الوطن

استصغار واستخفاف بسعداني

مثقفون بين متخوف وصادع بالرأي

أظهرت التصريحات الأخيرة للأمين العام لحزب جبهة التحري الوطني والتي هاجم فيها مدير الأمن والاستعلامات محمد مدين المدعو الجنرال توفيق، الانقسامات الموجودة بين المثقفين الجزائريين فهناك من اختار الصمت  وآخرون فضلوا الحديث عن القضية فيما كان الطرف الثالث متوجسا من الموضوع، ورفض التصريح نظرا لحساسية الموضوع المتعلق بصراع " عصب " هم في غنى عنه إلى غاية اتضاح الرؤيا. 

 

ذهب الشاعر الجزائر ناصر باكرية الى وجوب وضع التصريحات في سياقها التاريخي والسياسي فالصراع بين السياسي والعسكري ليس وليد اليوم ويعود الى الثورة التحريرية ودعوات تغليب العسكري على السياسي والتي تكللت بسيطرة قادة الجيش الميدانيين على دهاليز الحكم بعد الاستقلال . ويوم اعتلاء الرئيس بوتفليقة سدة الحكم الكل يذكر تلك المعارك الكلامية التي خاضها خينها ورفضه ليكون ثلاثة أرباع رئيس ومنذ ذلك الوقت وهو يحاول تقزيم المؤسسة العسكرية الى غاية رئاسيات 2004 حيث استبعد أقوى الجنرالات الفاعلين ولم يكن حليفه في تلك الحرب إلا مدير جهاز المخابرات الجنرال توفيق ذاته الذي يهاجمه سعيداني وهو ما يعيد طرح أسئلة كثيرة عن حقيقة معارضة الجنرال توفيق للعهدة الرابعة. وتساءل باكرية "من أوعز لسعيداني وما علاقة نائب وزير الدفاع قايد صالح بالأمر، وما علاقة الرئيس أو من أين يستمد سعيداني القوة ليجرؤ على مهاجمة أقوى جهاز في السلطة. وأضاف نجم أمير الشعراء " في رأيي إن تصريحات سعيداني رغم اعتبارها سابقة من نوعها إلا أنها ليست بذلك الحدث الكبير وقد سبق وإن فعل ذلك بوتفليقة في خطاباته وهو الآن يعيدها بلسان سعيداني في سياق الصراع من أجل عهدة رابعة أو فرض خليفة موال للرئيس ومحيطه، وهذه الجعجعة والجلبة التي أحدثها سعيداني بإيعاز ليست إلا إحدى بهارات وتوابل الانتخابات الرئاسية ولا شك أنها لن تمتد ظلالها إلى أبعد من المؤسسات الإعلامية. أما مشروع دولة مدنية فيقول باكرية " مشروع دولة مدنية أو مشروع مجتمع فهي مسألة أبعد من أن يفكر فيه سعيداني ولا توفيق ولا حتى الرئيس ذاته."

وقال الإعلامي والشاعر نصر الدين حديد أن سعداني يخوض حربا بالنيابة لأنه مجرد أداة بين صراع اجنحة في السلطة كل واحدة منها ترفض فرض منطقها على الساحة وقال في هذا الشان" سعداني مجرد بوق من أبواق العهدة الرابعة" وعن خوف المثقفين من الخوض في هكذا مواضيع أضاف حديد" لما يتعلق الأمر بالمخابرات والصراع على السلطة يتراجع المثيرون بما فيهم المثقفون نظرا لحساسية الموقف." وقسم نصر الدين حديد المثقفون الجزائريون إلى ثلاثة أقسام  نوع لجأ إلى الخارج ولعب دور البطولة من خلال انتقاد كل  ما له علاقة بالهوية الوطنية، ونوع ثاني اختار أن يكون بوقا من أبواق النظام أو التزام الصمت، وأخيرا نجد صنفا من المثقفين غير معني بالخوض في هذا الجدال. 

ومن جهة أخرى اتخذ الكثيرون من حساباتهم الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك منبرا للتعبير عن آرائهم حول القضية، حيث انتقد الشاعر المعروف عادل صياد تصريحات سعيداني قائلا "أشتمُّ رائحة "مسيرات عفوية" للتنديد بسعيداني وتصريحاته النارية ضدّ المخابرات (التي أنقذت البلاد من الإرهاب وتكافح الفساد والمفسدين)، وقد تنطلق شرارتها من مدينة الوادي مسقط رأس سعيداني، وقد يكون في مقدّم السائرين عفويا عبد الله المناعي ومحمد محبوب." هذا الآخرون في نفس نسق عادل صياد حين وصفوا تصريحات سعيداني بالسخيفة و التي هي أكبر منه مقارنة بشخصية محمد مدين ولا مجال للمقارنة بين الرجلين لأن سعيداني ليس بالرجل السياسي الذي يرقى لمقارنته بحنكة و خبرة"  توفيق" ، في حين اختارت فئة أخرى الصمت في انتظار ما ستسفر عنه الأيام القادمة واتضاح الرؤيا بشأن القضية مستقبلا.

فيصل.ش 

من نفس القسم الوطن