الثقافي
"ششه كخه" كيفية تشكّل بنية وشخصية المواطن العربي
في ثالث يوم من مهرجان المسرح المغاربي بالوادي
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 18 فيفري 2014
لليوم الثالث على التوالي، تواصلت فعاليات الأيام المغاربية للمسرح بوادي سوف في طبعتها الثانية بعرض ثلاثة عروض مسرحية ، منها عرض " ششه كخه " للفرقة الليبية للمسرح والفنون. " "ششه كخه" أخرجها ووضع السينوغرافيا لها المسرحي شرح البال عبد الهادي، وكتب نصها فتحي القابسي، ومثل فيها كل من إبراهيم إدريس وعز الدين الدويلي.
وتناولت المسرحية الساخرة عدة مواضيع مهمة يكاد المجتمع الإنساني العربي أن يتقاسمها، ومنها كيفية تشكّل بنية وشخصية المواطن العربي والليبي على وجه الخصوص من تاريخ طفولته، وحتى دخوله المراحل التعليمية والعراقيل التي تواجهه.
وتبدأ المسرحية التي أداها الفنانان الليبيان إبراهيم إدريس وعز الدين الدويلي من خلال حياة طفل ما يزال في المهد، يتحدث عن آلامه منذ ولادته بشكل فنتازي وساخر عن حالته في ظل تلك الولادة قائلا "إذا كانت تلك البداية الله يستر من اللي جاي يا رب".
ولا تترك حكاية "ششه كخه" مساحة، إلا وملأتها بالكثير من الألم بطريقة جميلة وممتعة شدت الحضور حتى آخر لحظة، إضافة إلى السينوغرافيا المتكاملة من إضاءة وموسيقى وأدوات مسرحية ظهرت منسجمة مع الأدوار كافة التي عاشها الممثلان.
الطفل الذي يكبر وهو يعاني القمع والذل من ذويه، يذهب إلى مدرسته مفعما بالحب والأمل في تبدل الحال، إلا أن الوضع للأسف يبدو مغايرا لما يتمناه، فيكتشف هذا الطفل السعيد بمدرسته ظلم وبطش الأساتذة بالطلبة بحجة التعليم.
وتتسلسل الأحداث فيقرر هذا الشاب الذي شب على القمع منذ طفولته الالتحاق بالتدريب العسكري، وهناك يعاني القمع والإذلال بشكل كبير، حتى يعاقب بمهمة يفشل فيها، ويتعرض من خلالها للكثير من الظلم والتعذيب.
ويناقش العمل بشكل إنساني وجمالي مكنونات الإنسان والكبت الذي يتعرض له الفرد، ويؤدي به إلى معاملة الآخرين بشكل سيء أو يسبب له العزلة، كما حدث مع الأستاذ الذي لم يجلب له التعليم سوى الفقر، وقرر الهروب منه، وكذلك العسكريّ والذي قمع من قبل فأصر على قمع من هم تحت إمرته.
وتنتهي مسرحية "ششه كخه" بسلاسة محملة بالدلالات الكبيرة، وكأنها تسلسل درامي يكاد ينطبق على الكثير من شباب الوطن العربي وتحديدا الليبي. ويسدل الستار حين يفشل البطل بالزواج نتيجة الخوف والقهر الذي عاناه طوال محاولته العيش على هذه الأرض. فيركض الشاب نحو طفولته التي هربت منه وبالمحصلة كانت أفضل من اليوم.
المسرحية الليبية والتي تقدم ضمن مهرجان ليالي المسرح الحر تتحدث عن تحرر الإنسان من خوفه في مواجهة المعلم الهمجيّ، والعسكريّ القامع، وبطش أسرته، والمجتمع.
ولم تتخاذل المسرحية في الحديث عن "الثورة الليبية" والتي حققت انتصارها، في محاولة إلى الإشارة بشكل غير مباشر للضغط الذي ولدته السلطات القمعية من تعذيب وقهر وظلم للشعب في مختلف مناحي الحياة، والذي دفعه الى محاسبة القتلة والظالمين.
ورغم اللهجة الليبية التي بدت ببعض المشاهد صعبة؛ إلا أن الممثلين شكلا عامل نجاح لا ينفصل أحدهما عن الآخر بالعمل المسرحي، وأقنعا الجمهور بأدائهما الذي فسّر الكثير من مفاهيم القمع وتعنيف الأطفال والشباب وتجريدهم من حرياتهم.
فيصل.ش