الوطن
دعم أمريكي لقيادة الأمير محمد بن نايف للمخابرات السعودية
بعد تحقيقه نجاحات كبرى في إدارة الملف الأمني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 16 فيفري 2014
• السعودية تريد نفض يديها من الملف السوري
• واشنطن ترى في محمد بن نايف ملك مستقبلي للسعودية
توقت مصادر أمنية غربية في السعودية ودول الخليج أن يتولى وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف مسؤولا عن الاستخبارات السعودية، بعد عودته من زيارته الحالية للولايات المتحدة، والتي بدأها يوم الإثنين الماضي وذلك بعد إبعاد الامير بندر بن سلطان عنها لأسباب مرضية وغير مرضية.
يذكر أن الأمير بندر رئيس الاستخبارات السعودية وأمين عام مجلس الامن الوطني يخضع منذ شهرين للعلاج في الولايات المتحدة، حيث أجريت له عملية جراحية هناك. وبدأ وزير الداخلية السعودي منذ أيام يتسلم الملفات المتعلقة بالأمن الخارجي للمملكة والتي هي من مسؤولية جهاز الاستخبارات غير التابع لوزارة الداخلية، فالأوامر الملكية الأخيرة قضت بالحكم بالسجن على كل سعودي يقاتل أو ينضم إلى أي جماعات متطرفة بالخارج قد تم إسناد أمر تنفيذها ومتابعتها لوزارة الداخلية، وقانون مكافحة الارهاب الذي أقر أيضا قبل أسبوع، والذي ينص على ملاحقة أي معارض للحكم الملكي السعودي في الخارج أو الداخل، عهد لوزارة الداخلية أيضا وكل هذا يأتي في إطار تعزيز نفوذ الأمير محمد بن نايف في إدارة الشؤون الأمنية للسعودية الداخلية والخارجية.
ويرى مراقبون أن هذا أيضا يعزز نفوذ الأمير محمد بإدارة شؤون الحكم في المملكة، وخصوصا في مجال علاقاتها مع الولايات المتحدة التي يعمل على استعادة ملفات التنسيق الأمني الخارجي معها، والتي تعثرت خلال فترة الأمير بندر بن سلطان. ومن هنا يمكن إدراك الاهمية الخاصة لزيارة وزير الداخلية لواشنطن خلال الايام الماضية، والتي التقى فيها مع مسؤولي الاجهزة الامنية الامريكية أولا ومن ثم وزير الخارجية جون كيري وانتهت باجتماع يوم الخميس مع الرئيس أوباما.
ومما يزيد زيارة الأمير محمد بن نايف لواشنطن أهمية تفوق زياراته السابقة أنها تسبق زيارة الرئيس أوباما للرياض الشهر المقبل، وهي زيارة تأمل الرياض أن تعيد التفاهم السياسي والأمني مع واشنطن إلى أوضاعه السابقة خصوصا بالنسبة لسوريا ومصر، وقد فتح وزير الداخلية السعودي في محادثاته الملفات الامنية العالقة مع واشنطن وسبل استعادة التعأون الأمني الذي فقد العام الماضي بشأن الأوضاع في سوريا ولبنان، وهذا يعني أن الامير محمد هو الذي سيتولى التنسيق مع الامريكيين بشأن ذلك، وهذا يرجح أيضا توليه الاشراف على الاستخبارات السعودية المعنية بهذه الملفات. ويلاحظ أن المسؤولين الامريكيين منذ أن تعرفوا على الامير محمد بن نايف قبل سنوات أخذوا يرون فيه الرجل القوي في السعودية القادر على الإمساك بالملفات الامنية الداخلية والخارجية وإدارة شؤون الحكم، على عكس غيره من أمراء الجيل الثالث كالأمير خالد بن سلطان الذي لم ترى فيه واشنطن أي مؤهلات لرجل سياسي، أو الأمير بندر بن سلطان الذي لا ترتاح الادارة الأمريكية الحالية للتعامل معه. ويرى مراقبون سياسيون أن فشل الأمير بندر في إدارة الملفات الأمنية في سوريا ولبنان يساهم في التعجيل في إبعاده عن مهامه كرئيس للاستخبارات وكأمين عام لمجلس الامن الوطني الذي يرأسه الملك كما يعني أيضا إبعاد نائبه الامير سلمان بن سلطان الذي عين نائبا لوزير الدفاع في شهر أكتوبر الماضي، ثم أبعد مؤخرا عن المشاركه في إدارة الملفات الامنية مع أخيه الامير بندر. وتمثل الفشل في تنامي قوة ونفوذ المجموعات الاسلامية المتطرفة والارهابية، مثل تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة"، على حساب المجموعات المسلحة المعتدلة الإسلامية وغير الاسلامية في سوريا ولبنان وحتى العراق.
واعتبر ذلك فشلا للسياسة السعودية في سوريا وللنفوذ السعودي في لبنان ليس لصالح النظام السوري والإيراني فقط بل لصالح تنظيم القاعدة بل وأثار المخأوف من انضمام المئات من السعوديين "الجهاديين" لهذين التنظيمين اللذين هما بالنهاية عدوّان للسلطات السعودية. وكان غياب الامير بندر قد اعطى للأمير سعود الفيصل وهو الدبلوماسي والسياسي المحنك. المجال للتعامل السياسي الواقعي مع الملفات الاقليمية المعنية بها السعودية وإعادة النظر بالسياسات السعودية تجاه هذه الملفات، وأصبح وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف هو المؤهل والأكثر قبولا عند الملك لإعطائه مسؤولية الاشراف على ملفات الأمن الخارجي السعودي وإلحاق جهاز الاستخبارات بوزارة الداخلية، بسبب النجاحات التي حققها في إدارة ملفات الأمن الداخلي ومحاربة تنظيم القاعدة داخل السعودية وفي اليمن. ويعتبره العديدون في العائلة الحاكمة الاكثر جدية ومتابعة لعمل أجهزته وقطاعاته الأمنية المدربة والجيدة التنظيم، وتقدر له العائلة نجاحه بقمع المعارضة وإبعاد المملكة عن التهديدات الامنية التي زعزعت استقرارها في تسعينيات القرن الماضي. وكان الأمير محمد قد تولى ومنذ سنوات مسؤولية ملف العلاقات السياسية والأمنية مع اليمن بعد وفاة والده وهو يعمل بالتنسيق مع الاجهزة الاستخبارية والامنية الامريكية على مطاردة عناصر تنظيم القاعدة في اليمن والجزيرة العربية ونجح باختراقهم وتحقيق ضربات قاتله للعديد من قادتهم. هذه النجاحات جعلت واشنطن تنظر إليه برضى على عكس الأمير بندر الذي رغم كونه سفيرا سابقا للسعودية في الولايات المتحدة إلا أنه لم يكن على علاقة ودية مع الإدارة الامريكية الحالية، وربما كانت هي التي ساهمت في إفشاله في سوريا ولبنان.
ويشير خبراء ومراقبون يوجد تحالف ثلاثي قوي يدير الحكم حاليا في المملكة، ضلعه الأول الامير محمد بن نايف وزير الداخلية، والثاني متعب بن عبد الله رئيس الحرس الوطني، والثالث خالد التويجري بوابة الملك عبد الله بن عبد العزيز ومدير مكتبه، وترددت انباء شبه مؤكدة ان هذا الثلاثي لم يكن راضيا عن التورط العسكري السعودي في سورية، ويبدو ان وجهة نظره هذه انتصرت في نهاية المطاف بإبعاد الامير بندر بن سلطان عن الملف السوري. ما يؤكد ذلك إصدار المملكة العربية السعودية قوانين الإرهاب التي تجرم كل من يروج لإصلاحات سياسية، أو ينتقد النظام الاساسي للحكم بالسجن لفترات تصل إلى 15 عاما، وإتباعها بمرسوم ملكي يمنع جهاد السعوديين في خارج المملكة ويعاقب من سينخرط فيه بالسجن لمدة تترأوح بين خمسة أعوام وعشرين عاما. هذا التغيير المفاجيء في موقف المملكة جاء بعد ورود تقارير اخبارية تشير إلى وجود عشرة آلاف سعودي يقاتلون على ارض سورية نسبة كبيرة منهم ينضوون في صفوف جبهة النصرة والدولة الاسلامية في العراق والشام القريبتين من ايديولوجية تنظيم القاعدة. نقطة أخرى لا بد من التوقف عندها وهي وصول تقارير إلى القيادة السعودية تفيد بان المملكة هي الدولة التالية بعد سورية التي ستتعرض لاضطرابات داخلية وربما ثورة شعبية تحت عنوان الربيع العربي وأن الشباب السعودي “المجاهد” في سورية سيلعب دورا كبيرا في هذه الثورة. التقارير نفسها اكدت ان الدول الخليجية والإقليمية التي اشعلت الحرب في سورية وسلحت الانتفاضة السلمية وعسكرت الثورة السورية هي التي تقف خلف المشروع القادم لنقل الثورة من سورية إلى السعودية، وجرى تسمية دولتين هما تركيا وقطر، وهذا ما يفسر العداء المتصاعد حاليا في السعودية ضد الاخيرة. المملكة العربية السعودية جرى توريطها في الازمة السورية وتحأول حاليا الخروج من هذه الورطة بأقل الخسائر وتعمل بالمثل الانكليزي الذي يقول “اذا وقعت في حفرة فان أول شيء عليك فعله أن تتوقف عن الحفر”، ويبدو أن أول خطوة تؤكد توقفها عن الحفر هي سحب الملف السوري من الامير بندر بن سلطان، ومنع ذهاب السعوديين للجهاد في سورية، ولجم الدعاة الذين يحرضون على ذلك.
محمد- د