الوطن

غرداية توتّر العلاقات السعودية الجزائرية ووساطة عمانية

على خلفية برنامج تلفزيوني سعودي وصف الإباضيين بالخوارج

 

كان للبرنامج التلفزيوني الذي بثته قناة إقرأ الفضائية المقربة من الدوائر الرسمية السعودية والذي تناول موضوع الأحداث الجارية في غرداية وانتهى به الأمر إلى تكفير أتباع المذهب الإباضي واستحلال دمائهم وأعراضهم، كان له بالغ الأثر في توتير الأجواء في غرداية بين المالكيين والإباضيين.

 

فمع اندلاع المواجهات قبل أكثر من شهر بثت القناة المذكورة برنامجا تلفزيونيا تمحور حول الإباضية انبرى المشاركون فيه من مشايخ ورجال دين في تكفير أتباع المذهب الإباضي واتهامهم بالكفر والخروج عن الملة والأمة وتوصيفهم أنهم خوارج، واستعان بعضهم بأحاديث نبوية يزعم أنها تبيح إزهاق أرواحهم واستباحة أعراضهم. إلا أن اللافت للنظر هو أن نفس القناة أعادت بث البرنامج قبل نحو أسبوع، مما أشعل فتيل الصدامات مجددا في غرداية نتج عنها سقوط عدد من القتلى من أتباع المذهب المالكي وخروج مظاهرات ترفع شعارات خطيرة وتمس بالوحدة الوطنية على غرار "الإباضي عدو الله" وهو الأمر الذي خلق نوعا من التوتر في العلاقات بين الجزائر والسعودية حسب مصادر مطلعة. 

ميدانيا بادرت الحكومة الجزائرية إلى رفع عديد قوات الأمن في المدينة إلى حوالي 6000 عنصر من الشرطة والدرك الوطني، لإنهاء الاشتباكات التي تشهدها المدينة منذ شهور. وقال مصدر أمني في ولاية غرداية إن “تعداد قوات الشرطة الموجودة حاليا في مدينة غرداية يتعدى الأربعة آلاف شرطي يتوزعون ضمن 30 وحدة”. فيما أفاد مصدر في الدرك الوطني بأن “تعداد قوات الدرك في المدينة يقترب من الـ2000 عنصر يتواجدون في العديد من النقاط الساخنة بالمدينة” وكان عدد أفراد الأمن قبل زيارة رئيس الوزراء الجزائري يوسف يوسفي، السبت الماضي إلى غرداية قرابة 3000 عنصر، وهو ما انتقدته شخصية سياسية جزائرية بارزة رأت أن عدد قوات الأمن قليل مما يسهم في استمرار الاشتباكات.

وبعد أن أخذت الأزمة منحى تدويليا دخلت سلطنة عمان على الخط حيث بدأت الاتصالات لتطويق الأزمة ولجم قناة إقرأ وسط تكتم شديد عليها ونتائجها، وفي هذا السياق أكدت مصادر مطلعة أن زيارة وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي المفاجئة للسعودية يوم الجمعة الماضية لها علاقة بهذه الأزمة، كما أكدت وجود توافق في المواقف بين الجزائر ومسقط تجاه ما بثته قناة إقرأ. في نفس السياق أكدت المصادر أن سلطنة عمان التي تدين بالمذهب الإباضي تكون قد عرضت على الجزائر التوسط بين طرفي النزاع في مدينة غرداية والمساعدة في تمويل عمليات إعادة إعمار ما دمر أثناء أعمال العنف الطائفية بين المالكية والإباضية، وأضافت أن “وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة تلقى أثناء زيارته إلى سلطنة عمان يومي 20و21 مارس الجاري عرضين من مسؤولي الحكومة العمانية الأول هو التوسط بين طرفي النزاع في غرداية من أجل حل الخلاف والثاني تمويل عمليات إعادة إعمار ما دمرته أعمال العنف في مدينة غرداية”. 

 

ممثلو المجتمع المدني الميزابي يدعون غلام الله للتدخل لدى السلطات السعودية

طالبت، مجموعة من ممثلي المجتمع المدني الذين يمثلون منطقة بني ميزاب بغرداية، في رسالة وجهوها لوزير الشؤون الدينية والأوقاف، عبد الله غلام الله، التدخل الاستعجالي من قبل هيئته لدى السلطات السعودية التي قامت مؤسسة إقرأ الفضائية ببث برنامج تحريضي وصف فيه المزابيين بالخوارج. واعتبر هؤلاء في بيان تلقت"الرائد"، نسخة منه، أن غلام الله مطالب برفع شكوى لدى السلطات السعودية المختصة قانونا ضدّ هذه القناة الفضائية، والتي أدى برنامج بثته مؤخرا حول المنطقة إلى تجدد التوتر هناك. واعتبر موقعو البيان أن هذا البرنامج زاد من حدّة التوتر في المنطقة، واعتبروه مؤامرة أجنبية تسعى لزعزعة الاستقرار بين سكان مدينة غرداية، مطالبين في الوقت ذاته باستدعاء المتدخلة من الجزائر التي قدمت تقريرا عن الوضع هناك لا يوضح طبيعة العلاقة بين الميزابيين والإباضيين في مدينة غرداية. وأشار المصدر ذاته إلى أنه بعد إقدام قناة إقرأ الفضائية على بث برنامج تحريضي وصف فيه الميزابيين بالخوارج، تحول الأمر بالمدينة إلى وضع متوتر من شأنه أن يعيد إحياء الفتنة هناك، خاصة وأن ولاية غرداية تعيش منذ أزيد من سنة على وقع تطورات خطيرة وتصعيد مستمر في وتيرة الاعتداءات على الأرواح والممتلكات، أخذت أبعادا تهدد الوحدة الوطنية وتلاحم الشعب الجزائري، قد خلفت خسائر معتبرة في الأرواح والممتلكات إلى جانب آثار اجتماعية ونفسية جسيمة التي عاشها سكان المنطقة.

محمد- د/ خولة.ب

من نفس القسم الوطن