الثقافي

ما سرُّ الغياب الجزائري عن البوكر فوزاً وتحكيماً؟

 

مع إعلان القائمة القصيرة للروايات المـــتنافسة على البوكر العـــربية 2014 توشــــك هـــــذه الجـــائـــزة أن تـــطــــوي مـــوسمهـــا السابع، وهــــي كانت منــــذ دورتها الأولى 2008 موضوعاً (ومسرحاً أيضاً) للتـــنافس بين الروايات التي تصدر هنا وهناك في العالَم العربي أو في المهاجر.

ما نلاحظه على الجائزة طيلة مواسمها السبعة هو خلو سجلِّ الفائزين بها من أي اسم جزائري رغم المشاركة الجزائرية المكثّفة. فقد فاز بها على امتداد مواسمها المصريان بهاء طاهر سنة 2008 (واحة الغروب) ويوسف زيدان سنة 2009 (عزازيل) والسعودي عبده خال سنة 2010 (ترمي بشرر) والمغربي محمد الأشعري سنة 2011 (القوس والفراشة) مناصفة مع السعودية رجاء عالم (طوق الحمام) واللبناني ربيع جابر سنة 2012 (دروز بلغراد)، وأخيراً الكويتي سعود السنعوسي سنة 2013 (ساق البمبو). أمّا اسم الفائز في الدورة الحالية فسيعرف نهاية شهر نيسان (ابريل) المقبل، وإضافة إلى غياب الروائيين نلاحظ أيضاً غياب النقاد والأكاديميين الجزائريين عن لجان التحكيم في كلّ دوراتها.

إنّ نظرة بسيطة في سجلّ الجائزة تجعلنا نلاحظ منذ البداية أنّ نتائج المشاركة الجزائرية ضعيفة جداً. إذْ لم تُسجِّل سوى وصولٍ واحدٍ إلى القائمة القصيرة، وكان ذلك بفضل رواية «دمية النّار» لبشير مفتي سنة 2012. أمّا الحضور في القائمة الطويلة فقد تواصل منذ الدورة الثالثة للجائزة مع سمير قسيمي بروايته «يوم رائع للموت» سنة 2010، ثمّ واسيني الأعرج سنة 2011 بروايته «البيت الأندلسي» ثم مفتي سنة 2012 بالرواية المذكورة أعلاه ثمّ الأعرج بروايته «أصابع لوليتا» وأمين الزاوي بروايته «حادي التيوس» سنة 2013، وأخيراً الأعـــرج للمرة الثالثة بروايته «رماد الشرق» في الدورة الحاليـــة. يثير هذا الغيابُ أسئلة عدة: هل البوكر أكبر منّا ومن روائيينا؟ أم أنّ نصوصنا لا ترتقي إلى مصاف النصوص الفائزة؟ هل يعجز النصُّ الأدبي الجزائري عن المنافسة عربياً؟ أم هل يعود هذا الغياب إلى غيابنا الأبدي عن لجان التحكيم؟ أو هل أنّ اهتمامات هذه النصوص ومضامينها لا تتقاطع مع اهتمامات الجهات الراعية للجائزة ولجان التحكيم والموضوعات المطلوب إبرازها؟

ما الذي تُركّــِز عليه اللجان في تقويمها للنصوص أكثر من غيره: هل هي المضامين/الموضوعات أم تقنيات الكتابة الروائيــــة وفنياتُها؟ الأكيد أن فنيات الكتابة وتقنياتها ليست المعيار الفيصل الوحيــــد في الحكم والانتقاء بل إنّ للانطباع دوراً ما فـــي ذلك حتى وإن كان قليلاً وهذا أمر طبيعي لأنّ قــــراءة أكثر من مئة عمل روائي في فترة قصيرة ليــــس بالشيء السهل من جهة ولاختلاف مشارب - وميول وتوجُّهات - المحكّمين من جهة أخرى. ثمّ ما هـــو موقف اللجان من الموضوعات الخلافية، أي تلك التي لا تُحقِّق إجماعاً في البلاد العربية اليوم كالأزمة السورية مثلاً أو ما يُسمِّيه بعضُهم بـ «الربيع العربي» أو الفتنة الطائفية أو الإسلام السياسي؟ هل نحكم بسياسية الجائزة وانحيازها الفاضح إذا أُسنِدت لنصٍّ يتناول هذه القضايا الخلافية؟ للإجابة عن هذا السؤال علينا انتظار النتيجة النهائية وقراءة العمل الفائز.

ومع أنّ المسكوت عنه أكثر من غيره في الجوائز عامّة هو جانبُها السياسي الذي لا يُعقَلُ بأيّ حال من الأحوال تناقضُه مع الجهة الراعية تمويلاً وتنظيماً (أو إشرافاً) وبعيداً عن التشكيك في صدقية لجنة التحكيم التي تتشكّل هذه السنة من السعودي سعد البازعي (رئيساً) والعراقي عبد الله إبراهيم والمغربية زهور كرام والليبي أحمد الفيتوري والتركي محمّد حقي صوتشين (أعضاءً)، نشير إلى تقاطع قطرين عربيين تحكيماً وحضوراً في القائمة القصيرة هما المغرب زهور كرام (مُحكِّمة) وروايتين، والعراق عبدالله إبراهيم (محكّم) وروايتين.

حال روائيينا باللغة العربية مع جائزة البوكر رغم قصر عمرها من حال نظرائهم الذين يكتبون باللغة الفرنسية، إذْ لم يُفلِح أيٌّ منهم في الفوز بأي من الجوائز الفرنسية الكبرى: غونكور وفيمينا وميديسيس، لا من الأجيال القديمة ولا من الأجيال الجديدة.

أخيراً لا يسعنا إلاّ أن نقول إن جائزة البوكر تكون مع كلِّ إعلان لقوائمها طويلة كانت أم قصيرة أو لنتائجها، موضوع جدال حادّ ونقاش مستفيض، على أنّ الروايات التي أُتيحتْ لنا قراءتُها من الروايات الفائزة بالجائزة على امتداد دوراتها جديرة بالفوز شكلاً ومضموناً. عن الحياة اللندنية 

 

إبراهيم صحراوي 

من نفس القسم الثقافي