الثقافي

الموروث الثقافي للعاصمة يندثر بين الترميم والإهمال

قصور القصبة تدق ناقوس الخطر

 

 

بعدما كانت قصور القصبة العتيقة مساكن لوجهاء القوم خلال الحقبة العثمانية كأمثال حسن باشا، مصطفى باشا، وكذا رياس البحر، تقف اليوم هذه التحف المعمارية والتاريخية بكل ما تبقى لها من اساسات وتراث اصيل متحدية الزمن وسط الخراب المحيط بها بعد أن أغلق بعضها وحول الأوفر حظا منها إلى مقرات إدارية ومتاحف مما قلل من هيبتها وأفقدها طابعها المتميز، لتجد نفسها بعد عمليات الترميم العديدة تحت وصاية وزارة الثقافة ووزارة الشؤون الدينية.

قصر مصطفى باشا

ويبقى قصر مصطفى باشا من بين هذه القصور الأكثر حظا من ناحية الحفظ والصيانة إذ أن هذه البناية، التي شيدت في 1798 كانت بداية منزلا لشخصية رفيعة تحمل نفس الاسم ثم حولت إلى مكتبة وطنية في العهد الاستعماري إلى غاية 1948 قبل أن تصبح في مقرا لمتحف الزخرفة والمنمنمات والخط العربي، ومع ذلك فان بعض المؤرخين ومدير المتحف نفسه يرون أن ترميم القصر لم يحافظ على شكله الأصلي لان العناصر التزيينية كالخزف والأبواب وقضبان النوافذ والزليج أعيد تشكيلها باستعمال مواد عصرية غير ملائمة مما افقد البناية طابعها الأصيل.

قصر حسن باشا

وغير بعيد من القصر تقف بشموخ دار حسن باشا بجانب جامع "كتشاوة" وهي بناية أخرى ذات مقام شيدت عام 1791 من اجل داي الجزائر إلا أنها فقدت اليوم بريقها وأصبحت واجهتها توحي بالضياع، رغم أن الأشغال الجارية داخل المبنى منذ سنين تبدو في تقدم، فهذه البناية التي كانت مقر الحاكم الفرنسي بعد أن أدخلت عليها بعض التغييرات في الجانب المعماري أصبحت بعد الاستقلال مقرا إداريا لوزارة الشؤون الدينية وأصبحت اليوم هذه البناية التي كانت "إقامة شتوية" لداي الجزائر العاصمة تعطي صورة بائسة بمدخلها حيث تتراكم أكوام من القمامة.

دار لالة عزيزة

ويقف قصر آخر يقابل قصر دار حسن باشا لا يقل أهمية وهو دار لالة عزيزة إحدى أقدم بنايات القصبة وآخر شواهد عن الحياة في الجنينة، وهي مجموعة قصور هدمت من قبل الإدارة الاستعمارية في بداية الاحتلال الفرنسي، التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن ال16، وكان هذا القصر الذي كان ملك للوقف وهو اليوم مقر الديوان واستغلال الأملاك الثقافية أشغال عدة للصيانة يعود أخرها إلى عام 2003، وتؤكد أعمال الخشب المتآكلة والأعمدة والجدران، التي أصبحت هشة نتيجة تسرب مياه الأمطار أن عملية إعادة تهيئة هذا المعلم لم تقام بطريقة مدروسة ووفق المعايير المعمول بها في عمليات الترميم والصيانة رغم انه يحتضن اليوم مؤسسة معنية بتسيير وحفظ الأملاك الثقافية.

دار خداوج العميا

يتواجد في نفس الحي قصر أخر هو "دار خداوج العميا" وهو عبارة عن بناية تعود للقرن الـ16 شيدها ضابط البحرية الريس يحيى وأصبحت منذ 1987 متحفا للفنون التقليدية والشعبية وكانت أول مقر بلدية فرنسية في الجزائر(1905) إبان الاستعمار، ونجد اليوم بعد سلسلة أشغال انطلقت بعد زلزال 2003 إحدى واجهات هذه البناية الهشة ترتكز منذ 5 سنوات على أعمدة تبطين.

220 مليون دينار للترميم الذي لم يكتمل منذ 1990

وتحتضن كل من دار الصوف ودار القاضي التي تم تسليمهما بعد سنوات من أعمال ترميم المدرسة الوطنية لحفظ الممتلكات الثقافية بالنسبة للأولى ومقر الوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة بالنسبة للثانية، ويتساءل العديد من الملاحظين أمام حالة الخراب الذي تعاني منه المدينة القديمة عن الهدف من ترميم هذه القصور في القصبة ليتم التخلي عنها في النهاية للإدارة ويحرم السكان والسياح من زيارتها، وتحولت القلعة أو دار السلطان أو قصر الداي كما تسمى من قبل العاصميين وهي بناية أقيمت لتكون حصنا إلى ورشة أشغال لانهاية لها، وبالرغم من الغلاف المالي الإجمالي المقدر بـ 220 مليون دينار وأشغال الترميم التي انطلقت عام 1990 أصبح اليوم هذا الموقع الذي بني في عهد الأخوة خير الدين وبابا عروج في حالة متقدمة من التدهور. ويقف هذا المعلم المعماري والتاريخي المطل على خليج الجزائر العاصمة وحي القصبة العتيق والذي كان في 1827 مسرحا لحادثة المروحة التي عجلت في غزو فرنسا للجزائر صامدا، أمام الوضع الذي إلى إليه مما يزيد في استياء عشاق القصبة المجبرين على الانتظار إلى غاية نهاية 2015 تاريخ استلام جزء من الموقع بعد ترميمه.

ليلى.ع

من نفس القسم الثقافي