الوطن

حمروش يرافع عن الاصلاحات والتوافق وحماية الاقليات !!

في بيان حمل رسائل برنامج واخرى لخصومه القدماء

 

حمل البيان أو الرسالة التي أصدرها رئيس الحكومة الأسبق، مولود حمروش أمس لوسائل الإعلام الوطنية، بين طياتها محاور برنامج سياسي يقدمه الرجل لجميع الأطراف داخل السلطة، أكثر من أي شيء آخر، حيث حرص على عدم استعداء أي جناح من أجنحة النظام كما لم يلغي فيه أي فرضية من الفرضيات التي يطرحها هؤلاء تجاه الوضع السياسي العام للجزائر الذي يسبق إجراء رئاسيات الـ 17 أفريل المقبل، وأكد من خلاله على أهمية تحقيق مطلب التوافق والانسجام كشرط لتنظيم الانتخابات الرئاسية القادمة وفي ظروف يسودها الهدوء والانسجام لضمان مصالح كل الأطراف، ويظهر من خلال هذا الخطاب الذي أطل به حمروش على الساحة أنه موجود وأنه يمتلك الحلول التي تشكل عائقا أمام النزاع القائم في أعلى هرم السلطة خاصة وأنه معروف بأب الإصلاحات التي شكلت حيزا كبيرا في النقاط التي جاء بها البيان الذي صدر عنه وتلقت"الرائد"، نسخة منه، كما تحدث الرجل من منطلق أنه ابن هذا النظام الذي يعرف مواقع التوازنات التي تشكل العلاقة بين الرئاسة والمؤسسات العسكرية على اعتباره العقيد الذي أمضى عقودا طويلة داخل مؤسسة الرئاسة.

ودعا حمروش، في هذا البيان إلى ضرورة وأهمية ضمان التوافق الذي يدفع بالجزائر إلى تنظيم استحقاق انتخابي يحافظ على مصالح جميع الأطراف، بعيدا عن التشنج الذي يشكل محطة عائقة أمام هذه الأطراف وخلقت وضعا حساسا تعيشه الجزائر اليوم، سيؤثر على مستقبلها الذي يرتبط في بما ستأتي به الرئاسيات المقبلة بغض النظر عن ترشح الرئيس أم لا لهذا الاستحقاق، ودافع المتحدث في السياق ذاته عن حق الأجيال الجديدة في الوصول إلى مناصب قيادية ومسؤولة بعد هذه الرئاسيات، التي قال بأنه لا بد أن تكون فيها مصلحة الجماعة والجهات والأقليات محفوظة ومضمونة، وفق ما يمليه الانضباط القانوني والاجتماعي الذي يراهن على تكون مصالح الجماعات والجهات والأقليات محفوظ للجميع من قبل الدولة التي عليها أيضا أن تحقق التوازن في ممارسة الحريات لضمان الأمن والاستقرار وتعزيز المكاسب التي تم تحقيقها من خلال العمل على تصحيح الإختلالات وسدّ الثغرات ومجابهة النقائص.

وقال المتحدث أنّ الجزائر التي تنتظرها محطات دقيقة تحدد الأوضاع الحالية مستقبلها، لا يمكنها أن تتناسى طرح مشروع الدولة الحديثة، التي يرى بأنها تتجاوز الأشخاص والحكومات والأزمات، وركز في هذا الطرح على أن التذكير بالوعود الرامية إلى بناء دولة عصرية لا تزول بزوال الرجال والحكومات ولا تتأثر بالأزمات، كما لا بد لنا من التذكير بالتعهد بمواصلة المسار الديمقراطي والتذكير بالتصريحات التي تؤكد استئناف الإصلاح.

وحملت الرسالة، العديد من الرسائل التي يرى بأنها تتناغم مع مكونات المجتمع الجزائري الذي استطاع تحقيق الإجماع وصياغة الحلول التوافقية في كل المراحل والأزمات حيث شكل هؤلاء_أفراد الجيش الوطني الشعبي وقبلهم جيش التحرير الوطني، صمام أمان لتحقيق وحدة الصف والانضباط بعيدا عن أي تقسيم ثقافي أو عشائري أو جهوي وقاية للهوية والمشروع الوطني الذي يدافعون عنه، بالرغم من أنّ تحقيق هذه التحديات خلف ضحايا إلا أنه أكد على أن لكل أزمة ضحاياها وفرصها، لهذا يرافع اليوم لاستغلال الفرص وتفادي المزيد من الضحايا، خاصة وأن مجتمعنا لا يمكنه أن يحقق التناغم بوجود ممارسة سلطات سيادية بدون سلطات مضادة، كما لا يمكنها أن تتلاءم وممارسة سلطات عمومية أو مهام غير عادية بدون تفويض قانوني وبدون رقابة. 

هذا وقد وجه مرشح رئاسيات 1999، رسالة للمؤسسة العسكرية، التي يرى بأنها تجسد المشروع الوطني وتدافع عنه وعن الهوية الجزائرية، منذ جيش التحرير الوطني وصولا إلى الجيش الوطني الشعبي الذي يرى بأنه سيتمكن من القيام بمهامه بكل يسر ونجاعة وتمكن مؤسساتنا الدستورية من الاضطلاع بمهامها ودورها في وضوح، بتوفر هذه الشروط.

وقرأ المتابعون للشأن السياسي رسالة حمروش، بأنه جاء في ظروف سياسية غامضة، دفعت بالعديد من الشخصيات البارزة في المشهد إلى إعلان موقفها مما يحدث في صراع أعلى هرم السلطة الذي يتأكد يوما بعد آخر بأن خروجه إلى العلن يعتبر المحطة الأخيرة لنهايته، ونهاية الأطراف التي خلقت سجالا من التصريحات التي جاءت على حساب الاستقرار 

كما أن البيان يوضح من خلاله حمروش بأنه موجود في الساحة السياسية وأنه قادر على حل إشكالية النزاع القائم اليوم بين جناحي السلطة، بينما يشير البعض الآخر بأن حمروش جاء بعد نداءات متعددة كانت تصل إليه لإعلان موقفه من دعوات ترشيحه لرئاسيات أفريل المقبل، وما هذا البيان إلا بداية التأكيد على أنه مستعد لإعلان ترشحه وقبول هذه الدعوات إذا ما وجد الأرضية المناسبة لذلك، كما أن الضمانات التي حملها برنامجه تناسب إلى حدّ بعيد كل الأطراف، ولم يترك المتحدث بابا للتأويلات التي يمكن أن يحملها خطابه هذا، لهذا حرص على أن يتحدث من منطلق أنه رجل سياسي وعسكري بامتياز خاصة وأنه عقيد سابق في الجيش ويعرف موقع التوازنات لدى المؤسسات العسكرية ومؤسسات الرئاسة التي أمضى فيهما عقودا من الزمن، وخبر فيهما الأسس والمبادئ التي وجب توفرها في شخصية الرئيس الذي يتوجب عليه أن يمتلك القدرة على التحكم في هاتين المؤسستين دون أي إخلال بموازين قوى مؤسسة دون أخرى، خاصة وأن الظروف الحالية التي تعصف بأعلى هرم السلطة تدعو_بحسب المتابعين، لإعادة النظر في كاريزما المتداولين على كرسي قصر الرئاسة.

ويؤكد العارفين بخبايا الوضع السياسي القائم في الجزائر، أنّ الظروف الحالية التي تمر بها الجزائر هي بحاجة لوجود رجل بحجم حمروش الذي طرح اسمه على أكثر من صعيد، ويشكل التوافق الذي غيبته المعارضة السياسية بإعلانها الانسحاب من سياق المنافسة على كرسي الرئاسة في الانتخابات القادمة، ويشير هؤلاء إلى أن تداول اسم حمروش أو تقديمه كمرشح لهذا الاستحقاق من شأنه أن يدفع بـ"الأفافاس"، الذي يعتبر أكبر الأحزاب معارضة للسلطة إلى إنقاذها من هذا المعترك، الذي أغلقت جميع التيارات السياسية التي تحوز على احترام وقاعدة جماهيرية بغض النظر عن طبيعة وتوجهات هذه الأحزاب أبواب المشاركة فيه باختيارها الانسحاب من المعركة قبل كشف كل الأوراق المتعلقة بهذا الاستحقاق، وقد تؤثر هذه الرسالة على مواقع القوة والضعف لدى السياسيين الذين أعلنوا الترشح رسميا لهذا الاستحقاق خاصة وأن طرح اسم حمروش كمرشح فعلي للرئاسيات قد يدفع بالكثير ممن أعلنوا مساندتهم للفرسان الحاليين للاستحقاق إلى الانسحاب من دعم هؤلاء ماديا ومعنويا أيضا.

وقد قرأت الطبقة السياسية عندنا بيان حمروش بأنه جاء ليؤكد سيناريو التطبيع الذي يكون حلفاء حسين آيت أحمد ودعاة العهدة الرئاسية الرابعة قد سعوا لتحقيقه عبر الدفع باسم رئيس الحكومة السابق ومرشح رئاسيات 1999 إلى الواجهة لتحقيق التوازن الذي تبحث عليه كل الأطراف السياسية وخاصة أجنحة أعلى هرم السلطة، هذا وقد توقعت أطراف أخرى أن يكون هذا البيان هو بداية دخول حمروش للاستحقاق في انتظار ردود أفعال ستأتي لاحقا من أجنحة السلطة نفسها التي سبق لها وأن طرحت اسمه في بداية الحديث عن الرئاسيات المقبلة.

خولة بوشويشي

من نفس القسم الوطن