الوطن

الرئيس يأمر قادة الجيش باحترام مسؤولياتهم وصلاحياتهم

في رسالة تشخيص لواقع مخيف دون قرارات

 

شخص الرئيس بوتفليقة في رسالة مطولة بمناسبة اليوم الوطني للشهيد، أزمة الصراع الدائر بين مختلف الأطراف في السلطة، وأقر بخطورة ذلك وانعكاساته على مسار الدولة ومؤسساتها، ووصف مروجي الصراع بكل النعوت منها " غربانا " مشيرا إلى تورط أطراف دولية على مؤسسات جزائرية ومخاطر ذلك على استقرار البلد، بينما اسهب كثيرا في الثناء والدفاع على مؤسسة الإستخبارات وحرص على حمايتها بالشكل القانوني والدستوري من خلال الحديث نيابة عن مسؤوليها، كما تحدث بصفته وزيرا للدفاع وقائدا للقوات المسلحة، آمرا الجميع ( قادة الجيش ) بالعودة إلى التشاور، وفي كلامه إشارة واضحة لمحاولة انفراد قيادة الأركان في الآونة الأخيرة، التحكم في زمام الأمور. 

 

تحدث رئيس الجمهورية بشكل مطول وبإسهاب عن أزمة الخلاف بين مؤسسة الرئاسة والجيش والمخابرات، مؤكدا أن ما تم التصريح به هو تهديد يحدق بالجزائر من أطراف " أجنبية " تريد من خلال الترويج لنزاع " وهمي " بين هياكل الجيش ومؤسسة رئاسة الجمهورية، خلق عدم استقرار وبلبلة للزج بالبلاد في الخراب، وأكد أن حربا إعلاميا من أعداء الجزائر تخاض ضد رئاسة الجمهورية والجيش الوطني الشعبي ودائرة الإستعلام والأمن" يكيدها "أولئك الذين يغيظهم وزن الجزائر ودورها في المنطقة "، ودعا كل مسؤول إلى العودة إلى مهامه المنوط بها وفقا لصلاحياته الدستورية، مدافعا بإستماتة على مؤسسة الجيش ومذكرا بدورها في تحقيق استقرار الأمة، و       خرج بوتفليقة عن صمت لازمه لأشهر وعاد هذه المرة محذرا ومكتفيا بتشخيص الواقع وتقديمه بشكل مخيف يزيد من قلق الرأي العام أكثر مما يطمئنه، وبخصوص كل ما قيل بشأن الصراع المذكور، حاول الرئيس في كلمته بمناسبة يوم الشهيد، أن يردعلى الطروحات القائلة بعدم وجود اتفاق بين مختلف المؤسسات الدستورية، ولبس الرئيس عباءة الدفاع بصفته المسؤول الأول عن مؤسسات وزارة الدفاع الوطني، وخاصة مديرية الإستعلامات والأمن وما قيل عن جملة التغييرات التي حدثت داخلها، وذكر أن هيكلة "دائرة الاستعلام و الأمن " واعتبارها قرينة عن وجود أزمة داخل الدولة، حيث قال إنها "قراءة ماكرة و غير موضوعية"، وتحدث الرئيس في رسالته كثيرا عن مؤسسة الإستعلامات، وبدى أنه يدافع عنها أكثر من اللازم ويتحدث نيابة عن مسؤوليها، وقدم التبريرات التي توحي بأن الجهاز يقوم بمهامه وفقا لصلاحياته الدستورية والقانونية، بينما أشار إلى أن التعديل الذي أجراه في سنة 2006 حين قررهيكلة جهاز الأمن الوطني.    

وقارن بين ما يجري من هيكلة في البلدان الأخرى حيث قال "لا يتعرض لأي تعليق يدعو بالثبور و يجانب الموضوعية" أما في الجزائر فإن "البعض يريد تقديم عمليات الهيكلة هذه على أنها قرينة تنم عن وجود أزمة داخل الدولة أو في وزارة الدفاع الوطني"، نافيا أن يكون الأمر كذلك، وقال الرئيس في هذا الإطار "يجب أن يعلم المواطنون أن جهاز الأمن الوطني الذي هو محل تعليقات تعددت طبيعتها و مصادرها تحكمه نصوص تنظيمية تحدد مهامه و صلاحيته تحديدا دقيقا على مستوى الدولة و على مستوى وزارة الدفاع الوطني على حد سواء". و خلص إلى التأكيد مجددا على أنه "لا يحق لأحد مهما كانت مسؤولياته التطاول على المؤسسات الدستورية للبلاد التي لا تضطلع إلا بواجبها في خدمة الأمة ليس إلا". 

وقال بوتفليقة في الرسالة التي قرأها وزير المجاهدين محمد شريف عباس أمس نيابة عنه في احتفالية بمناسبة اليوم الوطني للشهيد،  أنه "لا يحق لأحد أن يصفي حساباته الشخصية مع الآخرين على حساب المصالح الوطنية العليا في الداخل و الخارج"، ليضيف  بأن "عهد التنابز و التلاسن قد "ولى" بينما دعا الجميع إلى التصرف بـ "التي هي أفضل" و التفرغ لـ "التي هي أحسن"، وهي اشارات واضحة لما حدث مؤخرا من هوشة ضد المؤسسة الأمنية. وقد أعاد الرئيس الأمور إلى نصابها لما قال في رسالته " إن دائرة الإستعلام والأمن " هي "جزء لا يتجزأ من الجيش الوطني الشعبي"  منبها إلى أنه "لايحق لأحد تخريب الأعمدة التي يقوم عليها البناء الجمهوري و المكتسبات". وجاءت الرسالة أكثر وضوحا وبلغة شديدة وبتفصيل مقارنة برسالة التعزية غداة سقوط الطائرة العسكرية منذ أيام، حيث كانت التي كانت مقتضبة ولم تشر إلى جهاز المخابرات بهكذا وضوح. 

وحملت هذه الكلمات بما يظهر أن رئيس الجمهورية يكذب تصريحات وردت في الصحافة الجزائرية، حيث أوضح قائلا: " خلافا لما يرد في الصحافة من أراجيف ومضاربات تمس باستقرار الدولة و الجيش الوطني الشعبي تبقى مجندة تمام التجند في سبيل الأداء الأمثل للمهام الموكلة إليها شأنها في ذلك شأن هياكل الجيش الوطني". 

الرئيس يشير الى جهات خارجية وداخلية وراء الحملات ضد الجيش 

وخصص الرئيس حيزا كبيرا للحديث عن ما يقال من البعض كما أسماهم، من أن هناك نزاعا بين هياكل في مؤسسة الجيش الوطني الشعبي، إذ ذكر في كلمته أن ما يثار من نزاعات وهمية في الجيش ناجم عن  " عملية مدروسة "، مكذبا وجود مثل هذا النزاع واصفا إياه بالوهمي، مشيرا بالإسم إلى جهاز الإستخبارات وقيادة الأركان بالأخص، وقال أنها " عملية مبيتة غايتها ضرب الإستقرار من أولئك الذين يغيظهم وزن الجزائر ودورها في المنطقة"، دون الإشارة إلى من يقصد بـ "أولئك"، مضيفا في السياق أن العملية هذه "يمكن ويا للأسف أن يوفر لها الظروف المواتية ما يصدر من البعض من سلوك غير مسؤول ومن البعض الآخر من عدم التحلي بالنضج  تحت تأثير مختلف أوجه الحرب الإعلامية الجارية حاليا ضد الجزائر  ورئاسة الجمهورية والجيش الوطني الشعبي ودائرة الإستعلام والأمن"، مضيفا في السياق أن العملية هذه "يمكن ويا للأسف أن يوفر لها الظروف المواتية ما يصدر من البعض من سلوك غير مسؤول ومن البعض الآخر من عدم التحلي بالنضج  تحت تأثير مختلف أوجه الحرب الإعلامية الجارية "، ودعا بالمقابل، وفي كلام الرئيس عن البعض ( شخصيات سامية وعمومية ) وسلوكهم غير المسؤول، ودعا بوتفليقة " كافة المسؤولين أن يثوبوا إلى ضميرهم الوطني وأن يتساموا فوق كافة أشكال التوتر التي يمكن أن تطرأ بينهم. إنه لا مناص من ذلك لضمان مستقبل الدولة ودفاعها وأمنها". 

الرئيس يدعو قائد الأركان للتشاور

وأمر الرئيس كافة المسؤولين المعنيين باتخاذ كل الإجراءات اللازمة للتصدي للتهديدات المحسوسة التي تحدق حاليا بالجزائر  بسبب الأوضاع الأمنية القائمة على حدودها، ودعا الجميع للعودة    الى القدر المحبذ من التشاور والتعاون السليم على كل المستويات والعمل على جعل كل مسؤول وكل هيكل يعمل وفقا للأحكام التنظيمية التي تضبط نشاطه  خدمة للمصلحة العليا للوطن، وفيه إشارة واضحة إلى قائد الأركان من أجل التشاور وابعاد شبح الخلاف والتصارع.

 ضرورة العودة للروح الوطنية للتصدي لكل مساس بإستقرار الأمة

ودعا الرئيس بوتفليقة بصفته رئيسا للجهورية ووزير الدفاع وقائدا أعلى للقوات المسلحة وفقا لصلاحياته الدستورية، في رسالته إلى ضرورة العودة إلى الروح الوطنية للتصدي لكل مساس باستقرار الأمة، محذرا في السياق كل من يصرح بموقف مؤداه " زرع البلبة و نشر أطروحات هدامة مدعية بها وجود صراعات بين مؤسسات الجمهورية"، و" أمام هذه الأخطارالجديدة الناجمة عن الشحناء و التناحر يبن الرؤى المتناقضة والفتنة التي تثيرها المناوءات بين المواقف، وأكد رئيس الدولة "أن المواقف التي جاهر بها هؤلاء وأولئك قد تدخل في خانة حرية التعبير المكرسة بمقتضى الدستور، لكن حينما تحاول هذه المواقف، التي يستلهم بعضها من المصادر معادية للجزائر، زرع البلبة و نشر أطروحات هدامة مدعية بها وجود صراعات بين المؤسسات الجمهورية فإنه يصبح لزاما على كل المواطنين أن يدركوا خطر ضرب الإستقرار الذي تنطوي عليه مثل هذه المساعي.

 

الرئيس يحذر من التطاول على المؤسسات الدستورية للبلاد

وجدد الرئيس رفضه لكل من يتطاول على مؤسسات البلاد الدستورية، قائلا " إنني أعيد  وأكرر أنه لا يحق لأحد مهما كانت مسؤولياته  التطاول على المؤسسات الدستورية للبلاد التي لا تضطلع إلا بواجبها في خدمة الأمة  ليس إلا".

مصطفى. ح   

من نفس القسم الوطن