الثقافي

"مشكلة الرداءة في الإنتاج السينمائي الجزائري ترجع لنقص كتاب السيناريو"

نقاد وروائيون جزائريون يؤكدون:

 

يذهب الكثير من المهتمين والنقاد بشأن الانتاج التلفزيوني والسينمائي في الجزائر، على غرار الروائي الجزائري محمد مفلاح، الى تقييم وضع كتابة السيناريو في البلاد، مؤكدين انه يشهد نقصا كبيرا، في مقارنة بين راهن الفن السينمائي بالجزائر في الفترة المعاشة وفترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، التي شهدت انتعاشا كبيرا في صناعة السينما عكس الفترة الحالية.

وأرجع هؤلاء النقاد في تصريحات لهم للموقع الالكتروني لقناة الجزيرة، هذا التدهور للسينما الجزائرية الى الخلل الكبير الموجود في كتابة السيناريو باعتباره مشكلا مهما في لغة فنون التمثيل، مشيرا الى ان صناعة السينما الجزائرية قد عرفت انتعاشا كبيرا في السنوات الماضية غذتها الجوائز التي حصدتها الافلام الجزائرية انذاك، كان اهمها السعفة الذهبية التي توج بها فيلم "وقائع سنين الجمر" لمخرجه محمد الاخضر حامينا، وكاتب السيناريو الروائي رشيد بوجدرة في مهرجان سنة 1975 ، مضيفا الروائي محمد مفلاح ان الدراما الجزائرية ظلت تتأرجح بين المقبول والسيء والجيد عبر أكثر من خمسين سنة، تاركة السبق دائما للدراما المصرية والسورية، فالمشاهد الجزائري لا يرجع إلى إنتاجه الوطني إلا في شهر رمضان من كل سنة، مشيرا الى ان غياب اهل السرد عن كتابة السيناريو ادخل الإنتاج السمعي-البصري في أزمة، دفعت أشخاص لا علاقة لهم بهذا الفن للكتابة الدرامية، مضيفا ان الأعمال التلفزيونية والسينمائية اليوم لا تنطلق من عمل سردي إبداعي، رواية كان أو قصة أو من فكرة حقيقية، مستدلا بمسلسل "الحريق" للروائي محمد ديب أو فيلم "ريح الجنوب" لرائد الرواية الجزائرية عبد الحميد بن هدوقة، أو فيلم "نوة" للروائي الطاهر وطار، وغيرها من الروايات والقصص التي حُوّلت إلى أفلام، والتي حظيت بالمشاهدة والإعجاب ونالت الجوائز الدولية، كما ارجع مفلاح مشكل الرداءة التي يعرفها قطاع الانتاج السينمائي في الجزائر، الى غياب معهد أو مدرسة لتعليم فن كتابة السيناريو، قائلا انه "حتى المعهد الوطني للفنون الدرامية بالجزائر العاصمة، الذي ظل يخرّج ممثلين وتقنيين لا يكوّن كتاب سيناريو، كما لا تعطي كليات الآداب في الجامعات محاضرات للطلبة في فن السيناريو، وهم الذين يدرسون القصة والرواية والمسرح وفنون التمثيل"، كما ذهب الكثير من النقاد إلى ما هو أعمّ وأشمل في سبب ضعف السيناريوهات المنتجة، بالحديث عن غياب صناعة سينمائية كاملة، وإنتاج تلفزيوني محترم، ما أدى إلى قلّة الأعمال الدرامية التلفزيونية، حيث يرى الناقد الفني حسن تليلاني، ان غياب تقاليد في مجال صناعة الأفلام والمسلسلات، دفعت بالمخرج ان يصبح هو كاتب السيناريو، وعادة ما يرُدّ المخرجون الكُرة عن مرماهم بالقول إن غياب كتاب سيناريو حقيقيين هو الذي أدى بهم إلى لبس عباءة التأليف، إضافة إلى الإخراج، مضيفا الروائي محمد مفلاح من جهته بأن المنتجين الجزائريين اصبحوا يذهبون إلى المسلسلات البسيطة وتمثيليات للضحك، لتفادي النقص في السيناريوهات، وبظهور السينما التجارية التي اصبحت تستمد مادتها من موضوعات الإثارة، ازداد الإنتاج السينمائي ضعفا فأصبحت أعمالهم هزيلة، لا ترقى إلى التعبير عن الإنسان الجزائري، كما ذهب المخرج مسعود العايب الى تلخيص المشكلة في عدم وجود محترفين حقيقيين في الساحة الدرامية الجزائرية، ملمحا الى ان الباب اصبح مفتوحا لكل المتطفلين على المهنة، مضيفا الناقد الفني حسن تليلاني أن السيناريوهات المقترحة فاقدة للحبكة الفنية الجيدة، وهي في العموم سيناريوهات تتناول موضوعات اجتماعية، ويشير محمد مفلاح إلى أن صناعة الدراما والفيلم عمل كبير تتكاتف فيه جهود كبيرة، وإذا كان السيناريو ركنا مهمّا في ذلك فإن الإنتاج لا يكون إلا بتمويل كامل وتوفير إمكانيات كبيرة تُظهر السيناريو في صورته الحقيقية، مستدلا بأفلام مثل "العصا والأفيون" لأحمد راشدي و"بوعمامة " لبن عمر بختي كنماذج جيدة لصناعة متكاملة، في الوقت الذي لفت فيه السيناريست إسماعيل أبو بكر النظر إلى مسألة مهمة ذات علاقة، وهي أن الكثير من قطاعات الإبداع في الجزائر تعاني من غياب نقد حقيقي وبنّاء يوجّهها ويكشف مواطن ضعفها، حتى تستمر أكثر معرفة بحقيقتها، ومنها الدراما وكتابة السيناريو.

أحلام.ع/ وكالات 

 

من نفس القسم الثقافي