الوطن

الشعب الجزائري محصّن من الفوضى والعودة لسنوات العنف

خطاب التخوين والتخويف في نظر محللين سياسيين

 

 

بالرغم من تسويق خطاب تخويفي من طرف بعض مرشحي الرئاسيات خلال الحملة الانتخابية المنتهية أول أمس، إلا أن الخوف والتخوف من العودة لسنوات الإرهاب وفكرة مخطط أجنبي لخلق الفوضى، يراها بعض السياسيين والمتابعين للشأن السياسي في الجزائر مبالغا فيها، حيث يقلل استاذ العلوم السياسية سليم قلاقة من مخاوف العنف بعد الرئاسيات، كون الشعب الجزائري محصنا جيدا بـ"لقاح" ضد الفوضى. 

ويشاطره في ذلك المحلل السياسي بوحنية قوي الذي يرى بأن التخوف من التزوير والعودة لسنوات الجمر هي أبرز المخاوف التي ظهرت مع حملة الرئاسيات، غير أنها قد تبدد بتجند مختلف الشخصيات الوطنية والسياسية وقادة الأحزاب بنبذهم لخطابات العنف والفوضى.

 

بالرغم من كونه واقعا ملموسا في أوساط الشعب الجزائري، إلا أن الخوف من العودة للفوضى والعنف وسنوات الإرهاب، يذكر الجزائريين بأن الأولى لهم أن لا ينساقوا وراء أية دعوة للرجوع للوراء، برغم طموحات السواد الأعظم من الشعب في رؤية التغيير عبر انتخابات رئاسية يرجونها بعيدة عن التزوير، فلا المرشحون يقبلون الفوضى كما صرحوا بذلك، ولا المقاطعون من أحزاب وشخصيات وطنية تدعو لذلك، ولا حتى الخارجين للاحتجاج والداعين لمقاطعة العهدة الرابعة، لكن برغم كل هذا يظهر من خلال خطاب التشكيك والتخوين والتخويف الذي صدر من قبل بعض منشطي حملة الانتخابات، جعل فئات من الشعب تتخوف من انزلاقات خطيرة مثلما يحدث في غرداية، ولكن يقلل بعض المحللين السياسيين من خطورة هذه المخاوف، ويرون بأنها لا تعدوا تدخلا في محاولات اقناع الناخبين بجدية برامجهم. كما يرى بعض السياسيين من أحزاب مقاطعة وموالية للعهدة الرابعة، بأن التهديد والتخويف مرفوض ولا يقبله الشعب الجزائري مهما حاول مروجوه.

وفي هذا الشأن يرى استاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر سليم قلاقة أن الشعب الجزائري لديه استعداد مسبق لتجنب أي انزلاق أمني، كونه عاش من قبل ظروفا صعبة خلال التسعنيات، في حين يعتقد قلاقة بأن الملف الأمني اصبح ارضية خصبة للمعركة الانتخابية، وهو بذلك يضخم بشكل لافت، وما يؤكد ذلك بحسب الاستاذ قلاقة هي المواقف التي صرح بها خلال أيام الحملة الانتخابية مما خلق جوا مشحونا، والتخوف من الفوضى أكبر المخاوف في نظر المتحدث، لكنها غير مؤسسة ومبالغ فيها، بدليل أن الجزائريين لديهم وعي الآن، كما أنهم يدركون جيدا بأن أي دخول في الفوضى يعني العنف. ويقلل سليم قلاقة من حجم هذا التخوف بقوله "إن الشعب لديه تلقيح مضاد للفوضى بالإضافة إلى تحصنهم الذي يسمح لهم بعدم مسايرة منطق العنف". وفي تعليقه عن الخطاب التخويفي من العودة لسنوات التسعينيات، يرى قلاقة أنه لا يمكن لعاقل أن يسير في اتجاه العنف، وعلى كل مسؤول سياسي ورئيس حزب أو مترشح أو شخصية وطنية، أن ينحوا جميعا نحو خطاب رافض للفوضى، وأن يدعوا للتحلي بالمسؤولية كي يتم تبديد كل المخاوف. في حين يرى المحلل السياسي البروفيسور بوحنية قوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة ورقلة، أن الخطاب التخويني والتخويفي لا يوجد ما يبرره في الواقع، وفي نظره أن الجزائر ستعيش موعدا انتخابيا واستحقاقا رئاسيا هاما، ويضيف بأنه برغم الخروقات والتجاوزات القانونية التي سجلتها لجنة مراقبة الانتخابات "لكن أجواء الخطاب الانتخابي هو الذي عرف نوعا من الخطاب التخويني والترعيبي". وفي هذا الباب يقول بوحنية قوي إن المترشحين تباروا على اساس البرامج الانتخابية وتقديم البدائل، لكن ما لوحظ هو أنه قد وقع كثير منهم في الفخ التخويني، ومن بين المخاوف التي تحدث عنها المرشحون هو الخوف من التزوير، كما طرحت مخاوف من "العودة لسنوات الجمر"، وكل هذا كان ضمن ما قاله المترشحون كملف "فبركة سينايو مرعب لما بعد الاستحقاق الانتخابي الهام". ويرى المتحدث أن أبرز حل لتبديد مثل هذه المخاوف هو "اجراء هذه الانتخابات وفق ما تقتضيه معايير الشفافية والنزاهة الدولية"، لكن يتطلب هذا تضافر جميع جهود الفعاليات الحزبية والمترشحين بشكل يؤكد هذه العملية، إلى جانب بحث المرشح الفائز عن حلول ضامنة للاستقرار الاجتماعي بما يمكن الجزائر من تجاوز الصفيح الاجتماعي.

مصطفى. ح

من نفس القسم الوطن