لا نرفض إعادة فتح المشاورات بل نسعى لدعم برنامج الرئيس كاملا"
وعلى الطرف الآخر من المعادلة السياسية، رفضت أحزاب ما يعرف بـ"الموالاة"، أن تطعن أو تشكك في مساعي الخطوة التي أقرها رئيس الجمهورية بخصوص تعديل مسودة الدستور والذهاب نحو إقراره بشكل رسمي في الأشهر القليلة القادمة، حيث ترى الأحزاب المنضوية تحت جناح السلطة بأن مسودة تعديل الدستور التي سبق وأن تم إعدادها خلال العهدة الرئاسية الثالثة لرئيس الجمهورية، قد تطرأ عليها بعض التعديلات القليلة فقط من خلال آراء الطبقة السياسية المحسوبة على المعارضة إن شاءت أن تشارك في المشاورات التي دعاهم الرئيس لها.
واعتبرت الناطقة الرسمية باسم التجمع الوطني الديمقراطي، نوارة جعفر في تصريح لـ"الرائد"، بأن تشكيلة حزبها السياسي تدرك الأهمية البالغة التي يشكلها تعديل الدستور في الحياة السياسية للجزائريين، وهذا من منطلق ما رافع له الرئيس خلال العهدات الرئاسية السابقة له، والتي جدد حرصه على إعادة النظر في عدد من النصوص والمواد التي يتشكل بها الدستور الجزائري، وقد رافع وكلاؤه طوال الحملة الانتخابية على هذه المسألة التي تعتبر هامة ولهذا فقد حرص الرئيس-تضيف المتحدثة-، على تعيين قائد للمشاورات السياسية بخصوص هذه المسألة وطالبت بأن يتم العمل الذي يحقق الدستور التوافقي ضمن أولويات المرحلة المقبلة وبشكل استعجالي أيضا.
وتشير الوزيرة السابقة في عهد حكومة أحمد أويحيى، في الصدد ذاته إلى أن أهمية تعديل الدستور، تكمن في تكييف القانون الرئيسي الذي تحتكم له كل القرارات التي تصدر اسم الجزائر أمام المتغيرات الحاصلة اليوم في المجتمع الجزائري، والتي قد تشهد الكثير من التحولات مستقبلا. وعليه، فقد فتح الرئيس مرّة أخرى باب المشاورات مع جميع القوى السياسية والوطنية وممثلي المجتمع المدني من أجل الوصول إلى شبه "إجماع" حول الدستور الذي يحكمنا والقانون الأساسي الذي نخضع له جميعا ودون استثناء.
هذا ولم ترفض قيادات الأرندي إعادة فتح باب الحوار والنقاش فيما يخص هذه النقطة، من منطلق أن الظروف التي قدم فيها الحزب مقترحاته تختلف اليوم، وعلى هذا الأساس قالت المتحدثة إنّ الحزب يتطلع لعودة المشاورات من جديد حول الدستور وسيقدم مثله مثل جميع القوى السياسية مقترحات التي يرى بأنها ضرورية فيما يتعلق بالدستور الذي نحتكم إليه وهو ما يراهن عليه جميع الغيورين على الوطن.
الأفالان: "حزبنا يتطلع لما بعد الدستور والمشاورات لن نكون في منأى عنها"
أما بخصوص حزب جبهة التحرير الوطني، فقد أوضح الناطق الرسمي باسم الحزب وعضو المكتب السياسي السعيد بوحجة في تصريح له لـ"الرائد"، أنّ الحزب العتيد وقياداته لا ترى أي مانع في عودة فتح باب المشاورات حول الدستور من جديد والتي سبق وأن تقدمت بها، خاصة وأن رئيس الجمهورية وخلال الأيام القليلة الماضية أكد بشكل واضح وصريح بأن هناك أهمية كبيرة يوليها لهذه القضية التي يهدف من خلالها إلى تطوير عميق في الدستور المقبل، وترقية الحياة السياسية في الجزائر من خلال مؤسساتها، وأشار المتحدث في السياق ذاته إلى أن الحزب الذي دعم برنامج رئيس الجمهورية خلال ترشحه لرئاسيات الـ 17 أفريل الفارط، لا يمكنه اليوم أن يتخلى عن أهم محور وبند من بنود البرنامج الذي رافع له الرئيس ومكنه من أن يفتك العهدة الرئاسية الرابعة له، وتوضح هذه الإجابة سعي الأفالان من خلال القيادة الحالية الخوض في جولة جديدة من المشاورات حول تعديل الدستور والتي سيشرع فيها وزير الدولة أحمد أويحيى منتصف شهر جوان المقبل، وفق ما كلفه به الرئيس في آخر اجتماع لمجلس الوزراء الذي ترأسه الرئيس نهاية الأسبوع المنصرم.
وأشار بوحجة في الصدد ذاته إلى أن الأفالان ستكون له كلمته من خلال هذه المشاورات وهذا الدستور وهو ما يتماشى والتطلعات والنظرة التي يسعى الحزب العتيد ليكرسها في الحياة السياسية الجزائرية، مؤكدا على أنّ رهان المرحلة القادمة للحزب العتيد هو أن يقود التغيير الذي سبق وأن رافعنا له منذ تزكية القيادة الجديدة للأفالان منتصف السنة الفارطة، ويقصد من هذا الكلام مطلب مدنية الدولة الجزائرية الذي شكل محور تصريحات وخرجات خليفة عبد العزيز بلخادم على أمانة الحزب العتيد، في الفترة الماضية.
وعلق المتحدث على هوية وشخصية المكلف بالمشاورات وقيادتها في الساحة السياسية والتي تسند للمرة الثانية لأحد القيادات المحسوبة على التجمع الوطني الديمقراطي، بأن الحزب وقياداته لا يعترضون على شخص أحمد أويحيى، الذي سبق له وأن قاد العديد من المشاورات منذ بداياته السياسية كأحد رجال الدولة.
هذا وتتخوف جميع القوى السياسية بخصوص مستقبل الطبقة السياسية من المشاورات التي سيقودها أحمد أويحيى مع هؤلاء خاصة وأن الرجل يعرف لدى الجميع بحسب المتابعين للشأن السياسي بكونه يخدم أجندات خاصة لا أجندات الجماعات.
خولة بوشويشي