الوطن
هل يتدخل بوتفليقة لإنقاذ الإصلاحات والانتخابات؟
خطاب سياسي باهت وسط رفض شعبي للأحزاب السياسية
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 26 أفريل 2012
يوم بعد يوم تثبت الحملة الانتخابية برودتها وبُعد الأحزاب السياسية التي دخلت التشريعيات عن طموحات الشعب، وهو الأمر الذي أكدته يوميات السياسيين الذين أينما حلوا أو ارتحلوا، قُوبلوا بالرفض من قبل جموع المواطنين، وتأكد بلخادم وأويحيى والآخرون أن تهديداتهم للشعب بـ "التصويت أو الناتو" باتت لا تقنع، وعلى الرئيس التدخل لإنقاذ الانتخابات في ظل القطيعة بين الشعب والأحزاب.
وأثبتت خطب الأحزاب السياسية التي تقال في هذا التجمع أو ذاك، أو في هذه الولاية أو تلك، من قبل هذا الحزب أو ذاك، حجم رفض الجزائريين لكل ما يمُت للسياسة والانتخابات بصلة، وجاءت الحملة الانتخابية للتشريعيات التي انطُلق فيها منذ 15 افريل الجاري باهتة وباردة وغير محمسة على الفعل الانتخابي، فالجو العام الذي ساد الحملة منذ 11 يوما يوحي أن الانتخابات التي يعلق عليها آمال تجسيد الاصلاحات الأخيرة على أرض الواقع، وإنقاذ الجزائر من التدخل الأجنبي في حال توتر الأوضاع بفعل نتائجها، قد لا تمر حسب رغبة السلطة في ظل برودة الحملة وفشل زعماء التشكيلات السياسية وحتى القوائم الحرة في تقديم خطاب سياسي مقنع ومشجع على التصويت، وطفت على السطح، من خلال نصوص الخطب الموجهة للجماهير التي تحضر تجمعات الأحزاب عبر مختلف ولايات الوطن، فكرة مفادها أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة غير قابل للنقد أو المساس، فلا حزب سياسي تجرأ على قول كلمة تمس برنامجه أو مشاريعه، وما دون ذلك، تشن هذه الأحزاب حربا ضروسا على كل من شارك في الفساد، وتوجه انتقادات لاذعة للحكومة الحالية ومن سبقها على مدار 50 سنة من الاستقلال، دون إقناع الناخبين الجزائريين بمشاريعها، وساد يقين لدى جل الأحزاب بأن الشعب الجزائري ناقم عليهم وليس على بوتفليقة، والدليل على ذلك الرفض الواسع للسياسيين والانتخابات عموما، هو ما يتعرض له رؤساء التشكيلات السياسية من "بهدلة" أثناء تنشيطهم للتجمعات الشعبية في ولايات الجزائر العميقة، فرئيس حركة حمس أبو جرة سلطاني الذي يتزعم ما سمي بـ "تكتل الجزائر الخضراء" استقبل من طرف سكان قصر البخاري بولاية المدية بكلمة "إرحل"، كما حصل مع الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله الصالح بعد ثورة شعبية سلمية، ولم يسلم سلطاني من قبل سكان قصر البخاري فقط من تلك الكلمة، حيث تعرض للاعتداء عليه، ولعله فهم رسالة المواطنين الذين عبروا عن رفضهم للتكتل الأخضر وخطب السياسيين، ونفس الشيء حصل لسطاني بولاية عنابة، حيث تعرض للطرد من قبل السكان، وحصل ذلك مع الأمينة العامة لحزب العمال التي طردت هي الأخرى من ولاية عنابة وتم إخراجها من القاعة تحت الحراسة المشددة. والأكيد، ومهما قيل من قبل زعماء الأحزاب عن نظرية "المؤامرة" التي تعرضوا لها من قبل "أطراف خفية"، لم يخف الرفض الشعبي لهذه التشريعيات، وينتظر أن تعي الأحزاب ذلك، في وقت أصبح الرهان الأكبر هو "هل ينتخب الشعب أم يرضى بدخول الناتو؟"، هذه الجملة التي يكررها كل حزب أمام مسعى ومرأى الجماهير التي تحضر التجمعات، لكن الحقيقة هي التشريعيات التي يبدو أنها لن تمر هذه المرة كسابقاتها بفعل برودة الحملة الانتخابية والخطاب الباهت للسياسيين، وما على الرئيس بوتفليقة الذي لا يزال يحوز على ثقة الشعب، إلا أن يتدخل لإنقاذ الانتخابات المقبلة من أيدي الأحزاب التي أبعدت الشعب عنها بدل تقريبه، فأي تشريعيات وسط خطاب سياسي أجوف؟