الوطن
قيادة الأركان تختار مرشحها
أمام تخوفات من رجع الصدى والانعكاسات السلبية
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 13 أفريل 2014
أثار كثير من المراقبين موقف الجيش الوطني الشعبي من الاستحقاق الانتخابي القادم، وتضاربت التحاليل والتقديرات من خلال المعطيات المتوفرة، سواء من البيانات التي صدرت أو تصريحات نائب وزير الدفاع الوطني المعلنة، والتي كانت في مجملها تبرز حياد المؤسسة العسكرية والتزامها بمهامها الدستورية، المتمثلة في حماية الحدود والوقوف على نفس المسافة بين المترشحين.
إلا أن تصريحات علي بن فليس يوم السبت الماضي من تمنراست والتي دعا فيها الجيش إلى الاحتكام إلى ضمائرهم، وما رافقها من تسريبات إعلامية، وما صرح به في صالونات المرشحين، يدل على أن الحديث عن موقف الجيش في الأسبوع الماضي، جاء على خلفية اجتماع عام "rassemblement general" لجميع الوحدات والتشكيلات والمصالح، والذي عقد في الناحية العسكرية الثانية يوم السبت الماضي 05 أفريل بالناحية العسكرية الثانية، وكان هدف اللقاء التحسيس بأهمية الانتخابات وضرورة حث الجنود والمرؤوسين للتصويت بكثافة يوم الانتخاب، وقد نشط التجمع من طرف قيادة الأركان للجيش الوطني الشعبي.
وتشير بعض الأوساط إلى أن اللقاء كان فرصة للتذكير بحساسية المرحلة وصعوبتها، وحجم التحديات المفروضة على البلاد، ولكن الشيء الملفت للانتباه هو تعرض المتدخلين بإسهاب إلى المرشحين للانتخابات، وانتقاد مساراتهم وأهليتهم في قيادة البلاد، بل وصل الأمر إلى درجة السخرية والاستهزاء ببعضهم، ولم يترك حتى الذين عبروا على نيتهم في الترشح، مثل ما هو الحال للكاتب المعروف ياسمينة خضرة. كما لوحظ أن الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة لم يتعرض إلى أي انتقاد أو حتى الحديث عن اسمه، مما فهم الجميع أنه المرشح الأكثر تأهيلا من غيره في قيادة البلاد، من خلال الحوار وحديث المتدخلين.
وتشير مصادر أخرى إلى أن لقاءات تحسيسية تمت في جميع النواحي العسكرية ولكن مع رتب عسكرية أقل، مما فهمه الكثيرون بأنه حملة ضمنية لمساندة وضرورة الانتخاب على بوتفليقة دون سواه.
ولا يختلف موقف عموم الضباط السامين على موقف السياسيين في الجزائر، وهو الوعي بأهمية وضرورة أن يلعب الجيش دوره في الحفاظ على استقرار البلاد، والمساهمة في استمرار التوازن بين المؤسسات الدستورية، دون الدخول في اللعبة الانتخابية التي يمكن أن ينتج عنها انعكاسات سلبية على أداء المؤسسة العسكرية وعلى حضورها ورمزيتها داخل المجتمع والشعب الجزائري، وخاصة في الظرف الحساس الذي تعيشه اليوم الجزائر.
ويستحضر الكثير من هؤلاء -رغم استبعاد أن تتعرض الجزائر إلى ما يسمى بـ‘الربيع العربي‘- الخوف من استنساخ أخطاء الجيش السوري والمصري والليبي، ورغم الاختلاف في المواقف إلا أن شعوب المنطقة أو جزءا كبيرا من جماهير هذه الدول فقد الثقة في الجيش، لأنه أصبح طرفا أساسيا في الأزمة ومحسوبا على طرف سياسي ضد قوى شعبية أخرى.
ومن غير المتوقع أن يكون لهذه اللقاءات آثار كبيرة على توجهات الشعب العامة، والتي بينت إشتراك الجميع وقلقهم مما يمكن أن يحدث للبلاد بعد 17 أفريل. ويأتي هذا الخوف نتيجة وضوح صورة من الرفض لتوجهات البعض، وخاصة في جهات من الوطن دون سواها، واستمرار التخوف من التزوير الواسع في الانتخابات.
كما شكلت أحداث غرداية خوفا متناميا عند الشارع الجزائري من توسع رقعة الاحتجاجات، مما يضاعف المسؤولية على المؤسسة العسكرية دون سواها من المؤسسات والهيئات الأخرى، كما أن الكثير من الإطارات فهمت بعمق الرسائل، التي أفرزتها التجمعات الانتخابية، والتي عرفت إقبالا متواضعا جدا، مما ينذر بأزمة تمثيل سياسي غير مسبوقة في الجزائر...