الوطن

"السكايب" يدخل يوميات العائلات الجزائرية ويسيطر على اهتمامات الإعلاميين

لمجانيته ونقله للصوت والصورة معا

 

 

لم يعد استعمال السكايب في الجزائر حكرا على المهنيين من الاعلاميين والطلبة أو حتى من الشباب الهاوي للتواصل الالكتروني وربط علاقات تعارف افتراضية، بل تعداه إلى داخل الاسر الجزائرية التي وجدت فيه ضالتها للتواصل مع افراد العائلة، المتواجدين في ديار الغربة أو البعيدين عن مقار سكناتهم، خاصة وأن هذه الخدمة تنقل بالصوت والصورة كل من يكون أمام شاشة الكمبيوتر أو الهاتف النقال، وساعد في ذلك توسع السوق الالكترونية في الجزائر، من وسائل مادية أو تكنولوجية ومنها الانتشار الواسع للانترنت سواء على أجهزة الثابت أو الهواتف النقالة.

 

 

"السكايب" .. يدخل يوميات الأسر الجزائرية

لقيت خدمة السكايب داخل الأسر الجزائرية، في الآونة الأخيرة، إقبالا كبيرا، وهو ما نلمسه من إقبال المواطنين على اقتناء الاجهزة الالكترونية والهواتف الذكية، خاصة وان السوق الالكترونية في الجزائر أصبحت منتعشة جدا، إضافة إلى كون الاسعار في متناول جزء كبير من الأسر، ومن لم يستطع فإنه قد وجد ضالته في محلات البيع بالتقسيط لمثل هذه الأجهزة، وهو الشأن أيضا بخصوص الهواتف الذكية التي أصبحت تباع بالتقسيط المريح في بعض المحلات، كما أن التزود بالانترنت لم يصبح من الأمور المستعصية، بل أصبح متوفرا بكل أشكاله وفي مختلف الصيغ.

إلى وقت قريب، لم تكن خدمة السكايب معروفة داخل الاسرة الجزائرية، لأسباب تتعلق أصلا بخصوصية الوسط الاجتماعي، خاصة بعدما كثر الحديث عن الانحرافات الاخلاقية لبعض مستعملي الانترنت، وهو ما يؤثر سلبا على الوسط الجزائري المحافظ، في وقت كان السكايب الملاذ الوحيد للطبقة المثقفة من النخب والاعلاميين، إضافة إلى الشباب الجامعي والبطال، تحت ذريعة التواصل من أجل التعارف، واستكشاف الطرف الآخر، لنيات مختلفة، في حين كانت النخب تستعمل السكايب للتواصل خلال الندوات العلمية أو السياسية أو الاجتماعية، كما كان الإعلاميون بحاجة إلى هذه الخدمة للتواصل مع مختلف القنوات الاعلامية في العالم، بسبب انعدام البث المباشر، خاصة إذا علمنا أن كثيرا من الاعلاميين كانوا يطلبون في الكثير من المناسبات لإعطاء شهاداتهم وآرائهم حول مختلف الاحداث التي عاشتها البلاد وتعيشها إلى الآن.

ولم تعد الاستفادة مع خدمة السكايب التي تمكن مستخدميه من الاتصال صوتيا (هاتفيا) عبر الانترنت بشكل مجاني، بالأمر الصعب، خاصة وأن الامر لا يتطلب إلا خط إنترنت وكمبيوتر أو هاتف نقال مزود بكاميرا أمامية، وحساب شخصي على موقع الشركة الموفرة لهذه الخدمة، وهو ما أغنى العديد من الاسر الجزائرية عن اعتماد ميزانية اضافية للتواصل مع افراد العائلة أو اقاربهم، خاصة وأن هذه الخدمة مجانية، ويمكن العمل بها دون انقطاع، كما يمكن التواصل عن طريقها دون ان "يتسمر" المتصل بمكانه، وكذلك المتصل به.

 

خدمة السكايب ... تنعش تجارة الكمبيوترات 

 

يقول يونس، (32 سنة)، صاحب محل لبيع الاجهزة الالكترونية بالتقسيط بالقرب من شارع ديدوش مراد بالعاصمة، إن الاجهزة الالكترونية من كمبيوترات عادية ومحمولة، إضافة إلى الهواتف النقالة العالية الدقة، تشهد انتعاشا كبيرا في اللسنوات الاخيرة، وهو ما يؤكده حسبه الاقبال الكبير للعائلات الجزائرية على محله لاقتناء مثل هذه الاجهزة، وان كان محدثنا كان يجهل في وقت سابق سر هذا الإقبال، إذ يقول انه سأل احدى ربات البيوت عن ذلك، اذ أخبرته أنها أدخلت إلى بيتها خط انترنت، لكنها عجزت عن شراء كمبيوتر، لذلك لجأت إلى محله، وأردف يقول محدثنا على لسان هذه السيدة، إن "لها بنتا مغتربة" وأن تكاليف الاتصال بها عن طريق الهاتف أثقلها كثيرا ماديا، قبل ان تشير عليها ابنتها بإدخال خط انترنت وكمبيوتر إلى البيت للتواصل معها عبر خدمة السكايب.

وغير بعيد عما قاله يونس، فإن "فريد" الذي يملك محلا لبيع الهواتف النقالة، وسط شارع حسيبة بن بوعلي، يؤكد أن الهواتف النقالة عالية الجودة والمزودة بكاميرات امامية كانت في الاونة الاخيرة محل طلب واسع من طرف زبائنه، مؤكدا أن الامر لا يعدو أن يكون من أجل الاستفادة من خدمة السكايب، خاصة وان اغلب الراغبين في شراء مثل هذه الهواتف هم شباب في مقبل العمر، واستبعد محدثنا أن يكون اقبال هؤلاء على مثل هذه الهواتف التي لا تقل اسعارها عن 30 الف دج، استعدادا للاستفادة من خدمات الجيل الثالث الذي اطلق مؤخرا في بلادنا، واستشهد في كلامه بتأكيدات زبائنه الذين كانوا يسألونه إن كان في الهواتف المعروضة للبيع مبرمج على خدمات السكايب.

ويروي لنا سليم، صاحب محل لبيع الكمبيوترات المحمولة في رويبة، ان مبيعاته في السنوات الاخيرة، كانت بناء على طلبات زبائن لكمبيوترات مزودة بكاميرا أمامية، وأرجع ذلك إلى استغلالها في خدمة السكايب.

 

خدمة السكايب تضفي حميمية كبيرة

 

لم تجد الاستاذة في الطور الابتدائي "سعاد. ب"، وسيلة للتواصل مع اهلها وأخواتها المتواجدين في المهجر وفي مختلف ربوع الوطن، سوى خدمة السكايب، لكونها خدمة مجانية، كما انها يمكنها التواصل بالصوت والصورة مع افراد عائلتها المنتشرين في ربوع الوطن وخارجه، اذ تقول انها لجأت إلى شراء كمبيوتر محمول مع خط انترنت، لتتمكن من التواصل مع اخوتها المتزوجات في ولايات اخرى، وحسبها ان خدمة السكايب تضفي حميمية كبيرة بين المتصلين لكونها تنقل الصوت والصورة معا، كما انها تنقص قليلا من الشوق والحنين.

ويجد يوسف من برج بوعريريج، ان خدمة السكايب جيدة نوعا ما، مؤكدا أنه يستعملها احيانا للحديث مع الاقارب وبعض الاصدقاء خاصة بعد الظهيرة، بشكل كبير، خاصة ان الخدمة المقدمة ممتازة، حيث إنها تقرب المتصلين ببعضهم من خلال المشاهدة المتبادلة التي تقرب الاتصال إلى الواقع.

أما مالك الذي يشتغل في قطاع الاعلام السمعي، فإنه يؤكد بالقول: "لم أستعملها بعد رغم أنني أملك حسابا في سكايب لا يوجد في قائمته أكثر من صديقين، وأحيانا أنسى كلمة السر لعدم استعماله بشكل كامل"، وارجع ذلك إلى "عدم توفر الانترنيت في البيت"، اضافة إلى "عدم وجود الكاميرا في الأجهزة التي أشتغل عليها بمقر العمل.

 

"السكايب" ملاذه للتواصل مع أهله وأصدقائه داخل الوطن

ويقول الاستاذ س. س، الذي يشتغل محاضرا في أحد المعاهد الأمنية السعودية، إن "هذه الخدمة جميلة ورائعة"، وأنه يلجأ إلى السكايب "بشكل يومي للتواصل مع زوجته، واولاده وأصدقائه، في الجزائر، ودول أخرى".

 

رجال الإعلام أولى من غيرهم باستعمال مختلف وسائل الاتصال

 

ويقول الاعلامي ق. ع. ابراهيم، إنه من المؤكد "أن رجال الإعلام أولى من غيرهم باستعمال مختلف وسائل الاتصال والتواصل وخاصة التكنولوجيات الحديثة في مجال الإعلام، ويضيف قائلا: إن "السكايب مثل غيره من خدمات الاتصال والإعلام الجديدة، كثيرا ما اضطر إلى استعمالها في مجالها كلما دعت الضرورة إلى ذلك، مثل المشاركة عن بعد في بعض الحصص المتلفزة خاصة عندما يتعلق الأمر بقنوات فضائية أحنبية"، ويضيف قائلا "بالطبع لا ننسى استعمال تقنية السكايب في مجال العلاقات الانسانية بين الأهل والأصدقاء وخاصة المتواجدين بعيدا عنا خارج البلد"، ويؤكد "هي بالفعل تقنية أفضل من الهاتف الذي يستعمل الصوت فقط من غير الصورة"، ويعلق على ذلك بـ "أنه من الناحية المادية مكلف جدا". و"على ما اعتقد أن التقنيات الحديثة التي يوفرها الانترنت تكاد تكون في متناول الجميع من عائلات وأفراد ومؤسسات".

 

استغلال السكايب في الحوارات والاتصالات الإلكترونية

 ويؤكد أمين، وهو صحفي بقناة تلفزيونية خاصة، "صراحة لم استعملها منذ مدة.... لأنني لم اكن في حاجة إليها.. كنت استعملها في الحوارات والاتصالات الالكترونية المرئية والمسموعة.. هي خدمة جيدة بالتأكيد ومفيدة لعملنا الاعلامي"، ويضيف متحدثا عن سلبيات استخدام السكايب قائلا "لكن استغلالها سلبيا هو من يجعلها تقنية بوجهين وخاصة وأننا سمعنا انها تتعرض للتصنت من قبل جهات خارجية"، ويستدرك امين كلامه بالقول "ان هناك قنوات تلجأ إليه في إجراء الحوارات التلفزيونية لقلة تكلفته على الرغم من قلة جودة الصورة والصوت".

 

مترشح للرئاسة يستغل "السكايب" في افتتاح المداومات الولائية والحديث مع أنصاره في المهجر

 

إلى ذلك، وبما أن كتابة هذا الربورتاج تزامنت مع التحضير لانطلاق الحملات الانتخابية للمترشحين للانتخابات الرئاسية، كان لزاما علينا معرفة مدى اهمية السكايب لدى المترشحين سواء لمخاطبة المواطنين او خلال مقابلات تلفزيونية عن بعد باستغلال هذه التقنية، حيث سألنا احد المكلفين بالتواصل مع الاعلاميين بمداومة احد المترشحين، إذ يجيب بالقول :"يسعى مرشحنا (...) دوما إلى توظيف كل التقنيات الحديثة في الاتصال في حملته الانتخابية ليصنع بذلك مزيجا بين الطرق الكلاسيكية والحديثة لان الغاية من كل هذا هي استهداف مختلف الفئات خاصة الشباب الذي يتواجد بشكل دوري على صفحات التواصل الاجتماعي، اما بخصوص تقنية السكايب فلقد سبق للمترشح وأن استعملها خاصة في مخاطبة مناضليه عبر الولايات خاصة خلال افتتاح المداومات الولائية، كما يستعملها ايضا للحديث مع انصاره في المهجر"، ويضيف "مرشحنا سيستعمل هذه التقنية لمخاطبة مناصريه اثناء الحملة وخاصة عندما يتعذر عليه التنقل إلى ولايات ومناطق ما أو يستعملها لمخاطبة الجالية الجزائرية في الخارج"، ويؤكد في الختام "حرص المترشح على استعمال مثل هذه التقنيات الحديثة شديد، ويتطلع ان يقود حملة انتخابية نظيفة وحداثية تعكس تصوره لجزائر الغد.

روبورتاج: فيصل حملاوي

من نفس القسم الوطن