الوطن

"إحذروا ... فالطلبة معارضة عالمية"

إضراب واحتجاج تلاميذ الطور النهائي يتصاعد، وإقحام "للعهدة الرابعة" في القضية

 

لا يزال طلبة البكالوريا يصرون على إنتهاج درب أساتذتهم، ولي ذراع وزير التربية عبد اللطيف بابا أحمد، حيث يواصلون إضرابهم لليوم الثالث على التوالي والمصحوب بإحتجاجات وصلت أمس إلى حد أعمال شغب وتبني مطالب سياسية بين قوصين، الأمر الذي تغفله وزارة التربية ومن خلفها الحكومة ويظهر ذلك في تعاملها السلبي مع الشريحة الاخطر في المجتمع الجزائري،  والمعروفة باندفاعها وسهولة تحريكها من أطراف خفية، ليتحول تواصل وتوسع الإضراب والإحتجاج الذي يتبناه تلاميذ الطور الثانوي في هذا التوقيت بالذات وهذه الظروف التي تعرفها الجزائر بمثابة خطر، خاصة بالعودة لأمثلة عرفها العالم كان الطالب فيها "بطل" في التغيير وسقوط أنظمة دكتاتورية لا تضاهي النظام الجزائري.

 

الشباب هم أساس التغيير، والطلاب هم "قلب" هذا الأساس، عبارة تخيف أي حكومة وأي نظام، فالبرغم من أن إحتجاج طلبة البكالوريا المتواصل أمس لليوم الثالث على التوالي جاء عفويا -لنقل في الأول- وبهدف المطالبة بتحديد عتبة وكذا الحق في العطلة، وعدم تأجيل الإمتحانات وهي كلها مطالب مشروعة ولا غبار عليها عدا العتبة التي فيها ما يقال، إلا أن رفع بعض الطلبة لشعار "أعطونا الباك نعطوكم العهدة الرابعة" أمر مقلق، خاصة عندما تأتي هكذا إحتجاجات في هكذا توقيت والجزائر مقبلة على انتخابات رئاسية معقدة، المقاطعون لها أكثر من المشاركون فيها، كما أن رفع شعارات سياسية خلال إضراب للطلبة وتواصل هذا الإضراب والإصرار على الخروج للشارع -رغم سلمية الإحتجاج ومشروعية المطالب التي لا علاقة لها بالسياسة- يذكرنا بعدة أمثلة، كان الطالب فيها هو أساس التغيير، منها ما حدث في إندونيسيا حيث ظل سوهارتو حاكما على إندونيسيا لمده 32 عاما متصلة، لكن إحتجاج لمجموعة من الطلبة عام 1998 تمكنت من الإطاحة بالزعيم، نفس المشهد كان قبل ذلك بفرنسا عام 1968 حيث تمكن حفنة من الطلبة من كسر هيبة شارل ديجول رئيس فرنسا، عبر احتجاجات واسعة ومستمرة بدأت في الجامعات الفرنسية وانتقلت إلى أغلب جامعات أوربا وأمريكا حتى وصلت اليابان ومكنت من إزاحة ديغول، وهنا نقول أنه بالرغم من أن الظروف والأهداف تختلف في كل بلد إلا أن القصد من هذه الامثلة هو معرفة ما يستطيع الشباب ممثلين في طلبة سواء بالطور الثانوي أو طلبة جامعة فعله عندما تكون هناك ضغوطات نفسية إجتماعية وحتى اقتصادية وسياسية ولعل رفع "لا للعهدة الرابعة" من طرف بعض الطلبة دليل أن طالب الثانوية فهم الدرس الذي يقول أن المطالب لا تؤخذ إلا إذا تم إعطائها صبغة سياسية من خلال أنتهاز الفرص للضغط على الوزارة الوصية ولي ذراعها في توقيت حساس كالذي تعيشه الجزائريون تماما كما فعلت نقابات التربية التي خرجت منتصرة من معركتها مع الوزارة بعد أربعة أسابيع من الإضراب، ولعل الاخطر أيضا هو أن الإحتجاجات التي تبانها التلاميذ غير ممنهجة تتسم بالفوضي في حد ذاتها، كون هؤلاء التلاميذ لا ينتمون لأي منظمة أو قاعدة تحركهم ويمكنهم الرجوع إليها لاتخاذ القرارات، عكس الأساتذة الذين عادوا لمناصب عملهم فور تعليق النقابات للإضراب، وهو ما يصّعب عملية التحاور والإتفاق معهم، كذلك الأمر اللافت للانتباه في هذه المسألة هو رفض التلاميذ العودة لمقاعد الدراسة رغم الوعود والتطمينات التي قدمت، والمطالبة بالملموس تماما كما فعلت النقابات، وهو الأمر الذي يدل على أن الطالب الذي يعتبر مراهق لا يتجاوز سنة العشرين سنة يسير وفق أجندة نقابية وهنا لا نتهم النقابات بتحريض الطالب لكن ما يمكن تأكيده أن هذا الطالب لا يسير وفق قناعته أنما يسير وفق منحي أستاذه في الإحتجاج والتعبير عن رفضه، ما يدل أنه قابل للاستغلال بسهولة من أطراف تحاول تسييس كل ما هو اجتماعي وكل هذا يدور في فلك الرئاسيات المقبلة.

سارة زموش

من نفس القسم الوطن